الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٥٧ - ٦١] ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ ثُمَّ إلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ﴾ [العنكبوت: ٥٨] ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [العنكبوت: ٥٩] ﴿وكَأيِّنْ مِن دابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَها اللَّهُ يَرْزُقُها وإيّاكم وهو السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ [العنكبوت: ٦٠] ﴿ولَئِنْ سَألْتَهم مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأنّى يُؤْفَكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦١]
﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ المَوْتِ ثُمَّ إلَيْنا تُرْجَعُونَ﴾ تَحْرِيضٌ عَلى العِبادَةِ وإخْلاصِ الدِّينِ بِتَذْكِيرِ المَوْتِ والرُّجْعى. أوْ تَسْلِيَةٌ لِلْمُهاجِرِ إلى اللَّهِ، وتَشْجِيعٌ لَهُ، بِأنْ لا يُثَبِّطَهُ عَنْ هِجْرَتِهِ خَوْفَ المَوْتِ بِسَبَبِها. فَلا المَقامُ بِأرْضِهِ يَدْفَعُهُ، ولا هِجْرَتُهُ عَنْهُ تَمْنَعُهُ. وفِيهِ اسْتِعارَةٌ بَدِيعَةٌ لِتَشْبِيهِ (p-٤٧٦١)المَوْتِ بِأمْرٍ كَرِيهِ الطَّعْمِ، مُرِّهِ: ﴿والَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهم مِنَ الجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِي مِن تَحْتِها الأنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أجْرُ العامِلِينَ﴾ [العنكبوت: ٥٨] ﴿الَّذِينَ صَبَرُوا﴾ [العنكبوت: ٥٩] أيْ: عَلى مُفارَقَةِ الأوْطانِ والهِجْرَةِ لِأجْلِ الدِّينِ. وعَلى أذى المُشْرِكِينَ وعَلى المِحَنِ والمَصائِبِ: ﴿وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ [العنكبوت: ٥٩] ثُمَّ أشارَ تَعالى إلى كَفالَتِهِ لِمَن هاجَرَ إلَيْهِ، مِنَ الفَقْرِ والضَّيْعَةِ، بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: ﴿وكَأيِّنْ﴾ [العنكبوت: ٦٠] أيْ: وكَمْ: ﴿مِن دابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَها﴾ [العنكبوت: ٦٠] أيْ: لا تُطِيقُ أنْ تَحْمِلَهُ لِضَعْفِها عَنْ حَمْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَرْزُقُها وإيّاكُمْ﴾ [العنكبوت: ٦٠] أيْ: يُقَيِّضُ لَها رِزْقُها عَلى ضَعْفِها، ويَرْزُقُكم مَعَ قُوَّتِكم واجْتِهادِكم. فَهو المُيَسِّرُ والمُسَهِّلُ لِكُلِّ مَخْلُوقٍ مِن رِزْقِهِ ما يُصْلِحُهُ. فَلا يَخْتَصُّ رِزْقُهُ بِبُقْعَةٍ دُونَ أُخْرى، بَلْ خَيْرُهُ عامٌّ وفَضْلُهُ شامِلٌ لِخَلْقِهِ، حَيْثُ كانُوا وأنّى وُجِدُوا. وقَدْ ظَهَرَ مِصْداقُ كَفالَتِهِ تَعالى لِأُولَئِكَ المُهاجِرِينَ، بِما وسَّعَ عَلَيْهِمْ وبَسَطَ لَهم مِن طِيبِ الرِّزْقِ ورَغَدِ العَيْشِ وسِيادَةِ البِلادِ في سائِرِ الأمْصارِ. وهَذا مَعْنى ما ورَدَ مَرْفُوعًا: ««سافِرُوا تَصِحُّوا وتَغْنَمُوا»» رَواهُ البَيْهَقِيُّ: ﴿وهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ﴾ [العنكبوت: ٦٠] ﴿ولَئِنْ سَألْتَهُمْ﴾ [العنكبوت: ٦١] يَعْنِي هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ مَعَهُ غَيْرَهُ: ﴿مَن خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ وسَخَّرَ الشَّمْسَ والقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [العنكبوت: ٦١] أيِ: اعْتِرافًا بِأنَّهُ المُنْفَرِدُ بِخَلْقِها: ﴿فَأنّى يُؤْفَكُونَ﴾ [العنكبوت: ٦١] أيْ: فَكَيْفَ مَعَ هَذا الِاعْتِرافِ يُصْرَفُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وحْدَهُ، ويُشْرِكُونَ بِهِ ما لا يَضُرُّ ولا يَنْفَعُ. وكَثِيرًا ما يُقَرِّرُ تَعالى مَقامَ الإلَهِيَّةِ بِالِاعْتِرافِ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ. وقَدْ كانَ المُشْرِكُونَ يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ.
{"ayahs_start":57,"ayahs":["كُلُّ نَفۡسࣲ ذَاۤىِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَیۡنَا تُرۡجَعُونَ","وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ ٱلۡجَنَّةِ غُرَفࣰا تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُ خَـٰلِدِینَ فِیهَاۚ نِعۡمَ أَجۡرُ ٱلۡعَـٰمِلِینَ","ٱلَّذِینَ صَبَرُوا۟ وَعَلَىٰ رَبِّهِمۡ یَتَوَكَّلُونَ","وَكَأَیِّن مِّن دَاۤبَّةࣲ لَّا تَحۡمِلُ رِزۡقَهَا ٱللَّهُ یَرۡزُقُهَا وَإِیَّاكُمۡۚ وَهُوَ ٱلسَّمِیعُ ٱلۡعَلِیمُ","وَلَىِٕن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَیَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ"],"ayah":"كُلُّ نَفۡسࣲ ذَاۤىِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَیۡنَا تُرۡجَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق