الباحث القرآني
(p-٥١٣٠)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ٨ - ٩] ﴿وإذا مَسَّ الإنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيبًا إلَيْهِ ثُمَّ إذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُو إلَيْهِ مِن قَبْلُ وجَعَلَ لِلَّهِ أنْدادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلا إنَّكَ مِن أصْحابِ النّارِ﴾ ﴿أمَّنْ هو قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِدًا وقائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ ويَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبابِ﴾ [الزمر: ٩]
﴿وإذا مَسَّ﴾ أيْ: أصابَ: ﴿الإنْسانَ ضُرٌّ﴾ أيْ: شِدَّةٌ وبَلاءٌ: ﴿دَعا رَبَّهُ مُنِيبًا إلَيْهِ﴾ أيِ: ابْتَهَلَ إلَيْهِ بِرَفْعِ الشِّدَّةِ والبَلاءِ عَنْهُ، مُقْبِلًا إلَيْهِ بِالدُّعاءِ والتَّضَرُّعِ: ﴿ثُمَّ إذا خَوَّلَهُ﴾ أيْ: أعْطاهُ: ﴿نِعْمَةً مِنهُ نَسِيَ ما كانَ يَدْعُو إلَيْهِ مِن قَبْلُ﴾ أيْ: نَسِيَ الضُّرَّ الَّذِي كانَ يَدْعُو اللَّهَ إلى كَشْفِهِ مِن قَبْلِ النِّعْمَةِ. وقِيلَ: نَسِيَ رَبَّهُ الَّذِي كانَ يَتَضَرَّعُ إلَيْهِ، ويَبْتَهِلُ إلَيْهِ. فَ: (ما) بِمَعْنى (مَن)، أُقِيمَتْ مَقامَها لِقَصْدِ الدُّعاءِ الوَصْفِيِّ، ولِما في (ما) مِنَ الإبْهامِ والتَّفْخِيمِ ﴿وجَعَلَ لِلَّهِ أنْدادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ أيْ: يَصُدُّ النّاسَ عَنْ دِينِهِ وطاعَتِهِ: ﴿قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ﴾ أيْ: عِشْ بِهِ: ﴿قَلِيلا﴾ أيْ: يَسِيرًا في الدُّنْيا.
﴿إنَّكَ مِن أصْحابِ النّارِ﴾ ﴿أمَّنْ هو قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِدًا وقائِمًا﴾ [الزمر: ٩] أيْ: مُتَعَبِّدًا في ساعاتِهِ يَقْطَعُها في السُّجُودِ والقِيامِ: ﴿يَحْذَرُ الآخِرَةَ﴾ [الزمر: ٩] أيْ: عِقابَها: ﴿ويَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٩] أيْ: جَنَّتَهُ ورِضْوانَهُ، أيْ: أهَذا أفْضَلُ أمْ ذاكَ الكافِرُ الجاحِدُ النّاسِي لِرَبِّهِ؟: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩] أيْ: تَوْحِيدَهُ، وأمْرَهُ، ونَهْيَهُ في الثَّوابِ والطّاعَةِ: ﴿والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: ٩] أيْ: لا يَسْتَوِيانِ.
(p-٥١٣١)تَنْبِيهاتٌ:
الأوَّلُ: في الآيَةِ اسْتِحْبابُ قِيامِ اللَّيْلِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: آناءَ اللَّيْلِ: جَوْفَ اللَّيْلِ. وقالَ الحَسَنُ: ساعاتُهُ أوَّلُهُ، ووَسَطُهُ، وآخِرُهُ.
الثّانِي: في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿يَحْذَرُ الآخِرَةَ ويَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾ [الزمر: ٩] رَدٌّ عَلى مَن ذَمَّ العِبادَةَ خَوْفًا مِنَ النّارِ، أوْ رَجاءَ الجَنَّةِ. وقالَ ﷺ ««حَوْلَها نُدَنْدِنُ»» .
الثّالِثُ: في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هَلْ يَسْتَوِي﴾ [الزمر: ٩] الآيَةَ... مَدْحُ العِلْمِ، ورِفْعَةُ قَدْرِهِ، وذَمُّ الجَهْلِ، ونَقْصُهُ. وقَدْ يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلى أنَّ الجاهِلَ لا يُكافِئُ العالِمَةَ، كَما أنَّهُ لا يُكافِئُ بِنْتَ العالِمِ، أفادَهُ في (الإكْلِيلِ).
وفِي الآيَةِ أيْضًا إشْعارٌ بِأنَّ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ هُمُ العامِلُونَ بِعِلْمِهِمْ؛ إذْ عَبَّرَ عَنْهم أوَّلًا بِ: (القانِتِ)، ثُمَّ نَفى المُساواةَ بَيْنَهُ وبَيْنَ غَيْرِهِ، لِيَكُونَ تَأْكِيدًا لَهُ، وتَصْرِيحًا بِأنَّ غَيْرَ العالِمِ كَأنْ لَيْسَ بِعالِمٍ.
قالَ القاشانِيُّ: وإنَّما كانَ المُطِيعُ هو العالِمَ؛ لِأنَّ العِلْمَ هو الَّذِي رَسَخَ في القَلْبِ، وتَأصَّلَ بِعُرُوقِهِ في النَّفْسِ، بِحَيْثُ لا يُمْكِنُ صاحِبَهُ مُخالَفَتُهُ، بَلْ سِيطَ بِاللَّحْمِ والدَّمِ، فَظَهَرَ أثَرُهُ في الأعْضاءِ لا يَنْفَكُّ شَيْءٌ مِنها عَنْ مُقْتَضاهُ، وأمّا المُرْتَسِمُ في حَيِّزِ التَّخَيُّلِ، بِحَيْثُ يُمْكِنُ ذُهُولُ النَّفْسِ عَنْهُ، وعَنْ مُقْتَضاهُ، فَلَيْسَ بِعِلْمٍ. إنَّما هو أمْرٌ تَصَوُّرِيٌّ وتَخَيُّلٌ عارِضٌ لا يَلْبَثُ، بَلْ يَزُولُ سَرِيعًا، لا يَغْذُو القَلْبَ، ولا يُسْمِنُ، ولا يُغْنِي مِن جُوعٍ: ﴿إنَّما يَتَذَكَّرُ﴾ [الزمر: ٩] أيْ: يَتَّعِظُ بِهَذا الذِّكْرِ: ﴿أُولُو الألْبابِ﴾ [الزمر: ٩] أيِ: العُقُولِ الصّافِيَةِ عَنْ قِشْرِ التَّخَيُّلِ والوَهْمِ، لِتَحَقُّقِها بِالعِلْمِ الرّاسِخِ الَّذِي يَتَأثَّرُ بِهِ الظّاهِرُ، وأمّا المَشُوبَةُ بِالوَهْمِ فَلا تَتَذَكَّرُ ولا تَتَحَقَّقُ بِهَذا العِلْمِ ولا تَعِيهِ.
{"ayahs_start":8,"ayahs":["۞ وَإِذَا مَسَّ ٱلۡإِنسَـٰنَ ضُرࣱّ دَعَا رَبَّهُۥ مُنِیبًا إِلَیۡهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُۥ نِعۡمَةࣰ مِّنۡهُ نَسِیَ مَا كَانَ یَدۡعُوۤا۟ إِلَیۡهِ مِن قَبۡلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادࣰا لِّیُضِلَّ عَن سَبِیلِهِۦۚ قُلۡ تَمَتَّعۡ بِكُفۡرِكَ قَلِیلًا إِنَّكَ مِنۡ أَصۡحَـٰبِ ٱلنَّارِ","أَمَّنۡ هُوَ قَـٰنِتٌ ءَانَاۤءَ ٱلَّیۡلِ سَاجِدࣰا وَقَاۤىِٕمࣰا یَحۡذَرُ ٱلۡـَٔاخِرَةَ وَیَرۡجُوا۟ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلَّذِینَ یَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا یَتَذَكَّرُ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ"],"ayah":"أَمَّنۡ هُوَ قَـٰنِتٌ ءَانَاۤءَ ٱلَّیۡلِ سَاجِدࣰا وَقَاۤىِٕمࣰا یَحۡذَرُ ٱلۡـَٔاخِرَةَ وَیَرۡجُوا۟ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ یَسۡتَوِی ٱلَّذِینَ یَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِینَ لَا یَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا یَتَذَكَّرُ أُو۟لُوا۟ ٱلۡأَلۡبَـٰبِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











