الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٤١ - ٤٤] ﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أوْلِياءَ كَمَثَلِ العَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وإنَّ أوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ ﴿إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وهو العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [العنكبوت: ٤٢] ﴿وتِلْكَ الأمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وما يَعْقِلُها إلا العالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣] ﴿خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ بِالحَقِّ إنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٤٤]
﴿مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أوْلِياءَ كَمَثَلِ العَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا﴾ أيْ: (p-٤٧٥١)تَعْتَمِدُ عَلى قُوَّتِهِ وتَظُنُّهُ مُحِيطًا بِها، دافِعًا عَنْها الحَرَّ والبَرْدَ: ﴿وإنَّ أوْهَنَ البُيُوتِ﴾ أيْ: أضْعَفُها: ﴿لَبَيْتُ العَنْكَبُوتِ﴾ أيْ: لِأنَّهُ لا يَحْتَمِلُ مَسَّ أدْنى الحَيَواناتِ وأضْعَفِ الرِّياحِ. ولا يَدْفَعُ شَيْئًا مِنَ الحَرِّ والبَرْدِ. وهَذا مَثَلُهُمْ: ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ أيْ: شَيْئًا ما. أوْ إنَّ أوْلِياءَهم أوْهى مِن ذَلِكَ ثُمَّ الغَرَضُ مِنَ التَّشْبِيهِ هو تَقْرِيرُ وهَنِ دِينِهِمْ، وإنَّهُ بَلَغَ الغايَةَ فِيهِ، وهو إمّا تَشْبِيهٌ مُرَكَّبٌ مِنَ الهَيْئَةِ المُنْتَزَعَةِ، فَمَدارُ قُطْبِ التَّمْثِيلِ عَلى أنَّ أوْلِياءَهم بِمَنزِلَةِ نَسْجِ العَنْكَبُوتِ في ضَعْفِ الحالِ وعَدَمِ الصَّلاحِيَةِ لِلِاعْتِمادِ. وعَلى هَذا فَقَوْلُهُ: ﴿وإنَّ أوْهَنَ البُيُوتِ﴾ تَذْيِيلٌ يُعَرِّفُ الغَرَضَ مِنَ التَّشْبِيهِ. وقَوْلُهُ: ﴿لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ﴾ إيغالٌ في تَجْهِيلِهِمْ. لِأنَّهم لا يَعْلَمُونَهُ مَعَ وُضُوحِهِ لَدى مَن لَهُ أدْنى مُسْكَةٍ. وإمّا أنْ يَكُونَ مِن تَشْبِيهِ المُفْرَدِ، لِأنَّ المَقْصُودَ بَيانُ حالِ العابِدِ والمَعْبُودِ. وفي الآيَةِ لَطائِفُ بَيانِيَّةٌ ذُكِرَتْ في المُطَوَّلاتِ. وقَوْلُهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ﴾ [العنكبوت: ٤٢] بِالياءِ والتّاءِ في (تَدْعُونَ) قِراءَتانِ. و(ما) إمّا اسْتِفْهامِيَّةٌ مَنصُوبَةٌ بِـ(يَدْعُونَ) و(مِنِ) الثّانِيَةُ لِلتَّبْيِينِ. أوْ نافِيَةٌ و(مِن) مَزِيدَةٌ. و(شَيْءٍ) مَفْعُولُ (تَدْعُونَ) أوْ مَصْدَرِيَّةٌ بِمَعْنى الدَّعْوَةِ و(شَيْءٍ) مَصْدَرٌ بِمَعْناهُ أيْضًا. أوْ مَوْصُولَةٌ مَفْعُولٌ لِـ(يَعْلَمَ) ومَفْعُولُ (يَدْعُونَ) عائِدُهُ المَحْذُوفُ. والكَلامُ عَلى الأوَّلِينَ تَجْهِيلٌ لَهم وتَوْكِيدٌ لِلْمَثَلِ. وعَلى الآخِرِينَ وعِيدٌ لَهم. أفادَهُ القاضِي: ﴿وهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾ [العنكبوت: ٤٢] ﴿وتِلْكَ الأمْثالُ﴾ [العنكبوت: ٤٣] يَعْنِي هَذا المَثَلَ ونَظائِرَهُ في التَّنْزِيلِ: ﴿نَضْرِبُها لِلنّاسِ﴾ [العنكبوت: ٤٣] أيْ: لِيُقَرِّبَ ما بَعُدَ مِن أفْهامِهِمْ. فَإنَّ الأمْثالَ والتَّشْبِيهاتِ طُرُقٌ تَبْرُزُ فِيها المَعانِي المُحْتَجَبَةُ لِلْأفْهامِ: ﴿وما يَعْقِلُها﴾ [العنكبوت: ٤٣] أيْ: يُدْرِكُ حُسْنَها وفَوائِدَها: ﴿إلا العالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣] أيِ: الرّاسِخُونَ في العِلْمِ الكامِلُونَ فِيهِ. وعَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قالَ: ما مَرَرْتُ بِآيَةٍ مِن كِتابِ اللَّهِ لا أعْرِفُها، إلّا أحْزَنَنِي. لِأنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ تَعالى يَقُولُ: ﴿وتِلْكَ الأمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ وما يَعْقِلُها إلا العالِمُونَ﴾ [العنكبوت: ٤٣] ﴿خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ والأرْضَ بِالحَقِّ﴾ [العنكبوت: ٤٤] أيْ: مُحِقًّا مُراعِيًا لِلْحِكَمِ والمَصالِحِ، مُقَدَّسًا عَنْ أنْ يَقْصِدَ بِهِ باطِلًا. فالباءُ لِلْمُلابَسَةِ، والجارُّ والمَجْرُورُ حالٌ. وهَذا كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وما خَلَقْنا السَّماواتِ والأرْضَ وما بَيْنَهُما لاعِبِينَ﴾ [الدخان: ٣٨] ﴿إنَّ في ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٤٤]
{"ayahs_start":41,"ayahs":["مَثَلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّخَذُوا۟ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوۡلِیَاۤءَ كَمَثَلِ ٱلۡعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتۡ بَیۡتࣰاۖ وَإِنَّ أَوۡهَنَ ٱلۡبُیُوتِ لَبَیۡتُ ٱلۡعَنكَبُوتِۚ لَوۡ كَانُوا۟ یَعۡلَمُونَ","إِنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ","وَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَـٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا یَعۡقِلُهَاۤ إِلَّا ٱلۡعَـٰلِمُونَ","خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّ فِی ذَ ٰلِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّلۡمُؤۡمِنِینَ"],"ayah":"إِنَّ ٱللَّهَ یَعۡلَمُ مَا یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ مِن شَیۡءࣲۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق