الباحث القرآني

(p-٤٩٧١)سُورَةُ فاطِرٍ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِما جاءَ فِيها مِن خَلْقِ اَلْمَلائِكَةِ، وجَعْلِهِمْ ذَوِي أجْنِحَةٍ مُتَنَوِّعَةٍ في اَلْعَدَدِ، اَلدّالِّ عَلى عَجِيبِ صُنْعِهِ تَعالى وباهِرِ قُدْرَتِهِ. وقالَ المُهايِمِيُّ: سُمِّيَتْ بِها لِاشْتِمالِها عَلى بَيانِ تَفْصِيلِ رِسالَتِهِمْ، مِن جِهَةِ أخْذِهِمُ اَلْفَيْضَ عَنِ اَللَّهِ، وإيصالِهِ إلى خَلْقِهِ، مِن جِهَةٍ أوْ جِهَتَيْنِ أوْ ثَلاثٍ أوْ أكْثَرَ. لِيُشْعِرَ أنَّ اَلرِّسالَةَ اَلْعامَّةَ لَهُمْ، إذا كانَتْ كَذَلِكَ، فَكَيْفَ اَلرِّسالَةُ اَلْخاصَّةُ؟ مِثْلُ إنْزالِ اَلْقُرْآنِ. فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ لَهُ جِهاتٌ كَثِيرَةٌ. وقَدْ رُوِيَ أنَّهُ كانَ لِجِبْرِيلَ سِتُّمِائَةِ جَناحٍ. اِنْتَهى. وتُسَمّى هَذِهِ اَلسُّورَةُ سُورَةَ (فاطِرٍ) لِذِكْرِ هَذا اَلِاسْمِ اَلْجَلِيلِ والنَّعْتِ اَلْجَمِيلِ في طَلِيعَتِها. وهَذِهِ اَلسُّورَةُ خِتامُ اَلسُّوَرِ اَلْمُفْتَتَحَةِ بِالحَمْدِ، اَلَّتِي فُصِّلَتْ فِيها اَلنِّعَمُ اَلْأرْبَعُ، اَلَّتِي هي مَجامِعُ اَلنِّعَمِ. لِأنَّ نِعَمَ اَللَّهِ تَعالى قِسْمانِ: عاجِلَةٌ وآجِلَةٌ. والعاجِلَةُ وُجُودٌ وبَقاءٌ، والآجِلَةُ كَذَلِكَ إيجادٌ مَرَّةً وإبْقاءٌ أُخْرى. كَما بَيَّنَهُ اَلرّازِيُّ. (p-٤٩٧٢)بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١ - ٢ ] ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ والأرْضِ جاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أجْنِحَةٍ مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ يَزِيدُ في الخَلْقِ ما يَشاءُ إنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ﴿ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنّاسِ مِن رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [فاطر: ٢] . ﴿الحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ والأرْضِ﴾ أيْ: مُبْتَدِئُها ومُبْدِعُها مِن غَيْرِ سَبْقِ مَثَلٍ ومادَّةٍ: ﴿جاعِلِ المَلائِكَةِ رُسُلا أُولِي أجْنِحَةٍ مَثْنى وثُلاثَ ورُباعَ﴾ أيْ: ذَوِي أجْنِحَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ مُتَفاوِتَةٍ في اَلْعَدَدِ، حَسْبَ تَفاوُتِ ما لَهم مِنَ اَلْمَراتِبِ، يَنْزِلُونَ بِها، ويَعْرُجُونَ، أوْ يُسْرِعُونَ بِها. وفِي اَلصَّحِيحِ: ««أنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ رَأى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ اَلسَّلامُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ، ولَهُ سِتُّمِائَةِ جَناحٍ»» . ولِهَذا قالَ سُبْحانَهُ: ﴿يَزِيدُ في الخَلْقِ ما يَشاءُ﴾ أيْ: يَزِيدُ في خَلْقِ اَلْأجْنِحَةِ وغَيْرِهِ ما يَشاءُ، مِمّا تَقْتَضِيهِ حِكْمَتُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ ﴿ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنّاسِ مِن رَحْمَةٍ﴾ [فاطر: ٢] أيْ: نِعْمَةٍ سَماوِيَّةٍ كانَتْ أوْ أرْضِيَّةٍ: ﴿فَلا مُمْسِكَ لَها﴾ [فاطر: ٢] أيْ: لا أحَدَ يَقْدِرُ عَلى إمْساكِها: ﴿وما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ﴾ [فاطر: ٢] أيْ: مِن بَعْدِ إمْساكِهِ: ﴿وهُوَ العَزِيزُ﴾ [فاطر: ٢] اَلْغالِبُ عَلى كُلِّ ما يَشاءُ: ﴿الحَكِيمُ﴾ [فاطر: ٢] أيْ: في أمْرِهِ وصُنْعِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب