الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٣ - ١٤] ﴿ولَوْ شِئْنا لآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها ولَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ﴾ ﴿فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكم هَذا إنّا نَسِيناكم وذُوقُوا عَذابَ الخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٤] ﴿ولَوْ شِئْنا لآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها﴾ أيْ: تَقْواها: ﴿ولَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي﴾ أيْ: في القَضاءِ السّابِقِ: ﴿لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجِنَّةِ والنّاسِ أجْمَعِينَ﴾ أيْ: سَبَقَ القَوْلُ حَيْثُ قُلْتُ لِإبْلِيسَ، عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿لأُغْوِيَنَّهم أجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٢] ﴿إلا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخْلَصِينَ﴾ [ص: ٨٣] ﴿قالَ فالحَقُّ والحَقَّ أقُولُ﴾ [ص: ٨٤] ﴿لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ ومِمَّنْ تَبِعَكَ مِنهم أجْمَعِينَ﴾ [ص: ٨٥] أيْ: فَبِمُوجَبِ ذَلِكَ القَوْلِ لَمْ نَشَأْ إعْطاءَ الهُدى عَلى العُمُومِ، بَلْ مَنَعْناهُ مِن أتْباعِ إبْلِيسَ، الَّذِينَ هَؤُلاءِ مِن جُمْلَتِهِمْ حَيْثُ صَرَفُوا اخْتِيارَهم إلى الغَيِّ والفَسادِ، ومَشِيئَتَهُ تَعالى لِأفْعالِ العِبادِ مَنُوطَةً بِاخْتِيارِهِمْ إيّاها، فَلَمّا لَمْ يَخْتارُوا الهُدى، واخْتارُوا الضَّلالَةَ، لَمْ يَشَأْ إعْطاءَهُ لَهُمْ، وإنَّما آتاهُ الَّذِينَ اخْتارُوهُ مِنَ النُّفُوسِ البَرَّةِ، وهُمُ المَعْنِيُّونَ بِما سَيَأْتِي مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنا﴾ [السجدة: ١٥] الآيَةَ. فَيَكُونُ مَناطُ عَدَمِ مَشِيئَةِ إعْطاءِ الهُدى في الحَقِيقَةِ سُوءَ اخْتِيارِهِمْ، لا تَحَقُّقَ القَوْلِ. أفادَهُ أبُو السُّعُودِ. ﴿فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكم هَذا﴾ [السجدة: ١٤] أيْ: تَرَكْتُمُ الإقْرارَ بِهِ، والإيمانَ بِصِدْقِ مَوْعُودِهِ، وعامَلْتُمُوهُ مُعامَلَةَ المَنسِيِّ المَهْجُورِ: ﴿إنّا نَسِيناكُمْ﴾ [السجدة: ١٤] أيْ: جازَيْناكم جَزاءَ (p-٤٨١٥)نِسْيانِكُمْ، أوْ تَرَكْناكم في العَذابِ تَرْكَ المَنسِيِّ: ﴿وذُوقُوا عَذابَ الخُلْدِ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٤] أيْ: مِنَ المُوبِقاتِ، والتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ والتَّشْدِيدِ، وتَعْيِينُ الفِعْلِ المَطْوِيِّ لِلذَّوْقِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب