الباحث القرآني
(p-١١٣٦)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا إنَّما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نارًا وسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [١٠]
﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا﴾ أيْ: عَلى وجْهِ الظُّلْمِ مِنَ الوَرَثَةِ، أوْ أوْلِياءُ السُّوءِ وقُضاتُهُ، بِخِلافِ أكْلِ الفَقِيرِ النّاظِرِ في أمْوالِهِمْ بِقَدْرِ أُجْرَتِهِ، كَما تَقَدَّمَ.
﴿إنَّما يَأْكُلُونَ في بُطُونِهِمْ نارًا﴾ أيْ: ما يَجُرُّ إلى النّارِ ويُؤَدِّي إلَيْها ﴿وسَيَصْلَوْنَ﴾ أيْ: في القِيامَةِ ﴿سَعِيرًا﴾ أيْ: نارًا مُسْتَعِرَةً.
رَوى ابْنُ حِبّانَ فِي: "صَحِيحِهِ " وابْنُ مَرْدُويَهْ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أبِي بَرْزَةَ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: يُبْعَثُ يَوْمَ القِيامَةِ قَوْمٌ مِن قُبُورِهِمْ تَأجَّجُ أفْواهُهم نارًا قِيلَ: يا رَسُولَ اللَّهِ! مَن هُمْ؟ قالَ: ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ قالَ: ﴿إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أمْوالَ اليَتامى ظُلْمًا﴾ الآيَةَ».
لَطِيفَةٌ:
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: في بُطُونِهِمْ، أيْ: مَلْءَ بُطُونِهِمْ، يُقالُ: أكَلَ فُلانٌ في بَطْنِهِ وفي بَعْضِ بَطْنِهِ، قالَ الشّاعِرُ:
؎كُلُوا في بَعْضٍ بَطْنِكُمُو تَعُفُّوا فَإنَّ زَمانَكم زَمَنٌ خَمِيصُ
قالَ النّاصِرُ: ومِثْلُهُ: قَدْ بَدَتِ البَغْضاءُ مِن أفْواهِهِمْ أيْ: شَرَقُوا بِها وقالُوها بِمَلْءِ أفْواهِهِمْ، ويَكُونُ المُرادُ بِذِكْرِ البُطُونِ تَصْوِيرَ الأكْلِ لِلسّامِعِ حَتّى يَتَأكَّدَ عِنْدَهُ بَشاعَةُ هَذا الجُرْمُ بِمَزِيدِ تَصْوِيرٍ، ولِأجْلِ تَأْكِيدِ التَّشْنِيعِ عَلى الظّالِمِ لِلْيَتِيمِ في مالِهِ خُصَّ الأكْلُ؛ لِأنَّهُ أبْشَعُ الأحْوالِ الَّتِي يُتَناوَلُ مالُ اليَتِيمِ فِيها، واللَّهُ أعْلَمُ.
* * *
(p-١١٣٧)تَنْبِيهٌ:
رَوى أبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ والحاكِمُ وغَيْرُهم أنَّهُ لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ انْطَلَقَ مَن كانَ عِنْدَهُ يَتِيمٌ فَعَزَلَ طَعامَهُ مِن طَعامِهِ، وشَرابَهُ مِن شَرابِهِ، فَجَعَلَ يَفْضُلُ لَهُ الشَّيْءُ مِن طَعامِهِ فَيَحْبِسُ لَهُ حَتّى يَأْكُلَهُ أوْ يَفْسَدَ، فاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَأنْزَلَ اللَّهُ تَعالى: ﴿ويَسْألُونَكَ عَنِ اليَتامى قُلْ إصْلاحٌ لَهم خَيْرٌ﴾ [البقرة: ٢٢٠] [البَقَرَةِ: مِنَ الآيَةِ ٢٢٠] الآيَةَ، فَخَلَطُوا طَعامَهم بِطَعامِهِ وشَرابَهم بِشَرابِهِ، وقَدْ مَضى ذَلِكَ في سُورَةِ البَقَرَةِ.
قالَ الرّازِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: ومِنَ الجُهّالِ مَن قالَ: صارَتْ هَذِهِ الآيَةُ مَنسُوخَةً بِتِلْكَ، وهو بَعِيدٌ؛ لِأنَّ هَذِهِ الآيَةَ في المَنعِ مِنَ الظُّلْمِ، وهَذا لا يَصِيرُ مَنسُوخًا بِتِلْكَ، بَلِ المَقْصُودُ أنَّ مُخالَطَةَ أمْوالِ اليَتامى - إنَّ كانَ عَلى سَبِيلِ الظُّلْمِ - فَهو مِن أعْظَمِ أبْوابِ الإثْمِ، كَما في هَذِهِ الآيَةِ، وإنْ كانَ عَلى سَبِيلِ التَّرْبِيَةِ والإحْسانِ فَهو مِن أعْظَمِ أبْوابِ البِرِّ، كَما في قَوْلِهِ: ﴿وإنْ تُخالِطُوهم فَإخْوانُكُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٠]
وقالَ رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ: ما أشَدَّ دَلالَةَ هَذا الوَعِيدِ عَلى سَعَةِ رَحْمَتِهِ تَعالى وكَثْرَةِ عَفْوِهِ وفَضْلِهِ؛ لِأنَّ اليَتامى لَمّا بَلَغُوا في الضَّعْفِ إلى الغايَةِ القُصْوى بَلَغَتْ عِنايَةُ اللَّهِ بِهِمْ إلى الغايَةِ القُصْوى.
{"ayah":"إِنَّ ٱلَّذِینَ یَأۡكُلُونَ أَمۡوَ ٰلَ ٱلۡیَتَـٰمَىٰ ظُلۡمًا إِنَّمَا یَأۡكُلُونَ فِی بُطُونِهِمۡ نَارࣰاۖ وَسَیَصۡلَوۡنَ سَعِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











