الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٧٢ - ٧٦] ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَدًا إلى يَوْمِ القِيامَةِ مَن إلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أفَلا تُبْصِرُونَ﴾ ﴿ومِن رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ والنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ ولِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ [القصص: ٧٣] ﴿ويَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [القصص: ٧٤] (p-٤٧٢٥)﴿ونَـزَعْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكم فَعَلِمُوا أنَّ الحَقَّ لِلَّهِ وضَلَّ عَنْهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [القصص: ٧٥] ﴿إنَّ قارُونَ كانَ مِن قَوْمِ مُوسى فَبَغى عَلَيْهِمْ وآتَيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ ما إنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالعُصْبَةِ أُولِي القُوَّةِ إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ [القصص: ٧٦] ﴿قُلْ أرَأيْتُمْ إنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَدًا إلى يَوْمِ القِيامَةِ مَن إلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أفَلا تُبْصِرُونَ﴾ أيْ: هَذِهِ المَنفَعَةَ فَتَقُومُوا بِشُكْرِها: ﴿ومِن رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ والنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ﴾ [القصص: ٧٣] أيْ: في اللَّيْلِ: ﴿ولِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ﴾ [القصص: ٧٣] أيْ: في النَّهارِ: ﴿ولَعَلَّكم تَشْكُرُونَ﴾ [القصص: ٧٣] أيْ: نِعَمَهُ الظّاهِرَةَ والباطِنَةَ، والجُسْمانِيَّةَ والرُّوحانِيَّةَ، بِاسْتِعْمالِها فِيما وجَبَ مِن طاعَتِهِ. وذَلِكَ فِيما خُلِقَتْ لَهُ. ﴿ويَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ﴾ [القصص: ٧٤] ﴿ونَـزَعْنا﴾ [القصص: ٧٥] أيْ: وأخْرَجْنا: ﴿مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾ [القصص: ٧٥] أيْ: نَبِيًّا يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ بِما كانُوا عَلَيْهِ. كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَكَيْفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ﴾ [النساء: ٤١] ﴿فَقُلْنا﴾ [القصص: ٧٥] أيْ: لِكُلِّ أُمَّةٍ مِن تِلْكَ الأُمَمِ: ﴿هاتُوا بُرْهانَكُمْ﴾ [القصص: ٧٥] أيْ: عَلى ما أنْتُمْ عَلَيْهِ. أحَقٌّ هو أمْ لا؟ فَعَجَزُوا عَنْ آخِرِهِمْ. وظَهَرَ بُرْهانُ النَّبِيِّ، كَما قالَ تَعالى: ﴿فَعَلِمُوا أنَّ الحَقَّ لِلَّهِ﴾ [القصص: ٧٥] أيْ: في الأُلُوهِيَّةِ، لا يُشارِكُهُ فِيها أحَدٌ: ﴿وضَلَّ عَنْهُمْ﴾ [القصص: ٧٥] أيْ: غابَ عَنْهم غَيْبَةَ الضّائِعِ: ﴿ما كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [القصص: ٧٥] أيْ: مِنَ الباطِلِ والمَذاهِبِ المُخْتَلِفَةِ، والطُّرُقِ المُتَشَعِّبَةِ المُتَفَرِّقَةِ. ﴿إنَّ قارُونَ كانَ مِن قَوْمِ مُوسى﴾ [القصص: ٧٦] أيْ: مِن شاكِلَتِهِمْ في الكُفْرِ والطُّغْيانِ. وقَوْمُ مُوسى، جَماعَتُهُ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ، وهُمُ القِبْطُ وطاغِيَتُهم فِرْعَوْنُ: ﴿فَبَغى عَلَيْهِمْ﴾ [القصص: ٧٦] أيْ: بِالكِبْرِ والِاسْتِطالَةِ عَلَيْهِمْ لَمّا غَلَبَ عَلَيْهِ الحِرْصُ ومَحَبَّةُ الدُّنْيا، لِغُرُورِهِ وتَعَزُّزِهِ بِرُؤْيَةِ زِينَةِ نَفْسِهِ:﴿وآتَيْناهُ مِنَ الكُنُوزِ﴾ [القصص: ٧٦] أيْ: مِنَ الأمْوالِ (p-٤٧٢٦)المُدَّخَرَةِ: ﴿ما إنَّ مَفاتِحَهُ﴾ [القصص: ٧٦] أيْ: مَفاتِيحَ صَنادِيقِهِ. عَلى حَذْفِ مُضافٍ. أوِ الإضافَةِ لِأدْنى مُلابَسَةٍ. وقِيلَ خَزائِنُهُ: ﴿لَتَنُوءُ﴾ [القصص: ٧٦] أيْ: تَثْقُلُ: ﴿بِالعُصْبَةِ﴾ [القصص: ٧٦] أيِ: الجَماعَةِ الكَثِيرَةِ مِنَ الرِّجالِ أوِ البِغالِ: ﴿أُولِي القُوَّةِ إذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ﴾ [القصص: ٧٦] أيْ: بِزَخارِفِ الدُّنْيا فَرَحًا يَشْغَلُكَ عَنِ الشُّكْرِ فِيها والقِيامِ بِحَقِّها: ﴿إنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الفَرِحِينَ﴾ [القصص: ٧٦] أيْ: هَذا الفَرَحَ، لِما فِيهِ مِن إيثارِها عَنِ الآخِرَةِ، والرِّضا بِها عَنْها، والإخْلادِ إلَيْها. وذَلِكَ أصْلُ كُلِّ شَرٍّ ومَبْعَثُ كُلِّ فَسادٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب