الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٢٥ ] ﴿قُلْ لا تُسْألُونَ عَمّا أجْرَمْنا ولا نُسْألُ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ . ﴿قُلْ لا تُسْألُونَ عَمّا أجْرَمْنا ولا نُسْألُ عَمّا تَعْمَلُونَ﴾ أيْ: قُلْ لِهَؤُلاءِ اَلْمُشْرِكِينَ: لا تُسْئَلُونَ عَمّا أجْرَمْنا مِن جُرْمٍ، ورَكِبْنا مِن إثْمٍ، ولا نُسْئَلُ نَحْنُ عَمّا تَعْمَلُونَ مِن عَمَلٍ. قالَ اِبْنُ كَثِيرٍ: مَعْناهُ اَلتَّبَرِّي مِنهم. أيْ: لَسْتُمْ مِنّا ولا نَحْنُ مِنكُمْ، بَلْ نَدْعُوكم إلى اَللَّهِ تَعالى وإلى تَوْحِيدِهِ، ولِإفْرادِ اَلْعِبادَةِ لَهُ، فَإنْ أجَبْتُمْ فَأنْتُمْ مِنّا ونَحْنُ مِنكُمْ، وإنْ كَذَّبْتُمْ فَنَحْنُ بَراءٌ مِنكم وأنْتُمْ بَراءٌ مِنّا. كَما قالَ تَعالى: ﴿وإنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي ولَكم عَمَلُكم أنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمّا أعْمَلُ وأنا بَرِيءٌ مِمّا تَعْمَلُونَ﴾ [يونس: ٤١] وقَوْلُهُ: ﴿قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ﴾ [الكافرون: ١] ﴿لا أعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ﴾ [الكافرون: ٢] ﴿ولا أنْتُمْ عابِدُونَ ما أعْبُدُ﴾ [الكافرون: ٣] اَلسُّورَةِ. اِنْتَهى. وما ذَكَرَهُ مَعْنى دَقِيقٌ، قَلَّ مَن يَتَفَطَّنُ لَهُ، أُسَمِّيهِ اَلتَّفْسِيرَ بِالأشْباهِ والنَّظائِرِ، وهو حَمْلُ آيَةٍ مُوجَزَةٍ أوْ مُجْمَلَةٍ عَلى آيَةٍ تُشْبِهُها مُطَوَّلَةٍ أوْ مُبَيَّنَةٍ، ولا يُدْرِكُ هَذا إلّا اَلرّاسِخُ في فَنِّ اَلتَّأْوِيلِ، اَلْوَلِعِ بِتَدَبُّرِ اَلتَّنْزِيلِ، ومِن لَطائِفِ اَلْآيَةِ ما ذَكَرَهُ اَلزَّمَخْشَرِيُّ والمُنْتَصِفُ، مِن أنَّ هَذا اَلْقَوْلَ أدْخَلُ في اَلْإنْصافِ مِنَ اَلْأوَّلِ، حَيْثُ أسْنَدَ اَلْإجْرامَ إلى اَلنَّفْسِ، وأرادَ بِهِ اَلزَّلّاتِ والصَّغائِرَ اَلَّتِي لا يَخْلُو عَنْها مُؤْمِنٌ، وأسْنَدَ اَلْعَمَلَ إلى اَلْمُخاطَبِينَ، وأرادَ بِهِ اَلْكُفْرَ والمَعاصِيَ والكَبائِرَ. فَعَبَّرَ عَنِ اَلْهَفَواتِ بِما يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ اَلْعَظائِمِ، وعَنِ اَلْعَظائِمِ بِما يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ اَلْهَفَواتِ، اِلْتِزامًا لِلْإنْصافِ، وزِيادَةً عَلى ذَلِكَ، أنَّهُ ذَكَرَ اَلْإجْرامَ اَلْمَنسُوبَ إلى اَلنَّفْسِ بِصِيغَةِ اَلْماضِي، اَلَّذِي يُعْطِي تَحْقِيقَ اَلْمَعْنى، وعَنِ اَلْعَمَلِ اَلْمَنسُوبِ إلى اَلْخَصْمِ بِما لا يُعْطِي ذَلِكَ. واللَّهُ أعْلَمُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب