الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٥٢] ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِن بَعْدُ ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِن أزْواجٍ ولَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إلا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا﴾ .
(p-٤٨٨٩)﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِن بَعْدُ﴾ أيْ: مِن بَعْدِ النِّساءِ اللّاتِي نَصَّ إحْلالَهُنَّ لَكَ في الآيَةِ قَبْلُ. وانْظُرْ إلى تَكْرِيمِهِ تَعالى لِنَبِيِّهِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ لَهُ: وحُرِّمَ عَلَيْكَ ما وراءَ ذَلِكَ. كَما خاطَبَ المُؤْمِنِينَ بِنَظِيرِهِ، لِتَعْلَمَ كَيْفَ تَتَفاوَتُ النّاسُ بِالخِطابِ تَفاوُتَهم في رَفِيعِ الدَّرَجاتِ.
ولَمْ أرَ أحَدًا نَبَّهَ عَلى ذَلِكَ، فاحْرِصْ عَلَيْهِ فِيهِ، وفي أمْثالِهِ.
قالَ مُجاهِدٌ في الآيَةِ: أيْ: لا يَحِلُّ لَكَ يَهُودِيَّةٌ ولا نَصْرانِيَّةٌ ولا كافِرَةٌ: ﴿ولا أنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِن أزْواجٍ ولَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إلا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ﴾ أيْ: فَلَكَ التَّسَرِّي بِهِنَّ وإنْ كُنَّ كِتابِيّاتٍ أوْ مُشْرِكاتٍ؛ لِأنَّهُ لَيْسَ لَهُنَّ ما لِلْحَرائِرِ: ﴿وكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيبًا﴾ أيْ: حَيْثُ أحَلَّ ما أحَلَّ، وحَظَرَ ما حَظَرَ لِلنَّبِيِّ ولِلْأُمَّةِ، في بَيانٍ لا خَفاءَ مَعَهُ، وحِكْمَةٍ لا حَيْفَ مَعَها. وقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ المُفَسِّرِينَ إلى أنَّ مَعْنى الآيَةِ هو حَظْرُ نِكاحِ ما بَعْدَ التِّسْعِ اللّاتِي عِنْدَهُ ﷺ، وأنَّ التِّسْعَ نِصابُهُ كالأرْبَعِ لِغَيْرِهِ، وأنَّ ذَلِكَ جَزاءٌ لِاخْتِيارِهِنَّ إيّاهُ لَمّا خَيَّرَهُنَّ؛ كَما تَقَدَّمَ في الآيَةِ، ثُمَّ قالُوا إنَّهُ تَعالى رَفَعَ الحَرَجَ عَنْهُ في ذَلِكَ، ونَسَخَ حُكْمَ هَذِهِ الآيَةِ، وأباحَ لَهُ التَّزَوُّجَ، لَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ إتْمامًا لِلْمِنَّةِ عَلَيْهِنَّ. ومِنهم مَن قالَ إنَّها مُحْكَمَةٌ. وكُلُّ ذَلِكَ لا بُرْهانَ مَعَهُ، وتَفْكِيكٌ لِلْمَعْنى، وغَفْلَةٌ عَنْ سِرِّ تَكْرِيمِهِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بِمَقْصُودِ الخِطابِ، وقَدْ وهَمَ في هَذا المَعْنى زِيادٌ -رَجُلٌ مِنَ الأنْصارِ- فَرَدَّهُ أُبَيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إلى صَوابِ المَعْنى؛ وذَلِكَ فِيما رَواهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أحْمَدَ وابْنُ جَرِيرٍ أنَّ زِيادًا قالَ لِأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أرَأيْتَ لَوْ أنَّ أزْواجَ النَّبِيِّ ﷺ تُوُفِّينَ، أما كانَ لَهُ أنْ يَتَزَوَّجَ؟ فَقالَ: وما يَمْنَعُهُ مِن ذَلِكَ؟ قالَ: قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِن بَعْدُ﴾ فَقالَ لَهُ: إنَّما أحَلَّ اللَّهُ لَهُ ضَرْبًا مِنَ النِّساءِ. فَقالَ تَعالى: ﴿يا أيُّها النَّبِيُّ إنّا أحْلَلْنا لَكَ أزْواجَكَ﴾ [الأحزاب: ٥٠] -إلى قَوْلِهِ-: ﴿إنْ وهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ﴾ [الأحزاب: ٥٠] ثُمَّ قِيلَ لَهُ: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِن بَعْدُ﴾
(p-٤٨٩٠)ورَوى التِّرْمِذِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: «نَهى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ أصْنافِ النِّساءِ إلّا ما كانَ مِنَ المُؤْمِناتِ المُهاجِراتِ، بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِن بَعْدُ﴾ الآيَةَ. فَحَرَّمَ كُلَّ ذاتِ دِينٍ غَيْرِ الإسْلامِ».
والمُطَّلِعُ عَلى ما كَتَبُوهُ هُنا، يَأْخُذُهُ العَجَبُ مِنَ البُعْدِ عَنْ مَقْصِدِها. فالحَمْدُ لِلَّهِ عَلى إلْهامِ الحَقِّ وتَعْلِيمِهِ.
تَنْبِيهٌ:
قالَ في (لِبابِ التَّأْوِيلِ): في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَوْ أعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ دَلِيلٌ عَلى جَوازِ النَّظَرِ مِنَ الرِّجْلِ الَّتِي يُرِيدُ نِكاحَها مِنَ النِّساءِ، ويَدُلُّ عَلَيْهِ ما رُوِيَ عَنْ جابِرٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ««إذا خَطَبَ أحَدُكُمُ المَرْأةَ، فَإنِ اسْتَطاعَ أنْ يَنْظُرَ إلى ما يَدْعُوهُ إلى نِكاحِها، فَلْيَفْعَلْ»» . أخْرَجَهُ أبُو داوُدَ.
ورَوى مُسْلِمٌ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ «أنَّ رَجُلًا أرادَ أنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأةً مِنَ الأنْصارِ. فَقالَ لَهُ النَّبِيُّ ﷺ: «انْظُرْ إلَيْها فَإنَّ في أعْيُنِ الأنْصارِ شَيْئًا»» . قالَ الحُمَيْدِيُّ: يَعْنِي هو الصِّغَرُ.
«وعَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قالَ: خَطَبْتُ امْرَأةً. فَقالَ لِي النَّبِيُّ ﷺ: «هَلْ نَظَرْتَ إلَيْها؟» قُلْتُ: لا. قالَ: «فانْظُرْ إلَيْها فَإنَّهُ أحْرى أنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُما»» . أخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وحَسَّنَهُ.
{"ayah":"لَّا یَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَاۤءُ مِنۢ بَعۡدُ وَلَاۤ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنۡ أَزۡوَ ٰجࣲ وَلَوۡ أَعۡجَبَكَ حُسۡنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتۡ یَمِینُكَۗ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ رَّقِیبࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق