الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٨ - ٩] ﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْنًا وإنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما إلَيَّ مَرْجِعُكم فَأُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهم في الصّالِحِينَ﴾ [العنكبوت: ٩]
﴿ووَصَّيْنا الإنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْنًا﴾ أيْ: أمَرْناهُ أمْرًا مُؤَكَّدًا بِإيلاءِ والِدَيْهِ فِعْلًا ذا حُسْنٍ عَظِيمٍ: ﴿وإنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما﴾ أيْ: في الشِّرْكِ، إذا حَمَلاكَ عَلَيْهِ. ومَعْنى: ﴿ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أيْ: لا عِلْمَ لَكَ بِإلَهِيَّتِهِ. قالَ القاضِي: عَبَّرَ عَنْ نَفْيِها بِنَفْيِ العِلْمِ بِها، لِلْإيذانِ بِأنَّ ما لَمْ يُعْلَمْ صِحَّتُهُ، لا يَجُوزُ اتِّباعُهُ، وإنْ لَمْ يُعْلَمْ بُطْلانُهُ. فَكَيْفَ بِما عُلِمَ بُطْلانُهُ؟ ﴿إلَيَّ مَرْجِعُكم فَأُنَبِّئُكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ أيْ: إلَيَّ مَرْجِعُ مَن آمَنَ مِنكم ومَن أشْرَكَ. فَأُجازِيكم حَقَّ جَزائِكم. فِيهِ التَّحْذِيرُ مِن مُتابَعَتِهِما عَلى الشِّرْكِ (p-٤٧٣٩)والحَثِّ عَلى الثَّباتِ والِاسْتِقامَةِ في الدِّينِ، بِذِكْرِ المَرْجِعِ والوَعِيدِ. وقَدْ رُوِيَ «أنَّ سَعْدَ بْنَ أبِي وقّاصٍ الزُّهْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ أسْلَمَ، قالَتْ أُمُّهُ: يا سَعْدُ ! بَلَغَنِي أنَّكَ قَدْ صَبَأْتَ. فَواللَّهِ! لا يُظِلُّنِي سَقْفُ بَيْتٍ مِنَ الضِّحِّ والرِّيحِ. وإنَّ الطَّعامَ والشَّرابَ عَلَيَّ حَرامٌ، حَتّى تَكْفُرَ بِمُحَمَّدٍ وكانَ أحَبَّ ولَدِها إلَيْها. فَأبى سَعْدٌ. وبَقِيَتْ ثَلاثَةَ أيّامٍ كَذَلِكَ. فَجاءَ سَعْدٌ إلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وشَكا إلَيْهِ. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، والَّتِي في لُقْمانَ، والَّتِي في الأحْقافِ. فَأمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أنْ يُدارِيَها ويَتَرَضّاها بِالإحْسانِ». ورَوى التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعْدٍ قالَ: قالَ: نَزَلَتْ فِيَّ أرْبَعُ آياتٍ. فَذَكَرَ قِصَّتَهُ وقالَ: قالَتْ أُمُّ سَعْدٍ: ألَيْسَ اللَّهُ قَدْ أمَرَكَ بِالبِرِّ؟ واللَّهِ لا أطْعَمُ طَعامًا ولا أشْرَبُ شَرابًا حَتّى أمُوتَ، أوْ تَكْفُرَ. فَكانُوا إذا أرادُوا أنْ يُطْعِمُوها شَجَّرُوا فاها. فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وهَذا الحَدِيثُ رَواهُ الإمامُ أحْمَدُ ومُسْلِمٌ وأبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ أيْضًا.
وقالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُدْخِلَنَّهم في الصّالِحِينَ﴾ [العنكبوت: ٩] أيْ: في زُمْرَةِ الرّاسِخِينَ في الصَّلاحِ والكَمالِ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: والصَّلاحُ مِن أبْلَغِ صِفاتِ المُؤْمِنِينَ، وهو مُتَمَنّى أنْبِياءِ اللَّهِ.
قالَ اللَّهُ تَعالى حِكايَةً عَنْ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿وأدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحِينَ﴾ [النمل: ١٩] وقالَ في إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ: ﴿وإنَّهُ في الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ﴾ [النحل: ١٢٢] أوِ المَعْنى: في مَدْخَلِ الصّالِحِينَ وهي الجَنَّةُ. وهَذا نَحْوَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿ومَن يُطِعِ اللَّهَ والرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ [النساء: ٦٩] الآيَةَ.
{"ayahs_start":8,"ayahs":["وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ حُسۡنࣰاۖ وَإِن جَـٰهَدَاكَ لِتُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۤۚ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ","وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَنُدۡخِلَنَّهُمۡ فِی ٱلصَّـٰلِحِینَ"],"ayah":"وَوَصَّیۡنَا ٱلۡإِنسَـٰنَ بِوَ ٰلِدَیۡهِ حُسۡنࣰاۖ وَإِن جَـٰهَدَاكَ لِتُشۡرِكَ بِی مَا لَیۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمࣱ فَلَا تُطِعۡهُمَاۤۚ إِلَیَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق