الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٧١] ﴿يُصْلِحْ لَكم أعْمالَكم ويَغْفِرْ لَكم ذُنُوبَكم ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ . (p-٤٩٢٣)﴿يُصْلِحْ لَكم أعْمالَكُمْ﴾ أيْ: بِإمْدادِ الصَّلاحِ والكَمالاتِ والفَضائِلِ عَلَيْكُمْ؛ لِأنَّهُ لا يَصِحُّ عَمَلٌ ما بِدُونِ الصِّدْقِ أصْلًا. وبِهِ يَصْلُحُ كُلُّ عَمَلٍ: ﴿ويَغْفِرْ لَكم ذُنُوبَكُمْ﴾ أيْ: ويَجْعَلُها مُكَفَّرَةً بِاسْتِقامَتِكم في القَوْلِ والعَمَلِ؛ فَإنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ: ﴿ومَن يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ﴾ أيْ: في الأوامِرِ والنَّواهِي الَّتِي مِن جُمْلَتِها هَذِهِ التَّشْرِيعاتُ: ﴿فَقَدْ فازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ أيْ: في الدّارَيْنِ. وقالَ القاشانِيُّ: أيْ: فازَ بِالتَّحْلِيَةِ والِاتِّصافِ بِالصِّفاتِ الإلَهِيَّةِ، وهو الفَوْزُ العَظِيمُ. تَنْبِيهٌ: قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: المُرادُ نَهْيُهم عَمّا خاضُوا فِيهِ مِن حَدِيثِ زَيْنَبَ مِن غَيْرِ قَصْدٍ وعَدْلٍ في القَوْلِ، والبَعْثُ عَلى أنْ يَسِدَّ قَوْلُهم في كُلِّ بابٍ؛ لِأنَّ حِفْظَ اللِّسانِ وسَدادَ القَوْلِ رَأْسُ الخَيْرِ كُلِّهِ، وهَذِهِ الآيَةُ مُقَرِّرَةٌ لِلَّتِي قَبْلَها؛ بُنِيَتْ تِلْكَ عَلى النَّهْيِ عَمّا يُؤْذِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وهَذِهِ عَلى الأمْرِ بِاتِّقاءِ اللَّهِ تَعالى في حِفْظِ اللِّسانِ، لِيَتَرادَفَ عَلَيْهِمُ النَّهْيُ والأمْرُ، مَعَ إتْباعِ النَّهْيِ ما يَتَضَمَّنُ الوَعِيدَ مِن قِصَّةِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وإتْباعِ الأمْرِ الوَعْدَ البَلِيغَ، فَيَقْوى الصّارِفُ عَنِ الأذى والدّاعِي إلى تَرْكِهِ. انْتَهى. ولَكَ أنْ تَضُمَّ إلى المُرادِ مِنَ الآيَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ، مُرادًا آخَرَ، وهو نَهْيُهم أيْضًا عَمّا خاضَ فِيهِ المُنافِقُونَ مِنَ التَّعْوِيقِ والتَّثْبِيطِ وبَثِّ الأراجِيفِ في غَزْوَةِ الأحْزابِ، المُتَقَدِّمَةِ أوائِلَ السُّورَةِ وبِالجُمْلَةِ، فالسِّياقُ يَشْمَلُ ذَيْنَكَ وغَيْرَهُما إلّا أنَّ الَّذِي يُراعى أوَّلًا، هو ما كانَ التَّنْزِيلُ لِأجْلِهِ، وذَلِكَ ما ذُكِرَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب