الباحث القرآني

اَلْقَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٤١ ] ﴿قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ ألا تُكَلِّمَ النّاسَ ثَلاثَةَ أيّامٍ إلا رَمْزًا واذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وسَبِّحْ بِالعَشِيِّ والإبْكارِ﴾ . ﴿قالَ﴾ زَكَرِيّا: ﴿رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً﴾ أيْ: عَلامَةً أعْرِفُ بِها حُصُولَ الحَمْلِ. وإنَّما سَألَها لِكَوْنِ العُلُوقِ أمْرًا خَفِيًّا لا يُوقَفُ عَلَيْهِ، فَأرادَ أنْ يُعْلِمَهُ اللَّهُ بِهِ مِن أوَّلِهِ لِيَتَلَقّى تِلْكَ النِّعْمَةَ بِالشُّكْرِ مِن أوَّلِها، ولا يُؤَخِّرُهُ إلى أنْ يَظْهَرَ ظُهُورًا مُعْتادًا: ﴿قالَ﴾ اللَّهُ تَعالى: ﴿قالَ آيَتُكَ ألا تُكَلِّمَ النّاسَ﴾ أيْ: أنْ لا تَقْدِرَ عَلى تَكْلِيمِهِمْ: ﴿ثَلاثَةَ أيّامٍ إلا رَمْزًا﴾ أيْ: إشارَةً بِيَدٍ أوْ رَأْسٍ. وإنَّما جُعِلَتْ آيَتُهُ ذَلِكَ لِتَخْلِيصِ المُدَّةِ لِذِكْرِهِ تَعالى شُكْرًا عَلى ما أنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ. وقِيلَ: كانَ ذَلِكَ عُقُوبَةً مِنهُ تَعالى بِسَبَبِ سُؤالِهِ الآيَةَ بَعْدَ مُشافَهَةِ المَلائِكَةِ إيّاهُ - حَكاهُ القُرْطُبِيُّ عَنْ أكْثَرِ المُفَسِّرِينَ -: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا﴾ أيْ: ذِكْرًا كَثِيرًا: ﴿وسَبِّحْ﴾ أيْ: وسَبِّحْهُ: ﴿بِالعَشِيِّ﴾ وهو آخِرُ النَّهارِ. ويَقَعُ العَشِيُّ أيْضًا عَلى ما بَيْنَ الزَّوالِ والغُرُوبِ: ﴿والإبْكارِ﴾ وهو الغَدْوَةُ، أوْ مِن صَلاةِ الفَجْرِ إلى طُلُوعِ الشَّمْسِ. قالَ السُّيُوطِيُّ في (الإكْلِيلِ): في الآيَةِ الحَثُّ عَلى ذِكْرِ اللَّهِ تَعالى وهو مِن شُعَبِ الإيمانِ. قالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: لَوْ رَخَّصَ اللَّهُ لِأحَدٍ في تَرْكِ الذِّكْرِ لَرَخَّصَ لِزَكَرِيّا؛ لِأنَّهُ مَنَعَهُ مِنَ الكَلامِ وأمَرَهُ بِالذِّكْرِ - أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ - .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب