الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٣١] ﴿وقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِن أبْصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ أوْ آبائِهِنَّ أوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أوْ أبْنائِهِنَّ أوْ أبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أوْ إخْوانِهِنَّ أوْ بَنِي إخْوانِهِنَّ أوْ بَنِي أخَواتِهِنَّ أوْ نِسائِهِنَّ أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ أوْ التّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِن الرِّجالِ أوْ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ (p-٤٥١٠)ما يُخْفِينَ مِن زِينَتَهُنَّ وتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أيُّهَ المُؤْمِنُونَ لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾ .
﴿وقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِن أبْصارِهِنَّ ويَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ أيْ: بِالتَّسَتُّرِ والتَّصَوُّنِ عَنِ الزِّنى كَما تَقَدَّمَ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: النِّساءُ مَأْمُوراتٌ أيْضًا بِغَضِّ الأبْصارِ. ولا يَحِلُّ لِلْمَرْأةِ أنْ تَنْظُرَ إلى الأجْنَبِيِّ إلى ما تَحْتَ سُرَّتِهِ إلى رُكْبَتِهِ. وإنِ اشْتَهَتْ غَضَّتْ بَصَرَها رَأْسًا. ولا تَنْظُرُ مِنَ المَرْأةِ إلّا إلى مِثْلِ ذَلِكَ. وغَضُّ بَصَرِها مِنَ الأجانِبِ أصْلًا، أوْلى بِها وأحْسَنُ. ومِنهُ حَدِيثُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قالَتْ: «كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ وعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ. فَأقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. وذَلِكَ بَعْدَ أنْ أُمِرْنا بِالحِجابِ. فَدَخَلَ عَلَيْنا. فَقالَ: «احْتَجِبا» . فَقُلْنا: يا رَسُولَ اللَّهِ ! ألَيْسَ أعْمى لا يُبْصِرُنا ! قالَ: «أفَعَمْياوانِ أنْتُما ؟ ألَسْتُما تُبْصِرانِهِ ؟»» وهَذا الحَدِيثُ رَواهُ أبُو داوُدَ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الزِّينَةُ ما تَزَيَّنَتْ بِهِ المَرْأةُ مِن حُلِيٍّ أوْ كُحْلٍ أوْ خِضابٍ. فَما كانَ ظاهِرًا مِنها، كالخاتَمِ والفَتْخَةِ والكُحْلِ والخِضابِ، فَلا بَأْسَ بِإبْدائِهِ لِلْأجانِبِ. وما خَفِيَ مِنها كالسُّوارِ والخَلْخالِ، والدُّمْلُجِ والقِلادَةِ والإكْلِيلِ والوِشاحِ والقُرْطِ، فَلا تُبْدِيهِ إلّا لِهَؤُلاءِ المَذْكُورِينَ. وذَكَرَ الزِّينَةَ دُونَ مَواقِعِها، لِلْمُبالَغَةِ في الأمْرِ بِالتَّصَوُّنِ والتَّسَتُّرِ. لِأنَّ هَذِهِ الزِّيَنَ واقِعَةٌ عَلى مَواضِعَ مِنَ الجَسَدِ، لا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْها لِغَيْرِ هَؤُلاءِ. وهي الذِّراعُ والسّاقُ والعَضُدُ والعُنُقُ والرَّأْسُ والصَّدْرُ والأُذُنُ. فَنَهى عَنْ إبْداءِ الزِّيَنِ نَفْسِها لِيُعْلَمَ أنَّ النَّظَرَ إذا لَمْ يَحِلَّ لَها لِمُلابَسَتِها تِلْكَ المَواقِعَ، بِدَلِيلِ أنَّ النَّظَرَ لَها غَيْرَ مُلابِسَةٍ لَها، لا مَقالَ في حِلِّهِ - كانَ النَّظَرُ إلى المَواقِعِ أنْفُسِها مُتَمَكِّنًا في الحَظْرِ ثابِتَ القَدَمِ في الحُرْمَةِ، شاهِدًا عَلى أنَّ النِّساءَ حَقُّهُنَّ أنْ يَحْتَطْنَ في سَتْرِها ويَتَّقِينَ اللَّهَ في الكَشْفِ عَنْها.
(p-٤٥١١)(فَإنْ قُلْتَ ): لِمَ سُومِحَ مُطْلَقًا في الزِّينَةِ الظّاهِرَةِ ؟ قُلْتُ: لِأنَّ سَتْرَها فِيهِ حَرَجٌ. فَإنَّ المَرْأةَ لا تَجِدُ بُدًّا مِن مُزاوَلَةِ الأشْياءِ بِيَدَيْها، ومِنَ الحاجَةِ إلى كَشْفِ وجْهِها، خُصُوصًا في الشَّهادَةِ والمُحاكَمَةِ والنِّكاحِ. وتَضْطَرُّ إلى المَشْيِ في الطُّرُقاتِ وظُهُورِ قَدَمَيْها. وخاصَّةً الفَقِيراتِ مِنهُنَّ. وهَذا مَعْنى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ يَعْنِي: إلّا ما جَرَتِ العادَةُ والجِبِلَّةُ عَلى ظُهُورِهِ، والأصْلُ فِيهِ الظُّهُورُ. انْتَهى.
وقالَ السُّيُوطِيُّ في (الإكْلِيلِ "): فَسَّرَ ابْنُ عَبّاسٍ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿إلا ما ظَهَرَ مِنها﴾ بِالوَجْهِ والكَفَّيْنِ، كَما أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ. فاسْتَدَلَّ بِهِ مَن أباحَ النَّظَرَ إلى وجْهِ المَرْأةِ وكَفَّيْها، حَيْثُ لا فِتْنَةَ. ومَن قالَ: إنَّ عَوْرَتَها ما عَداهُما. وفَسَّرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِالثِّيابِ، وفَسَّرَ الزِّينَةَ بِالخاتَمِ والسُّوارِ والقُرْطِ والقِلادَةِ والخَلْخالِ. أخْرَجَهُ ابْنُ أبِي حاتِمٍ أيْضًا. فَهو دَلِيلٌ لِمَن لَمْ يُجِزِ النَّظَرَ إلى شَيْءٍ مِن بَدَنِها، وجَعَلَها كُلَّها عَوْرَةً: ﴿ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ﴾ أيْ: ولْيَسْتُرْنَ بِمَقانِعِهِنَّ، شُعُورَهُنَّ وأعْناقَهُنَّ وقُرْطَهُنَّ وصُدُورَهُنَّ، بِإلْقائِها عَلى جُيُوبِهِنَّ أيْ: مَواضِعِها، وهي النَّحْرُ والصَّدْرُ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: كانَتْ جُيُوبُهُنَّ واسِعَةً تَبْدُو مِنها نُحُورُهُنَّ وصُدُورُهُنَّ وما حَوالَيْها. وكُنَّ يُسْدِلْنَ الخُمُرَ مِن ورائِهِنَّ، فَتَبْقى مَكْشُوفَةً فَأُمِرْنَ بِأنْ يُسْدِلْنَها مِن قُدّامِهِنَّ حَتّى يُغَطِّينَها. ويَجُوزُ أنْ يُرادَ بِالجُيُوبِ الصُّدُورُ، تَسْمِيَةً بِما يَلِيها ويُلابِسُها، ومِنهُ قَوْلُهم: (ناصِحُ الجَيْبِ ) .
لَطِيفَةٌ:
قالَ أبُو حَيّانَ: عُدِّيَ (يَضْرِبْنَ ) بِـ(عَلى ) لِتَضَمُّنِهِ مَعْنى الوَضْعِ. وجَعَلَهُ الرّاغِبُ مِمّا يَتَعَدّى بِها دُونَ تَضْمِينٍ. و(الخُمُرُ ): جَمْعُ خِمارٍ يُقالُ (لُغَةً ) لِما يُسْتَرُ بِهِ. وخَصَّصَهُ العُرْفُ بِما تُغَطِّي بِهِ المَرْأةُ رَأْسَها. ومِنهُ (اخْتَمَرَتِ ) المَرْأةُ و(تَخَمَّرَتْ ) . و(الجَيْبُ ) ما جِيبَ، أيْ: قُطِعَ مِن أعْلى القَمِيصِ. وهو ما يُسَمِّيهِ العامَّةُ طَوْقًا. وأمّا إطْلاقُهُ عَلى ما يَكُونُ في الجَنْبِ لِوَضْعِ الدَّراهِمِ ونَحْوِها، فَلَيْسَ مِن كَلامِ العَرَبِ. كَما ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ. كَذا في (العِنايَةِ ") ثُمَّ كَرَّرَ النَّهْيَ عَنْ (p-٤٥١٢)إبْداءِ الزِّينَةِ لِاسْتِثْناءِ بَعْضِ مَوادِّ الرُّخْصَةِ عَنْهُ، بِاعْتِبارِ النّاظِرِ بَعْدَ ما اسْتَثْنى عَنْهُ بَعْضَ مَوادِّ الضَّرُورَةِ بِاعْتِبارِ المَنظُورِ، بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ أيْ: فَإنَّهُمُ المَقْصُودُونَ بِالزِّينَةِ. ولَهم أنْ يَنْظُرُوا إلى جَمِيعِ بَدَنِهِنَّ حَتّى الفَرْجَ. لَكِنْ بِكَراهَةٍ عَلى المَشْهُورِ.
وقالَ الإمامُ أبُو الحَسَنِ بْنُ القَطّانِ في كِتابِ (إحْكامِ النَّظَرِ "): عَنْ أصْبَغَ، لا بَأْسَ بِهِ، ولَيْسَ بِمَكْرُوهٍ. ورُوِيَ عَنْ مالِكٍ لا بَأْسَ أنْ يَنْظُرَ إلى الفَرْجِ في الجِماعِ. ثُمَّ ذَكَرْنا أنَّ ما رُوِيَ مِن أنَّ ذَلِكَ يُورِثُ العَمى، فَحَدِيثٌ لا يَصِحُّ. لِأنَّ فِيهِ (بَقِيَّةَ) وقَدْ قالُوا (بَقِيَّةُ أحادِيثُهُ غِيرُ نَقِيَّةٍ ) ولَمْ يُؤْثَرْ عَنِ العَرَبِ كَراهَةُ ذَلِكَ. ولِلنّابِغَةِ والأعْشى وأبِي عُبَيْدَةَ وابْنِ مَيّادَةَ وعَبْدِ بِنِي الحَسّاسِ والفَرَزْدَقِ، في ذَلِكَ ما هو مَعْرُوفٌ.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ آبائِهِنَّ أوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أوْ أبْنائِهِنَّ أوْ أبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أوْ إخْوانِهِنَّ أوْ بَنِي إخْوانِهِنَّ أوْ بَنِي أخَواتِهِنَّ﴾ أيْ: لِأنَّ هَؤُلاءِ مَحارِمُهُنَّ الَّذِينَ تُؤْمَنُ الفِتْنَةُ مِن قِبَلِهِمْ. فَإنَّ آباءَهُنَّ أوْلِياؤُهُنَّ الَّذِي يَحْفَظُونَهُنَّ عَمّا يَسُوءُهُنَّ. وآباءُ بُعُولَتِهِنَّ يَحْفَظُونَ عَلى أبْنائِهِنَّ ما يَسُوءُهم. وأبْناؤُهُنَّ شَأْنُهم خِدْمَةُ الأُمَّهاتِ، وهم مِنهُنَّ. وأبْناءُ بُعُولَتِهِنَّ شَأْنُهم خِدْمَةُ الآباءِ وخِدْمَةُ أحْبابِهِمْ. وإخْوانُهُنَّ هُمُ الأوْلِياءُ بَعْدَ الآباءِ. وبَنُوهم أوْلِياءُ بَعْدَهم. وكَذا بَنُو أخَواتِهِنَّ، هم كَبَنِي إخْوانِهِنَّ في القَرابَةِ فَيَتَعَيَّرُونَ بِنِسْبَةِ السُّوءِ إلى الخالَةِ. تَعَيُّرَهم بِنِسْبَتِهِ إلى العَمَّةِ. هَذا ما أشارَ لَهُ المَهايِمِيُّ.
وأجْمَلَ ذَلِكَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِقَوْلِهِ: وإنَّما سُومِحَ في الزِّينَةِ الخَفِيَّةِ أُولَئِكَ المَذْكُورُونَ، لَمّا كانُوا مُخْتَصِّينَ بِهِ مِنَ الحاجَةِ المُضْطَرَّةِ إلى مُداخَلَتِهِمْ ومُخالَفَتِهِمْ. ولِقِلَّةِ تَوَقُّعِ الفِتْنَةِ مِن جِهاتِهِمْ ولِما في الطِّباعِ مِنَ النَّفْرَةِ عَنْ مُمارَسَةِ القَرائِبِ. وتَحْتاجُ المَرْأةُ إلى صُحْبَتِهِمْ في الأسْفارِ لِلنُّزُولِ والرُّكُوبِ وغَيْرِ ذَلِكَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ نِسائِهِنَّ﴾ قِيلَ: هُنَّ المُؤْمِناتُ. أخْذًا مِنَ الإضافَةِ. فَلَيْسَ لِلْمُؤْمِنَةِ أنْ تَتَجَرَّدَ بَيْنَ يَدَيْ مُشْرِكَةٍ أوْ كِتابِيَّةٍ. وقِيلَ: النِّساءُ كُلُّهُنَّ. فَإنَّهُنَّ سَواءٌ في حِلِّ نَظَرِ بِعْضِهِنَّ إلى بَعْضٍ.
قالَ في (الإكْلِيلِ "): فِيهِ إباحَةُ نَظَرِ المَرْأةِ إلى المَرْأةِ كَمَحْرَمٍ. ورَوى ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ عَطاءٍ؛ (p-٤٥١٣)أنَّ أصْحابَ النَّبِيِّ ﷺ لِما قَدِمُوا بَيْتَ المَقْدِسِ، كانَ قَوابِلُ نِسائِهِنَّ اليَهُودِيّاتِ والنَّصْرانِيّاتِ.
وقالَ الرّازِيُّ: القَوْلُ الثّانِي هو المَذْهَبُ وقَوْلُ السَّلَفِ الأوَّلِ مَحْمُولٌ عَلى الِاسْتِحْبابِ والأوْلى.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُهُنَّ﴾ أيْ: لِاحْتِياجِهِنَّ إلَيْهِمْ. فَلَوْ مُنِعَ دُخُولُهم عَلَيْهِنَّ اضْطُرِرْنَ. قالَهُ المَهايِمِيُّ. وظاهِرُ الآيَةِ يَشْمَلُ العَبِيدَ والإماءَ. وإلَيْهِ ذَهَبَ قَوْمٌ. قالُوا: لا بَأْسَ عَلَيْهِنَّ في أنْ يُظْهِرْنَ لِعَبِيدِهِنَّ مِن زِينَتِهِنَّ ما يُظْهِرْنَ لِذَوِي مَحارِمِهِنَّ. واحْتَجُّوا أيْضًا بِما رَواهُ أبُو داوُدَ عَنْ أنَسٍ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ أتى فاطِمَةَ بِعَبْدٍ قَدْ وهَبَهُ لَها. قالَ: وعَلى فاطِمَةَ ثَوْبٌ، إذا قَنَّعَتْ بِهِ رَأْسَها، لَمْ يَبْلُغْ رِجْلَيْها، وإذا غَطَّتْ بِهِ رِجْلَيْها، لَمْ يُبْلُغْ رَأْسَها، فَلَمّا رَأى النَّبِيُّ ﷺ ما تَلْقى قالَ: «إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكِ بَأْسٌ. إنَّما هو أبُوكِ وغُلامُكِ»» .
وجاءَ في (تارِيخِ ابْنِ عَساكِرَ ") أنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَةَ كانَ أسْوَدَ شَدِيدَ الأدْمَةِ. وقَدْ كانَ وهَبَهُ النَّبِيُّ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِابْنَتِهِ فاطِمَةَ. فَرَبَّتْهُ ثُمَّ أعْتَقَتْهُ، ثُمَّ كانَ، بَعْدُ مَعَ مُعاوِيَةَ عَلى عَلِيٍّ. نَقَلَهُ ابْنُ كَثِيرٍ، فاحْتَمَلَ أنْ يَكُونَ هو هو. واللَّهُ أعْلَمُ.
وذَهَبَ قَوْمٌ إلى أنَّهُ بِذَلِكَ الإماءِ المُشْرِكاتِ، وأنَّهُ يَجُوزُ لَها أنْ تُظْهِرَ زِينَتَها إلَيْهِنَّ وإنْ كُنَّ مُشْرِكاتٍ. قالُوا: وسِرُّ إفْرادِ الإماءِ مَعَ شُمُولِهِ قَوْلُهُ: ﴿أوْ نِسائِهِنَّ﴾ لَهُنَّ الإعْلامُ بِأنَّ المُرادَ مَن في صُحْبَتِهِنَّ مِنَ الحَرائِرِ والإماءِ لِظُهُورِ الإضافَةِ في نِسائِهِنَّ بِالحَرائِرِ. كَقَوْلِهِ: ﴿شَهِيدَيْنِ مِن رِجالِكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٢] فَعُطِفْنَ عَلَيْهِنَّ لِيُشارِكْنَهُنَّ في إباحَةِ النَّظَرِ عَلَيْهِنَّ، والقَوْلُ الأوَّلُ أقْوى. لِأنَّ الأصْلَ هو العَمَلُ بِالعامِّ حَتّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلى تَخْصِيصِهِ. لا سِيَّما والحِكْمَةُ ظاهِرَةٌ فِيهِ وهي رَفْعُ الحَرَجِ. وهَذا الَّذِي قَطَعَ بِهِ الشّافِعِيُّ وجُمْهُورُ أصْحابِهِ.
قالَ في (الإكْلِيلِ "): وعَلى الأوَّلِ اسْتُدِلَّ بِإضافَةِ اليَمِينِ عَلى أنَّهُ لَيْسَ لِعَبْدِ الزَّوْجِ النَّظَرُ. (p-٤٥١٤)واسْتَدَلَّ مَن أباحَهُ بِقِراءَةِ: ﴿أوْ ما مَلَكَتْ أيْمانُكُمْ﴾ [النساء: ٣]
وقَوْلُهُ: ﴿أوِ التّابِعِينَ﴾ أيِ: الخُدّامِ لِأنَّهُنَّ في مَعْنى العَبِيدِ: ﴿غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ﴾ أيِ: الحاجَةِ إلى نِساءٍ: ﴿مِنَ الرِّجالِ﴾ كالشَّيْخِ الهَرِمِ والبُلْهِ واسْتَدَلَّ بِهَذا مَن أباحَ نَظَرَ الخَصِيِّ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ﴾ أيْ: لَمْ يَفْهَمُوا أحْوالَهُنَّ، لِصِغَرِهِمْ. فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلى تَحْرِيمِ نَظَرِ المُراهِقِ الَّذِي فَهِمَ ذَلِكَ كالبالِغِ. كَما في (الإكْلِيلِ ") .
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: (يَظْهَرُوا ) إمّا مِن (ظَهَرَ عَلى الشَّيْءِ ) إذا اطَّلَعَ عَلَيْهِ، أيْ: لا يَعْرِفُونَ ما العَوْرَةُ، ولا يُمَيِّزُونَ بَيْنَها وبَيْنَ غَيْرِها. وإمّا مِن ظَهَرَ عَلى فُلانٍ إذا قَوِيَ عَلَيْهِ وظَهَرَ عَلى القُرْآنِ أخَذَهُ وأطاقَهُ أيْ: لَمْ يَبْلُغُوا أوانَ القُدْرَةِ عَلى الوَطْءِ. و(الطِّفْلُ ) مُفْرَدٌ وُضِعَ مَوْضِعَ الجَمْعِ بِقَرِينَةِ وصْفِهِ بِالجَمْعِ. ومِثْلُهُ (الحاجُّ ) بِمَعْنى: الحَجّاجِ. وقالَ الرّاغِبُ: إنَّهُ يَقَعُ عَلى الجَمْعِ.
تَنْبِيهٌ:
قالَ السُّيُوطِيُّ في (الإكْلِيلِ "): اسْتَدَلَّ بَعْضُهم بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا﴾ إلَخْ عَلى أنَّهُ لا يُباحُ النَّظَرُ لِلْعَمِّ والخالِ، لِعَدَمِ ذِكْرِهِما في الآيَةِ. أخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الشَّعْبِيِّ وعِكْرِمَةَ، قالا: لَمْ يَذْكُرِ العَمَّ والخالَ لِأنَّهُما يَنْعَتانِ لِأبْنائِهِما، ولا تَضَعُ خِمارَها عِنْدَ العَمِّ والخالِ.
وقالَ الرّازِيُّ: القَوْلُ الظّاهِرُ أنَّهُما كَسائِرِ المَحارِمِ في جَوازِ النَّظَرِ. وهو قَوْلُ الحَسَنِ البَصْرِيِّ. قالَ: لِأنَّ الآيَةَ لَمْ يُذْكَرْ فِيها الرَّضاعُ وهو كالنَّسَبِ. وقالَ في سُورَةِ الأحْزابِ: ﴿لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ في آبائِهِنَّ﴾ [الأحزاب: ٥٥] الآيَةَ، ولَمْ يَذْكُرْ فِيها البُعُولَةَ ولا أبْناءَهم. وقَدْ ذُكِرُوا ها هُنا. وقَدْ يَذْكُرُ البَعْضَ لِيُنَبِّهَ عَلى الجُمْلَةِ.
ثُمَّ قالَ: في قَوْلِ الشَّعْبِيِّ مِنَ الدَّلالاتِ البَلِيغَةِ عَلى وُجُوبِ الِاحْتِياطِ عَلَيْهِنَّ في التَّسَتُّرِ.
(p-٤٥١٥)ثُمَّ أشارَ تَعالى إلى أنَّ الزِّينَةَ، كَما يَجِبُ إخْفاؤُها عَنِ البَصَرِ، يَجِبُ عَنِ السَّمْعِ، إنْ كانَتْ مِمّا تُؤَثِّرُ فِيهِ مَيْلًا، بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ:
﴿ولا يَضْرِبْنَ بِأرْجُلِهِنَّ﴾ أيِ: الأرْضَ: ﴿لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ﴾ أيْ: عَنِ الأبْصارِ: ﴿مِن زِينَتِهِنَّ﴾ كالخَلْخالِ. وهَذا نَهْيٌ عَنْ ما كانَ يَفْعَلُهُ بَعْضُهُنَّ. وذَلِكَ مِن ضَرْبِ أرْجُلِهِنَّ الأرْضَ لِيَتَحَرَّكَ خَلْخالُهُنَّ فَيُعْلَمَ أنَّهُنَّ مُتَحَلِّينَ بِهِ. فَإنَّ ذَلِكَ مِمّا يُورِثُ الرِّجالَ مَيْلًا إلَيْهِنَّ، ويُوهِمُ أنَّ لَهُنَّ مَيْلًا إلَيْهِمْ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وإذا نُهِينَ عَنْ إظْهارِ صَوْتِ الحُلِيِّ بَعْدَ ما نُهِينَ عَنْ إظْهارِ الحُلِيِّ، عُلِمَ بِذَلِكَ أنَّ النَّهْيَ عَنْ إظْهارِ مَواضِعِ الحُلِيِّ أبْلَغُ وأبْلَغُ. قِيلَ: وإذا نُهِيَ عَنِ اسْتِماعِ صَوْتِ حُلِيِّهِنَّ. فَعَنِ اسْتِماعِ صَوْتِهِنَّ بِالطَّرِيقِ الأوْلى. وهَذا سَدٌّ لِبابِ المُحَرَّماتِ، وتَعْلِيمٌ لِلْأحْواضِ الأحْسَنِ، لا سِيَّما في مَظانِّ الرَّيْبِ وما يَكُونُ ذَرِيعَةً إلَيْها.
تَنْبِيهٌ:
قالَ ابْنُ كَثِيرٍ: يَدْخُلُ في هَذا النَّهْيِ كُلُّ شَيْءٍ مِن زِينَتِها كانَ مَسْتُورًا، فَتَحَرَّكَتْ بِحَرَكَةٍ، لِتُظْهِرَ ما خَفِيَ مِنها. ومِن ذَلِكَ ما ورَدَ مِن نَهْيِها عَنِ التَّعَطُّرِ والتَّطَيُّبِ عِنْدَ خُرُوجِها مِن بَيْتِها لِيَشُمَّ الرِّجالُ طِيبَها. فَرَوى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أبِي مُوسى عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: ««كُلُّ عَيْنٍ زانِيَةٌ. والمَرْأةُ إذا اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ بِالمَجْلِسِ فَهي كَذا وكَذا»» . يَعْنِي زانِيَةً.
قالَ: ومِنَ البابِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ. وهَذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ورَواهُ أبُو داوُدَ والنَّسائِيُّ. ورَوى التِّرْمِذِيُّ أيْضًا عَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ سَعْدٍ؛ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قالَ: ««الرّافِلَةُ في الزِّينَةِ في (p-٤٥١٦)غَيْرِ أهْلِها، كَمَثَلِ ظُلْمَةٍ يَوْمَ القِيامَةِ، لا نُورَ لَها»» . ومِن ذَلِكَ أيْضًا، نَهْيُهُنَّ مِنَ المَشْيِ في وسَطِ الطَّرِيقِ لِما فِيهِ مِنَ التَّبَرُّجِ. فَرَوى أبُو داوُدَ «عَنْ أبِي أُسَيْدٍ الأنْصارِيِّ أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ ﷺ وهو خارِجٌ مِنَ المَسْجِدِ، وقَدِ اخْتَلَطَ الرِّجالُ مَعَ النِّساءِ في الطَّرِيقِ. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلنِّساءِ: «اسْتَأْخِرْنَ، فَإنَّهُ لَيْسَ لَكُنَّ أنْ تُحَقِّقْنَ الطَّرِيقَ. عَلَيْكُنَّ بِحافّاتِ الطَّرِيقِ» . فَكانَتِ المَرْأةُ تَلْصُقُ بِالجِدارِ، حَتّى أنَّ ثَوْبَها لِيَتَعَلَّقُ بِالجِدارِ مِن لُصُوقِها بِهِ» . وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وتُوبُوا إلى اللَّهِ جَمِيعًا أيُّهَ المُؤْمِنُونَ﴾ أيِ: ارْجِعُوا إلَيْهِ بِالعَمَلِ بِأوامِرِهِ واجْتِنابِ نَواهِيهِ، فَإنَّ مُقْتَضى إيمانِكم ذَلِكَ: ﴿لَعَلَّكم تُفْلِحُونَ﴾ أيْ: لِكَيْ تَفُوزُوا بِسَعادَةِ الدّارَيْنِ. ولَمّا زَجَرَ تَعالى عَنِ السِّفاحِ ومَبادِيهِ القَرِيبَةِ والبَعِيدَةِ، أمَرَ بِالنِّكاحِ. فَإنَّهُ، مَعَ كَوْنِهِ مَقْصُودًا بِالذّاتِ مِن حَيْثُ كَوْنُهُ مَناطًا لِبَقاءِ النَّوْعِ، خَيْرُ مَزْجَرَةٍ عَنْ ذَلِكَ. فَقالَ سُبْحانَهُ:
{"ayah":"وَقُل لِّلۡمُؤۡمِنَـٰتِ یَغۡضُضۡنَ مِنۡ أَبۡصَـٰرِهِنَّ وَیَحۡفَظۡنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا یُبۡدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنۡهَاۖ وَلۡیَضۡرِبۡنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُیُوبِهِنَّۖ وَلَا یُبۡدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوۡ ءَابَاۤىِٕهِنَّ أَوۡ ءَابَاۤءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ أَبۡنَاۤىِٕهِنَّ أَوۡ أَبۡنَاۤءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوۡ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِیۤ إِخۡوَ ٰنِهِنَّ أَوۡ بَنِیۤ أَخَوَ ٰتِهِنَّ أَوۡ نِسَاۤىِٕهِنَّ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَیۡمَـٰنُهُنَّ أَوِ ٱلتَّـٰبِعِینَ غَیۡرِ أُو۟لِی ٱلۡإِرۡبَةِ مِنَ ٱلرِّجَالِ أَوِ ٱلطِّفۡلِ ٱلَّذِینَ لَمۡ یَظۡهَرُوا۟ عَلَىٰ عَوۡرَ ٰتِ ٱلنِّسَاۤءِۖ وَلَا یَضۡرِبۡنَ بِأَرۡجُلِهِنَّ لِیُعۡلَمَ مَا یُخۡفِینَ مِن زِینَتِهِنَّۚ وَتُوبُوۤا۟ إِلَى ٱللَّهِ جَمِیعًا أَیُّهَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











