الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٨ - ٢٣] ﴿فَأصْبَحَ في المَدِينَةِ خائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإذا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ ﴿فَلَمّا أنْ أرادَ أنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هو عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أتُرِيدُ أنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ إنْ تُرِيدُ إلا أنْ تَكُونَ جَبّارًا في الأرْضِ وما تُرِيدُ أنْ تَكُونَ مِنَ المُصْلِحِينَ﴾ [القصص: ١٩] ﴿وجاءَ رَجُلٌ مِن أقْصى المَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إنَّ المَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فاخْرُجْ إنِّي لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ﴾ [القصص: ٢٠] ﴿فَخَرَجَ مِنها خائِفًا يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ [القصص: ٢١] ﴿ولَمّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢٢] ﴿ولَمّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ وجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ ووَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودانِ قالَ ما خَطْبُكُما قالَتا لا نَسْقِي حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ وأبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣] ﴿فَأصْبَحَ في المَدِينَةِ خائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ أيْ: الِاسْتِقادَةَ أوِ الأجْنادَ: ﴿فَإذا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأمْسِ﴾ أيِ اسْتَعانَهُ فَقَتَلَ مِن أجْلِهِ مُنازِعَهُ القِبْطِيَّ: ﴿يَسْتَصْرِخُهُ﴾ أيْ: يَسْتَغِيثُهُ مِن قِبْطِيٍّ آخَرَ: ﴿قالَ لَهُ مُوسى إنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ﴾ أيْ: بِمُخاصَمَتِكَ النّاسَ مَعَ عَجْزِكَ، (p-٤٧٠١)وجَرِّكَ إلَيْهِمْ ما لا تُحْمَدُ عُقْباهُ: ﴿فَلَمّا أنْ أرادَ أنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هو عَدُوٌّ لَهُما﴾ [القصص: ١٩] أيْ: لِمُوسى ولِلْإسْرائِيلِيِّ، وهو القِبْطِيُّ: ﴿قالَ﴾ [القصص: ١٩] أيْ: ذَلِكَ العَدُوُّ وهو القِبْطِيُّ، لا الإسْرائِيلِيُّ كَما وهِمَ: ﴿يا مُوسى أتُرِيدُ أنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأمْسِ إنْ تُرِيدُ إلا أنْ تَكُونَ جَبّارًا في الأرْضِ وما تُرِيدُ أنْ تَكُونَ مِنَ المُصْلِحِينَ﴾ [القصص: ١٩] أيْ: بَيْنَ النّاسِ بِالقَوْلِ والفِعْلِ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الجَبّارُ الَّذِي يَفْعَلُ ما يُرِيدُ مِنَ الضَّرْبِ والقَتْلِ بِظُلْمٍ، لا يَنْظُرُ في العَواقِبِ ولا يَدْفَعُ بِالَّتِي هي أحْسَنُ ﴿وجاءَ رَجُلٌ مِن أقْصى المَدِينَةِ يَسْعى﴾ [القصص: ٢٠] أيْ: يُسْرِعُ لِفَرْطِ حُبِّهِ لِمُوسى: ﴿قالَ يا مُوسى إنَّ المَلأ يَأْتَمِرُونَ بِكَ﴾ [القصص: ٢٠] أيْ: يَتَشاوَرُونَ بِسَبَبِكَ: ﴿لِيَقْتُلُوكَ فاخْرُجْ﴾ [القصص: ٢٠] أيْ: مِن حَدِّ مَمْلَكَتِهِمْ: ﴿إنِّي لَكَ مِنَ النّاصِحِينَ﴾ [القصص: ٢٠] ﴿فَخَرَجَ مِنها خائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ [القصص: ٢١] أيْ: لُحُوقَ الطّالِبِينَ: ﴿قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ القَوْمِ الظّالِمِينَ﴾ [القصص: ٢١] ﴿ولَمّا تَوَجَّهَ﴾ [القصص: ٢٢] أيْ: جَعَلَ وجْهَهُ: ﴿تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ﴾ [القصص: ٢٢] أيْ: فَلا يَلْحَقُنِي فِيهِ الطّالِبُونَ: ﴿ولَمّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ وجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً﴾ [القصص: ٢٣] أيْ: جَماعَةً كَثِيفَةً: ﴿مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ﴾ [القصص: ٢٣] أيْ: مَواشِيَهُمْ: ﴿ووَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودانِ﴾ [القصص: ٢٣] أيْ: تَمْنَعانِ مَواشِيَهُما عَنِ الماءِ، لِوُجُودِ مَن هو أقْوى مِنهُما عِنْدَهُ، فَلا تَتَمَكَّنانِ مِنَ السَّقْيِ: ﴿قالَ ما خَطْبُكُما﴾ [القصص: ٢٣] أيْ: ما شَأْنُكُما في الذَّوْدِ: ﴿قالَتا لا نَسْقِي حَتّى يُصْدِرَ الرِّعاءُ﴾ [القصص: ٢٣] أيْ: عاداتُنا أنْ لا نَسْقِيَ حَتّى يَصْرِفَ الرُّعاةُ مَواشِيَهم عَنِ الماءِ، عَجْزًا عَنْ مُساجَلَتِهِمْ، وحَذَرًا مِن مُخالَطَةِ الرِّجالِ: ﴿وأبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ [القصص: ٢٣] أيْ: فَيَعْجِزُ عَنِ الخُرُوجِ والسَّقْيِ. أيْ: ما لَنا رَجُلٌ يَقُومُ بِذَلِكَ إلّا هُوَ، وقَدْ أضْعَفَهُ الكِبَرُ، فاضْطَرَّنا الحالُ إلى ما تَرى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب