الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٤ - ١٦] ﴿ولَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِن أقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ لآتَوْها وما تَلَبَّثُوا بِها إلا يَسِيرًا﴾ (p-٤٨٣٤)﴿ولَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ وكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولا﴾ [الأحزاب: ١٥] ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الفِرارُ إنْ فَرَرْتُمْ مِنَ المَوْتِ أوِ القَتْلِ وإذًا لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا﴾ [الأحزاب: ١٦] ﴿ولَوْ دُخِلَتْ﴾ أيْ: يَثْرِبُ: ﴿عَلَيْهِمْ مِن أقْطارِها﴾ أيْ: بِأنْ دَخَلَ عَلَيْهِمُ العَدُوُّ مِن سائِرِ جَوانِبِها، وأخَذَ في النَّهْبِ والسَّلْبِ: ﴿ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ﴾ أيِ: الرَّجْعَةَ إلى الكُفْرِ: ﴿لآتَوْها﴾ أيْ: لَفَعَلُوها: ﴿وما تَلَبَّثُوا بِها إلا يَسِيرًا﴾ أيْ: وما تَوَقَّفُوا بِإعْطائِها إلّا رَيْثَما يَكُونُ السُّؤالُ والجَوابُ؛ أيْ: فَهم لا يُحافِظُونَ عَلى الإيمانِ ولا يَسْتَمْسِكُونَ بِهِ، مَعَ أدْنى خَوْفٍ وفَزَعٍ. وهَذا مُنْتَهى الذَّمِّ لَهُمْ، ثُمَّ ذَكَّرَهم تَعالى بِما كانُوا عاهَدُوهُ مِن قَبْلُ بِقَوْلِهِ: ﴿ولَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ﴾ [الأحزاب: ١٥] أيْ: مِن قَبْلِ هَذا الخَوْفِ: ﴿لا يُوَلُّونَ الأدْبارَ وكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُولا﴾ [الأحزاب: ١٥] أيْ: عَنِ الوَفاءِ بِهِ: ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الفِرارُ إنْ فَرَرْتُمْ مِنَ المَوْتِ أوِ القَتْلِ﴾ [الأحزاب: ١٦] أيْ: لِأنَّهُ لا يُؤَخِّرُ آجالَهُمْ، ولا يُطَوِّلُ أعْمارَهم. بَلْ رُبَّما كانَ ذَلِكَ سَبَبًا في تَعْجِيلِ أخْذِهِمْ غِرَّةً انْتِقامًا مِنهُمْ، ولِهَذا قالَ: ﴿وإذًا﴾ [الأحزاب: ١٦] أيْ: فَرَرْتُمْ: ﴿لا تُمَتَّعُونَ إلا قَلِيلا﴾ [الأحزاب: ١٦] أيْ: في الدُّنْيا بَعْدَ فِرارِكُمْ، أوْ لِأنَّهم فَقَدُوا بِذَلِكَ حَظَّهُمُ الأُخْرَوِيَّ، فَمَهْما مُتِّعُوا في الدُّنْيا، فَإنَّهُ قَلِيلٌ بِجانِبِ نَعِيمِ الآخِرَةِ لِلصّابِرِينَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب