الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢٢ - ٢٩] ﴿ومَن يُسْلِمْ وجْهَهُ إلى اللَّهِ وهو مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى وإلى اللَّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ ﴿ومَن كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إلَيْنا مَرْجِعُهم فَنُنَبِّئُهم بِما عَمِلُوا إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ [لقمان: ٢٣] (p-٤٨٠٥)﴿نُمَتِّعُهم قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهم إلى عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤] ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْلَمُونَ﴾ [لقمان: ٢٥] ﴿لِلَّهِ ما في السَّماواتِ والأرْضِ إنَّ اللَّهَ هو الغَنِيُّ الحَمِيدُ﴾ [لقمان: ٢٦] ﴿ولَوْ أنَّما في الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقْلامٌ والبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [لقمان: ٢٧] ﴿ما خَلْقُكم ولا بَعْثُكم إلا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٨] ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إلى أجَلٍ مُسَمًّى وأنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٩] ﴿ومَن يُسْلِمْ وجْهَهُ إلى اللَّهِ وهو مُحْسِنٌ﴾ أيْ: في أعْمالِهِ: ﴿فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى﴾ أيْ: تَعَلَّقَ بِأوْثَقِ ما يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الأسْبابِ، وهو تَمْثِيلٌ لِحالِ المُؤْمِنِ المُخْلِصِ المُحْسِنِ، بِحالِ مَن أرادَ رُقِيَّ شاهِقٍ، فَتَمَسَّكَ بِأوْثَقِ عُرى الحَبْلِ المُتَدَلِّي مِنهُ: ﴿وإلى اللَّهِ عاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ ﴿ومَن كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إلَيْنا مَرْجِعُهم فَنُنَبِّئُهم بِما عَمِلُوا﴾ [لقمان: ٢٣] أيْ: مِنَ الأعْمالِ الظّاهِرَةِ والباطِنَةِ: ﴿إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾ [لقمان: ٢٣] ﴿نُمَتِّعُهم قَلِيلا ثُمَّ نَضْطَرُّهم إلى عَذابٍ غَلِيظٍ﴾ [لقمان: ٢٤] ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الحَمْدُ لِلَّهِ﴾ [لقمان: ٢٥] أيْ: عَلى أنْ جَعَلَ دَلائِلَ التَّوْحِيدِ بِحَيْثُ لا يَكادُ يُنْكِرُها المُكابِرُونَ أيْضًا: ﴿بَلْ أكْثَرُهم لا يَعْلَمُونَ﴾ [لقمان: ٢٥] أيْ: شَيْئًا ما؛ فَلِذَلِكَ لا يَعْمَلُونَ بِمُقْتَضى اعْتِرافِهِمْ. ﴿لِلَّهِ ما في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ [لقمان: ٢٦] أيْ: فَلا يَسْتَحِقُّ العِبادَةَ فِيهِما غَيْرُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ هو الغَنِيُّ﴾ [لقمان: ٢٦] أيْ: عَنِ العالَمِينَ، وهم فُقَراءُ إلَيْهِ جَمِيعًا: ﴿الحَمِيدُ﴾ [لقمان: ٢٦] أيِ: المَحْمُودُ فِيما خَلَقَ وشَرَعَ، بِلِسانِ الحالِ والمَقالِ: ﴿ولَوْ أنَّما (p-٤٨٠٦)فِي الأرْضِ مِن شَجَرَةٍ أقْلامٌ والبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ﴾ [لقمان: ٢٧] أيْ: مِن بَعْدِ نَفادِهِ: ﴿سَبْعَةُ أبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ﴾ [لقمان: ٢٧] أيِ: الَّتِي أوْجَدَ بِها الكائِناتِ، وسَيُوجَدُ بِها ما لا غايَةَ لِحَصْرِهِ ومُنْتَهاهُ، والسَّبْعَةُ إنَّما ذُكِرَتْ عَلى سَبِيلِ المُبالَغَةِ لا الحَصْرِ: ﴿إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [لقمان: ٢٧] ﴿ما خَلْقُكم ولا بَعْثُكم إلا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨] أيْ: إلّا كَخَلْقِها وبَعْثِها في سُهُولَتِهِ: ﴿إنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٨] ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ في النَّهارِ ويُولِجُ النَّهارَ في اللَّيْلِ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾ [لقمان: ٢٩] أيْ: أمَدٍ قَدَّرَهُ اللَّهُ تَعالى لِجَرْيِهِما، وهو يَوْمُ القِيامَةِ: ﴿وأنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [لقمان: ٢٩] أيْ: لِأنَّ مَن شاهَدَ مِثْلَ ذَلِكَ الصُّنْعِ الرّائِقِ، والتَّدْبِيرِ الفائِقِ، لا يَكادُ يَغْفُلُ عَنْ كَوْنِ صانِعِهِ عَزَّ وجَلَّ مُحِيطًا بِما يَأْتِي ويَذَرُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب