الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١٨ - ١٩] ﴿ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ ولا تَمْشِ في الأرْضِ مَرَحًا إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ﴾ (p-٤٨٠٢)﴿واقْصِدْ في مَشْيِكَ واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إنَّ أنْكَرَ الأصْواتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ﴾ [لقمان: ١٩]
﴿ولا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنّاسِ﴾ أيْ: لا تُعْرِضْ بِوَجْهِكَ عَنْهُمْ، إذا كَلَّمْتَهم أوْ كَلَّمُوكَ، احْتِقارًا مِنكَ لَهُمْ، واسْتِكْبارًا عَلَيْهِمْ، ولَكِنْ ألِنْ جانِبَكَ، وابْسُطْ وجْهَكَ إلَيْهِمْ، كَما جاءَ في الحَدِيثِ ««ولَوْ أنْ تَلْقى أخاكَ ووَجْهَكَ مُنْبَسِطٌ»»: ﴿ولا تَمْشِ في الأرْضِ مَرَحًا﴾ أيْ: خُيَلاءَ مُتَكَبِّرًا: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ﴾ أيْ: مُعْجَبٍ في نَفْسِهِ: ﴿فَخُورٍ﴾ أيْ: عَلى غَيْرِهِ: ﴿واقْصِدْ في مَشْيِكَ﴾ [لقمان: ١٩] أيْ: تَوَسَّطْ بَيْنَ الدَّبِيبِ والإسْراعِ: ﴿واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ﴾ [لقمان: ١٩] أيِ: انْقُصْ مِن رَفْعِهِ، وأقْصِرْ، فَإنَّهُ يُقَبَّحُ بِالرَّفْعِ حَتّى يُنْكِرَهُ النّاسُ، إنْكارَهم عَلى صَوْتِ الحَمِيرِ، كَما قالَ: ﴿إنَّ أنْكَرَ الأصْواتِ لَصَوْتُ الحَمِيرِ﴾ [لقمان: ١٩] مُعَلِّلًا لِلْأمْرِ عَلى أبْلَغِ وجْهٍ وآكَدِهِ و(أنْكَرَ) بِمَعْنى أوْحَشَ. مِن قَوْلِكَ: (شَيْءٌ نُكُرٌ)؛ إذا أنْكَرَتْهُ النُّفُوسُ واسْتَوْحَشَتْ مِنهُ ونَفَرَتْ، كَما يُقالُ في العُرْفِ لِلْقَبِيحِ. (وحْشُ)، وأصْلُهُ ضِدُّ الأُنْسِ والأُلْفَةِ. فَهو إمّا مَجازٌ أوْ كِنايَةٌ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الحِمارُ مَثَلٌ في الذَّمِّ البَلِيغِ والشَّتِيمَةِ، وكَذَلِكَ نِهاقُهُ. ومِنِ اسْتِفْحاشِهِمْ لِذِكْرِهِ مُجَرَّدًا، وتَفادِيهِمْ مِنِ اسْمِهِ، أنَّهم يُكَنُّونَ عَنْهُ ويَرْغَبُونَ عَنِ التَّصْرِيحِ بِهِ؛ فَيَقُولُونَ: (الطَّوِيلُ الأُذُنَيْنِ). كَما يُكَنّى عَنِ الأشْياءِ المُسْتَقْذَرَةِ، وقَدْ عُدَّ في مَساوِي الآدابِ، أنْ يَجْرِيَ ذِكْرُ الحِمارِ في مَجْلِسِ قَوْمٍ مِن أُولِي المُرُوءَةِ، ومِنَ العَرَبِ مَن لا يَرْكَبُ الحِمارَ اسْتِنْكافًا، وإنْ بَلَغَتْ مِنهُ الرِّحْلَةُ. فَتَشْبِيهُ الرّافِعِينَ أصْواتَهم بِالحَمِيرِ، وتَمْثِيلُ أصْواتِهِمْ بِالنِّهاقِ، ثُمَّ إخْلاءُ الكَلامِ مِن لَفْظِ التَّشْبِيهِ، وإخْراجُهُ مَخْرَجَ الِاسْتِعارَةِ، وأنْ جُعِلُوا حَمِيرًا، وصَوْتُهم نِهاقًا - مُبالَغَةٌ (p-٤٨٠٣)شَدِيدَةٌ في الذَّمِّ والتَّهْجِينِ، وإفْراطٌ في التَّثْبِيطِ عَنْ رَفْعِ الصَّوْتِ والتَّرْغِيبِ عَنْهُ، وتَنْبِيهٌ عَلى أنَّهُ مِن كَراهَةِ اللَّهِ بِمَكانٍ. انْتَهى.
تَنْبِيهٌ:
جاءَ ذِكْرُ لُقْمانَ في أحادِيثَ مَرْفُوعَةٍ: مِنها ما رَواهُ الإمامُ أحْمَدُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««إنَّ لُقْمانَ الحَكِيمَ كانَ يَقُولُ: إنَّ اللَّهَ إذا اسْتَوْدَعَ شَيْئًا حَفِظَهُ»» . ورَوى ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ القاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««قالَ لُقْمانُ الحَكِيمُ لِابْنِهِ وهو يَعِظُهُ: يا بُنَيَّ إيّاكَ والتَّقَنُّعَ، فَإنَّهُ مَخْوَفَةٌ بِاللَّيْلِ، مَذَمَّةٌ بِالنَّهارِ»» .
ومِنَ الآثارِ فِيهِ ما رَواهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ السَّرِيِّ بْنِ يَحْيى قالَ: قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ: يا بُنَيَّ إنَّ الحِكْمَةَ أجْلَسَتِ المَساكِينَ مَجالِسَ المُلُوكِ.
وعَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قالَ: قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ: يا بُنَيَّ! إذا أتَيْتَ نادِي قَوْمٍ فارْمِهِمْ بِسَهْمِ الإسْلامِ -(يَعْنِي السَّلامَ)- ثُمَّ اجْلِسْ في ناحِيَتِهِمْ، فَلا تَنْطِقْ حَتّى تَراهم قَدْ نَطَقُوا، فَإنْ أفاضُوا في ذِكْرِ اللَّهِ فَأجِّلْ سَهْمَكَ مَعَهُمْ، وإنْ أفاضُوا في غَيْرِ ذَلِكَ فَتَحَوَّلْ عَنْهم إلى غَيْرِهِمْ. نَقَلَهُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ.
{"ayahs_start":18,"ayahs":["وَلَا تُصَعِّرۡ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمۡشِ فِی ٱلۡأَرۡضِ مَرَحًاۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ مُخۡتَالࣲ فَخُورࣲ","وَٱقۡصِدۡ فِی مَشۡیِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَ ٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِیرِ"],"ayah":"وَٱقۡصِدۡ فِی مَشۡیِكَ وَٱغۡضُضۡ مِن صَوۡتِكَۚ إِنَّ أَنكَرَ ٱلۡأَصۡوَ ٰتِ لَصَوۡتُ ٱلۡحَمِیرِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











