الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
﴿أمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إبْراهِيمَ الكِتابَ والحِكْمَةَ وآتَيْناهم مُلْكًا عَظِيمًا﴾ [٥٤]
﴿أمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ﴾ مُنْقَطِعَةٌ أيْضًا مُفِيدَةٌ لِلِانْتِقالِ مِن تَوْبِيخِهِمْ بِما سَبَقَ - أعْنِي البُخْلَ - إلى تَوْبِيخِهِمْ بِالحَسَدِ، وهُما شَرُّ الرَّذائِلِ كَما قَدَّمْنا، وكَأَّنَ بَيْنَهُما تَلازُمًا وتَجاذُبًا، واللّامُ في (النّاسَ) لِلْعَهْدِ والإشارَةِ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ والمُؤْمِنِينَ.
ورَوى الطَّبَرانِيُّ بِسَنَدِهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في هَذِهِ الآيَةِ قالَ: نَحْنُ النّاسُ دُونَ النّاسِ، والهَمْزَةُ لِإنْكارِ الواقِعِ واسْتِقْباحِهِ.
(p-١٣٢٧)قالَ الرّازِيُّ: وإنَّما حَسُنَ ذِكْرُ النّاسِ لِإرادَةِ طائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنَ النّاسِ؛ لِأنَّ المَقْصُودَ مِنَ الخَلْقِ إنَّما هو القِيامُ بِالعُبُودِيَّةِ كَما قالَ تَعالى: ﴿وما خَلَقْتُ الجِنَّ والإنْسَ إلا لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] [الذّارِياتِ: ٥٦] فَلَمّا كانَ القائِمُونَ بِهَذا المَقْصُودِ لَيْسَ إلّا مُحَمَّدًا ﷺ ومَن كانَ عَلى دِينِهِ - كانَ هو وأصْحابُهُ كَأنَّهم كُلُّ النّاسِ، فَلِهَذا حَسُنَ إطْلاقُ لَفْظِ (النّاسَ) وإرادَتُهم عَلى التَّعْيِينِ ﴿عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ﴾ وهو النُّبُوَّةُ والكِتابُ والرُّشْدُ وازْدِيادُ العِزِّ والنَّصْرِ يَوْمًا فَيَوْمًا، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَقَدْ آتَيْنا﴾ تَعْلِيلٌ لِلْإنْكارِ والِاسْتِقْباحِ، وإلْزامٌ لَهم بِما هو مُسَلَّمٌ عِنْدَهُمْ، وحَسْمٌ لِمادَّةِ حَسَدِهِمْ واسْتِبْعادِهِمُ المَبْنِيَّيْنِ عَلى تَوَهُّمِ عَدَمِ اسْتِحْقاقِ المَحْسُودِ لِما أُوتِيَ مِنَ الفَضْلِ بِبَيانِ اسْتِحْقاقِهِ لَهُ بِطَرِيقِ الوِراثَةِ كابِرًا عَنْ كابِرٍ، وإجْراءُ الكَلامِ عَلى سُنَنِ الكِبْرِياءِ بِطَرِيقِ الِالتِفاتِ لِإظْهارِ كَمالِ العِنايَةِ بِالأمْرِ، والمَعْنى: إنَّ حَسَدَهُمُ المَذْكُورَ في غايَةِ القُبْحِ والبُطْلانِ؛ فَإنّا قَدْ آتَيْنا مِن قَبْلِ هَذا: ﴿آلَ إبْراهِيمَ﴾ الَّذِينَ هم أسْلافُ مُحَمَّدٍ ﷺ وأبْناءُ أعْمامِهِ: ﴿الكِتابَ والحِكْمَةَ﴾ النُّبُوَّةَ: ﴿وآتَيْناهم مُلْكًا عَظِيمًا﴾ لا يُقادَرُ قَدْرُهُ، فَكَيْفَ يَسْتَبْعِدُونَ نُبُوَّتَهُ ويَحْسُدُونَهُ عَلى إيتائِها؟! أفادَهُ أبُو السُّعُودِ.
قالَ الرّازِيُّ: إنَّ الحَسَدَ لا يَحْصُلُ إلّا عِنْدَ الفَضِيلَةِ، فَكُلَّما كانَتْ فَضِيلَةُ الإنْسانِ أتَمَّ وأكْمَلَ كانَ حَسَدُ الحاسِدِينَ عَلَيْهِ أعْظَمَ، ومَعْلُومٌ أنَّ النُّبُوَّةَ أعْظَمُ المَناصِبِ في الدِّينِ، ثُمَّ إنَّهُ تَعالى أعْطاها لِمُحَمَّدٍ ﷺ وضَمَّ إلَيْها أنَّهُ جَعَلَهُ كُلَّ يَوْمٍ أقْوى دَوْلَةً وأعْظَمَ شَوْكَةً وأكْثَرَ أنْصارًا وأعْوانًا، فَلَمّا كانَتْ هَذِهِ النِّعَمُ سَبَبًا لِحَسَدِ هَؤُلاءِ بَيَّنَ تَعالى ما يَدْفَعُ ذَلِكَ فَقالَ: ﴿فَقَدْ آتَيْنا آلَ إبْراهِيمَ الكِتابَ والحِكْمَةَ وآتَيْناهم مُلْكًا عَظِيمًا﴾ والمَعْنى: أنَّهُ حَصَلَ في أوْلادِ إبْراهِيمَ جَماعَةٌ كَثِيرُونَ جَمَعُوا بَيْنَ النُّبُوَّةِ والمُلْكِ وأنْتُمْ لا تَتَعَجَّبُونَ مِن ذَلِكَ ولا تَحْسُدُونَهُمْ، فَلِمَ تَتَعَجَّبُونَ مِن حالِ مُحَمَّدٍ ﷺ ولِمَ تَحْسُدُونَهُ؟!
{"ayah":"أَمۡ یَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَاۤ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ فَقَدۡ ءَاتَیۡنَاۤ ءَالَ إِبۡرَ ٰهِیمَ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَیۡنَـٰهُم مُّلۡكًا عَظِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق