الباحث القرآني
(p-٥٠٢٤)سُورَةُ اَلصّافّاتِ
سُمِّيَتْ بِها لِاشْتِمالِ اَلْآيَةِ اَلَّتِي هي فِيها عَلى صِفاتٍ لِلْمَلائِكَةِ تَنْفِي إلَهِيَّةِ اَلْمَلائِكَةِ مِنَ اَلْجِهاتِ اَلْمُوهِمَةِ لَها فِيهِمْ. فَيَنْتَفِي بِذَلِكَ إلَهِيَّةِ ما دُونَهُمْ، فَيَدُلُّ عَلى تَوْحِيدِ اَللَّهِ، وهو مِن أعْظَمِ مَقاصِدِ اَلْقُرْآنِ. قالَهُ اَلْمَهايِمِيُّ.
وهِيَ مَكِّيَّةٌ اِتِّفاقًا، وآيُها مِائَةٌ واثْنَتانِ وثَمانُونَ.
رَوى اَلنَّسائِيُّ عَنْ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُما قالَ: «كانَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَأْمُرُنا بِالتَّخْفِيفِ، ويَؤُمُّنا بِالصّافّاتِ»
. قالَ اِبْنُ كَثِيرٍ: تَفَرَّدَ بِهِ اَلنَّسائِيُّ.
(p-٥٠٢٥)بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ١ - ٤ ] ﴿والصّافّاتِ صَفًّا﴾ ﴿فالزّاجِراتِ زَجْرًا﴾ [الصافات: ٢] ﴿فالتّالِياتِ ذِكْرًا﴾ [الصافات: ٣] ﴿إنَّ إلَهَكم لَواحِدٌ﴾ [الصافات: ٤] .
﴿والصّافّاتِ صَفًّا﴾ ﴿فالزّاجِراتِ زَجْرًا﴾ [الصافات: ٢] ﴿فالتّالِياتِ ذِكْرًا﴾ [الصافات: ٣] ﴿إنَّ إلَهَكم لَواحِدٌ﴾ [الصافات: ٤] اِفْتَتَحَ تَعالى هَذِهِ اَلسُّورَةَ بِالقَسَمِ بِبَعْضِ مَخْلُوقاتِهِ، إظْهارًا لِعِظَمِ شَأْنِها وكِبَرِ فَوائِدِها، وتَنْبِيهًا إلى اَلِاعْتِبارِ بِصِفَتِها وما تَسْتَدْعِيهِ مِن سِمَتِها. (والصّافّاتِ): جَمْعُ صافَّةٍ، أيْ: طائِفَةٍ صافَّةٍ، أوْ جَماعَةٍ صافَّةٍ.
فَيَكُونُ في اَلْمَعْنى جَمْعُ اَلْجَمْعِ، أوْ عَلى تَأْنِيثِ مُفْرَدَهِ، بِاعْتِبارٍ أنَّهُ ذاتٌ ونَفْسٌ. والمُرادُ بِالصّافّاتِ اَلْمَلائِكَةُ؛ لِقِيامِها مُصْطَفَّةً في مَقامِ اَلْعُبُودِيَّةِ لِمالِكِ اَلْمُلْكِ. مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وإنّا لَنَحْنُ الصّافُّونَ﴾ [الصافات: ١٦٥] أوْ لِصَفِّها أجْنِحَتِها في اَلْهَواءِ واقِفَةً مُنْتَظِرَةً لِأمْرِ اَللَّهِ تَعالى. و: { اَلزّاجِراتِ } أيِ: اَلنّاسَ عَنِ اَلْمَعاصِي، بِإلْهامِ اَلْخَيْرِ، مِنَ (اَلزَّجْرِ) بِمَعْنى اَلْمَنعِ والنَّهْيِ، أوِ اَلزّاجِراتِ اَلْأجْرامِ اَلْعُلْوِيَّةِ والسُّفْلِيَّةِ بِالتَّدْبِيرِ اَلْمَأْمُورِ بِهِ. مِنَ (اَلزَّجْرِ) بِمَعْنى اَلسَّوْقِ والحَثِّ. والتّالِياتِ، أيْ: آياتِهِ تَعالى عَلى أنْبِيائِهِ عَلَيْهِمُ اَلسَّلامُ.
وقِيلَ: اَلصّافّاتُ اَلطَّيْرُ. مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿والطَّيْرُ صافّاتٍ﴾ [النور: ٤١] والزّاجِراتُ: كُلُّ ما زَجَرَ عَنْ مَعاصِي اَللَّهِ. (والتّالِياتُ): كُلُّ مَن تَلا كِتابَ اَللَّهِ.
أوْ هُمُ اَلْعُلَماءُ اَلصّافُّونَ في اَلْعِباداتِ أقْدامَهُمُ، اَلزّاجِرُونَ عَنِ اَلْكُفْرِ، والفُسُوقِ بِالحُجَجِ، والنَّصائِحِ، اَلتّالُونَ آياتَ اَللَّهِ وشَرائِعَهُ.
أوْ هُمُ اَلْغُزاةُ اَلصّافُّونَ في اَلْجِهادِ، والزّاجِرُونَ اَلْخَيْلَ أوِ اَلْعَدُوَّ، اَلتّالُونَ لِذِكْرِ اَللَّهِ، لا يَشْغَلُهم فِيها عَنْهُ مُبارَزَةُ اَلْعَدُوِّ. وقَدْ ذُكِرَ (p-٥٠٢٦)غَيْرُ هَذا، مِمّا يَشْمَلُهُ اَللَّفْظُ ولا يَأْباهُ. وبِالجُمْلَةِ، فالعَطْفُ إمّا لِاخْتِلافِ اَلذَّواتِ أوِ اَلصِّفاتِ. وإيثارُ اَلْفاءِ عَلى (اَلْواوِ)؛ لِقَصْدِ اَلتَّرْتِيبِ والتَّفاضُلِ طَرْدًا أوْ عَكْسًا، أمّا اَلْأوَّلُ فاعْتِناءً بِالأهَمِّ فالأهَمِّ. وأمّا اَلثّانِي فالتَّرَقِّي إلى اَلْأعْلى. و(صَفًّا)، و(زَجْرًا)، مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ، وكَذا (ذِكْرًا)، ويَجُوزُ فِيهِ كَوْنُهُ مَفْعُولًا بِهِ. قالَ النّاصِرُ: وفي هَذِهِ اَلْآيَةِ دَلالَةٌ عَلى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ، والخَلِيلِ في مِثْلِ: ﴿واللَّيْلِ إذا يَغْشى﴾ [الليل: ١] ﴿والنَّهارِ إذا تَجَلّى﴾ [الليل: ٢] فَإنَّهُما يَقُولانِ: اَلْواوُ اَلثّانِيَةُ وما بَعْدَها عَواطِفُ. وغَيْرُهُما يَذْهَبُ إلى أنَّها حُرُوفُ قَسَمٍ. فَوُقُوعُ اَلْفاءِ في هَذِهِ اَلْآيَةِ مَوْقِعَ اَلْواوِ. والمَعْنى واحِدٌ، إلّا أنَّ ما تَزِيدُهُ اَلْفاءُ مِن تَرْتِيبِها، دَلِيلٌ واضِحٌ عَلى أنَّ اَلْواوَ اَلْواقِعَةَ في مِثْلِ هَذا اَلسِّياقِ، لِلْعَطْفِ لا لِلْقَسَمِ. اِنْتَهى.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ إلَهَكم لَواحِدٌ﴾ [الصافات: ٤] اَلْجَوابُ لِلْقَسَمِ، وفي تَأْكِيدِ اَلْمُقْسَمِ عَلَيْهِ بِتَقْدِيمِ اَلْإقْسامِ وتَوْكِيدِ اَلْجُمْلَةِ، اِهْتِمامٌ بِهِ بِتَحْقِيقِ اَلْحَقِّ فِيهِ اَلَّذِي هو اَلتَّوْحِيدُ، وتَمْهِيدٌ لِما يَعْقُبُهُ مِنَ اَلْبُرْهانِ اَلنّاطِقِ بِهِ، وهو قَوْلُهُ تَعالى:
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلصَّـٰۤفَّـٰتِ صَفࣰّا","فَٱلزَّ ٰجِرَ ٰتِ زَجۡرࣰا","فَٱلتَّـٰلِیَـٰتِ ذِكۡرًا","إِنَّ إِلَـٰهَكُمۡ لَوَ ٰحِدࣱ"],"ayah":"فَٱلتَّـٰلِیَـٰتِ ذِكۡرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق