الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١٧ - ٢٥] ﴿وحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ والطَّيْرِ فَهم يُوزَعُونَ﴾ ﴿حَتّى إذا أتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أيُّها النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكم لا يَحْطِمَنَّكم سُلَيْمانُ وجُنُودُهُ وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ١٨] (p-٤٦٦٣)﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَوْلِها وقالَ رَبِّ أوْزِعْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلى والِدَيَّ وأنْ أعْمَلَ صالِحًا تَرْضاهُ وأدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحِينَ﴾ [النمل: ١٩] ﴿وتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أرى الهُدْهُدَ أمْ كانَ مِنَ الغائِبِينَ﴾ [النمل: ٢٠] ﴿لأُعَذِّبَنَّهُ عَذابًا شَدِيدًا أوْ لأذْبَحَنَّهُ أوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ [النمل: ٢١] ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ [النمل: ٢٢] ﴿إنِّي وجَدْتُ امْرَأةً تَمْلِكُهم وأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ولَها عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل: ٢٣] ﴿وجَدْتُها وقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهم فَصَدَّهم عَنِ السَّبِيلِ فَهم لا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل: ٢٤] ﴿ألا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ في السَّماواتِ والأرْضِ ويَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وما تُعْلِنُونَ﴾ [النمل: ٢٥]
﴿وحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ﴾ أيْ: جُمِعَ لَهُ عَساكِرُهُ: ﴿مِنَ الجِنِّ والإنْسِ والطَّيْرِ فَهم يُوزَعُونَ﴾ أيْ: يَحْبِسُهم أوَّلَهم عَلى آخِرِهِمْ لِيَتَلاحَقُوا: ﴿حَتّى إذا أتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ﴾ [النمل: ١٨] أيْ: رَأتْهم مُتَوَجِّهِينَ إلى وادِيها: ﴿يا أيُّها النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكم لا يَحْطِمَنَّكم سُلَيْمانُ وجُنُودُهُ وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ [النمل: ١٨] أيْ: بِمَكانِهِمْ: ﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَوْلِها﴾ [النمل: ١٩] أيْ: تَعَجُّبًا مِن حَذَرِها واهْتِدائِها إلى تَدْبِيرِ مَصالِحِها ومَصالِحِ بَنِي نَوْعِها. وسُرُورًا بِشُهْرَةِ حالِهِ وحالِ جُنُودِهِ في بابِ التَّقْوى والشَّفَقَةِ، فِيما بَيْنَ أصْنافِ المَخْلُوقاتِ، الَّتِي هي أبْعَدُها مِن إدْراكِ أمْثالِ هَذِهِ (p-٤٦٦٤)الأُمُورِ، وابْتِهاجًا بِما خَصَّهُ اللَّهُ تَعالى بِهِ مِن إدْراكِ هَمْسِها وفَهْمِ مُرادِها. قالَهُ أبُو السُّعُودِ: ﴿وقالَ رَبِّ أوْزِعْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلى والِدَيَّ﴾ [النمل: ١٩] أيْ ألْهِمْنِي شُكْرَها: ﴿وأنْ أعْمَلَ صالِحًا تَرْضاهُ وأدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ في عِبادِكَ الصّالِحِينَ﴾ [النمل: ١٩] ﴿وتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أرى الهُدْهُدَ أمْ كانَ مِنَ الغائِبِينَ﴾ [النمل: ٢٠] ﴿لأُعَذِّبَنَّهُ عَذابًا شَدِيدًا أوْ لأذْبَحَنَّهُ أوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ﴾ [النمل: ٢١] أيْ: بِحُجَّةٍ تُبَيِّنُ عُذْرَهُ: ﴿فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ [النمل: ٢٢] أيْ: فَلَبِثَ في الغَيْبَةِ أمَدًا غَيْرَ طَوِيلٍ: ﴿فَقالَ أحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ﴾ [النمل: ٢٢] وهي مَدِينَةٌ: ﴿بِنَبَإٍ يَقِينٍ﴾ [النمل: ٢٢] ﴿إنِّي وجَدْتُ امْرَأةً تَمْلِكُهم وأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ولَها عَرْشٌ عَظِيمٌ﴾ [النمل: ٢٣] أيْ: سَرِيرٌ تَجْلِسُ عَلَيْهِ، هائِلٌ مُزَخْرَفٌ بِأنْواعِ الجَواهِرِ: ﴿وجَدْتُها وقَوْمَها يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ اللَّهِ وزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أعْمالَهم فَصَدَّهم عَنِ السَّبِيلِ فَهم لا يَهْتَدُونَ﴾ [النمل: ٢٤] ﴿ألا يَسْجُدُوا﴾ [النمل: ٢٥] أيْ: هَلّا يَسْجُدُوا. كَما قَرَأ بِذَلِكَ. وجَوَّزَ بَعْضُهم أنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِما قَبْلَهُ. أيْ: فَصَدَّهم عَنِ السَّبِيلِ لِئَلّا يَسْجُدُوا، فَحُذِفَ الجارُّ مَعَ (أنْ) أوْ تَكُونُ (لا) مَزِيدَةً، والمَعْنى: فَهم لا يَهْتَدُونَ إلى أنْ يَسْجُدُوا: ﴿لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الخَبْءَ في السَّماواتِ والأرْضِ﴾ [النمل: ٢٥] أيْ: يُظْهِرُ ما هو مَخْبُوءٌ فِيهِما مِن نَباتٍ ومَعادِنَ وغَيْرِهِما: ﴿ويَعْلَمُ ما تُخْفُونَ وما تُعْلِنُونَ﴾ [النمل: ٢٥] قُرِئَ بِالتّاءِ والياءِ عَلى صِيغَةِ الغَيْبَةِ. والجُمْلَةُ التَّحْضِيضِيَّةُ إمّا مُسْتَأْنَفَةٌ مِن كَلامِهِ تَعالى، أوْ مَحْكِيَّةٌ عَنْ قَوْلِ الهُدْهُدِ. واسْتَظْهَرَ الزَّمَخْشَرِيُّ الثّانِيَ. قالَ: لِأنَّ في إخْراجِ الخَبْءِ أمارَةً عَلى أنَّهُ مِن كَلامِ الهُدْهُدِ، لِهَنْدَسَتِهِ ومَعْرِفَتِهِ الماءَ تَحْتَ الأرْضِ. وذَلِكَ بِإلْهامِ مَن يُخْرِجُ الخَبْءَ في السَّماواتِ والأرْضِ، جَلَّتْ قُدْرَتُهُ ولَطَفَ عِلْمُهُ. ولا يَكادُ يَخْفى عَلى ذِي الفِراسَةِ النُّظّارِ بِنُورِ اللَّهِ، مَخايِلُ كُلِّ مُخْتَصٍّ بِصِناعَةٍ أوْ فَنٍّ أوْ مِنَ العِلْمِ، في رِوائِهِ ومَنطِقِهِ وشَمائِلِهِ.
{"ayahs_start":17,"ayahs":["وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ","حَتَّىٰۤ إِذَاۤ أَتَوۡا۟ عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمۡلِ قَالَتۡ نَمۡلَةࣱ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّمۡلُ ٱدۡخُلُوا۟ مَسَـٰكِنَكُمۡ لَا یَحۡطِمَنَّكُمۡ سُلَیۡمَـٰنُ وَجُنُودُهُۥ وَهُمۡ لَا یَشۡعُرُونَ","فَتَبَسَّمَ ضَاحِكࣰا مِّن قَوۡلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوۡزِعۡنِیۤ أَنۡ أَشۡكُرَ نِعۡمَتَكَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتَ عَلَیَّ وَعَلَىٰ وَ ٰلِدَیَّ وَأَنۡ أَعۡمَلَ صَـٰلِحࣰا تَرۡضَىٰهُ وَأَدۡخِلۡنِی بِرَحۡمَتِكَ فِی عِبَادِكَ ٱلصَّـٰلِحِینَ","وَتَفَقَّدَ ٱلطَّیۡرَ فَقَالَ مَا لِیَ لَاۤ أَرَى ٱلۡهُدۡهُدَ أَمۡ كَانَ مِنَ ٱلۡغَاۤىِٕبِینَ","لَأُعَذِّبَنَّهُۥ عَذَابࣰا شَدِیدًا أَوۡ لَأَا۟ذۡبَحَنَّهُۥۤ أَوۡ لَیَأۡتِیَنِّی بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینࣲ","فَمَكَثَ غَیۡرَ بَعِیدࣲ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمۡ تُحِطۡ بِهِۦ وَجِئۡتُكَ مِن سَبَإِۭ بِنَبَإࣲ یَقِینٍ","إِنِّی وَجَدتُّ ٱمۡرَأَةࣰ تَمۡلِكُهُمۡ وَأُوتِیَتۡ مِن كُلِّ شَیۡءࣲ وَلَهَا عَرۡشٌ عَظِیمࣱ","وَجَدتُّهَا وَقَوۡمَهَا یَسۡجُدُونَ لِلشَّمۡسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَیَّنَ لَهُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ أَعۡمَـٰلَهُمۡ فَصَدَّهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِیلِ فَهُمۡ لَا یَهۡتَدُونَ","أَلَّا یَسۡجُدُوا۟ لِلَّهِ ٱلَّذِی یُخۡرِجُ ٱلۡخَبۡءَ فِی ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَیَعۡلَمُ مَا تُخۡفُونَ وَمَا تُعۡلِنُونَ"],"ayah":"وَحُشِرَ لِسُلَیۡمَـٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّیۡرِ فَهُمۡ یُوزَعُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق