الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٩٥ - ١٠٠] ﴿وإنّا عَلى أنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهم لَقادِرُونَ﴾ (p-٤٤١٦)﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هي أحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أعْلَمُ بِما يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: ٩٦] ﴿وقُلْ رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِن هَمَزاتِ الشَّياطِينِ﴾ [المؤمنون: ٩٧] ﴿وأعُوذُ بِكَ رَبِّ أنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٨] ﴿حَتّى إذا جاءَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩] ﴿لَعَلِّي أعْمَلُ صالِحًا فِيما تَرَكْتُ كَلا إنَّها كَلِمَةٌ هو قائِلُها ومِن ورائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٠] .
﴿وإنّا عَلى أنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ﴾ أيْ: مِنَ العَذابِ: ﴿لَقادِرُونَ﴾ أيْ: وإنَّما نُؤَخِّرُهُ لِحِكْمَةِ بُلُوغِ الكِتابِ أجْلَهُ: ﴿ادْفَعْ بِالَّتِي هي أحْسَنُ﴾ [المؤمنون: ٩٦] أيْ: بِالخَلَّةِ الَّتِي هي أحْسَنُ الخِلالِ. وهو العَفْوُ والصَّفْحُ: ﴿السَّيِّئَةَ﴾ [المؤمنون: ٩٦] يَعْنِي أذى المُشْرِكِينَ: ﴿نَحْنُ أعْلَمُ بِما يَصِفُونَ﴾ [المؤمنون: ٩٦] أيْ: فَسَيَرَوْنَ جَزاءَهُ: ﴿وقُلْ رَبِّ أعُوذُ بِكَ مِن هَمَزاتِ الشَّياطِينِ﴾ [المؤمنون: ٩٧] أيْ: وساوِسِهِمُ المُغْرِيَةِ عَلى الباطِلِ والشُّرُورِ والفَسادِ، والصَّدِّ عَنِ الحَقِّ: ﴿وأعُوذُ بِكَ رَبِّ أنْ يَحْضُرُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٨] أيْ: يَحْضُرُونِي في حالٍ مِنَ الأحْوالِ: ﴿حَتّى إذا جاءَ أحَدَهُمُ المَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩] ﴿لَعَلِّي أعْمَلُ صالِحًا فِيما تَرَكْتُ﴾ [المؤمنون: ١٠٠] أيْ: حَتّى إذا احْتَضَرَ وشاهَدَ أماراتِ العَذابِ، وعايَنَ وحْشَةَ هَيْئاتِ السَّيِّئاتِ، تَمَنّى الرُّجُوعَ، وأظْهَرَ النَّدامَةَ، ونَذَرَ العَمَلَ الصّالِحَ في الإيمانِ الَّذِي تَرَكَ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَلا إنَّها كَلِمَةٌ﴾ [المؤمنون: ١٠٠] يَعْنِي قَوْلَهُ: ﴿رَبِّ ارْجِعُونِ﴾ [المؤمنون: ٩٩] إلَخْ: ﴿هُوَ قائِلُها﴾ [المؤمنون: ١٠٠] أيْ: لا يُجابُ إلَيْها ولا تُسْمَعُ مِنهُ، يَعْنِي أنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ إلّا عَلى الحَسْرَةِ والنَّدامَةِ، والتَّلَفُّظِ بِألْفاظِ التَّحَسُّرِ والنَّدَمِ، والدَّعْوَةِ دُونَ المَنفَعَةِ والفائِدَةِ والإجابَةِ. والآيَةُ نَظِيرُها قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وأنْفِقُوا مِن ما رَزَقْناكم مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ أحَدَكُمُ المَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أخَّرْتَنِي إلى أجَلٍ قَرِيبٍ فَأصَّدَّقَ وأكُنْ مِنَ الصّالِحِينَ﴾ [المنافقون: ١٠] ﴿ومِن ورائِهِمْ بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: ١٠٠] أيْ: حائِلٌ يَحُولُ بَيْنَهم وبَيْنَ الرَّجْعَةِ، يَلْبَثُونَ فِيهِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ.
(p-٤٤١٧)لَطِيفَةٌ:
الواوُ في {ارْجِعُونِ} قِيلَ: لِتَعْظِيمِ المُخاطَبِ وهو اللَّهُ تَعالى، ورَدَّهُ ابْنُ مالِكٍ بِأنَّهُ لا يَعْرِفُ أحَدًا يَقُولُ: (رَبِّ ارْحَمُونِي، ونَحْوَهُ ) لِما فِيهِ مِن إيهامِ التَّعَدُّدِ. مَدْفُوعٌ بِأنَّهُ لا يَلْزَمُ مِن عَدَمِ صُدُورِهِ عَنّا كَذَلِكَ، ألّا يُطْلِقَهُ اللَّهُ تَعالى عَلى نَفْسِهِ. كَما في ضَمِيرِ المُتَكَلِّمِ. وقِيلَ إنَّهُ لِتَكْرِيرِ قَوْلِهِ: (ارْجِعْنِي ) كَما قِيلَ في (قِفا ) و(أطْرِقا ) إنَّ أصْلَهُ (قِفْ قِفْ ) عَلى التَّأْكِيدِ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ألْقِيا في جَهَنَّمَ﴾ [ق: ٢٤] قالَ الشِّهابُ: فَيَكُونُ مِن بابِ اسْتِعارَةِ لَفْظٍ مَكانَ آخَرَ لِنُكْتَةٍ، بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ مَعْناهُ، وهو كَثِيرٌ في الضَّمائِرِ. كاسْتِعْمالِ الضَّمِيرِ المَجْرُورِ الظّاهِرِ مَكانَ المَرْفُوعِ المُسْتَتِرِ في (كَفى بِهِ ) حَتّى لَزِمَ انْتِقالُهُ عَنْ صِفَةٍ إلى صِفَةٍ أُخْرى، ومِن لَفْظٍ إلى آخَرَ. وما نَحْنُ فِيهِ مِن هَذا القَبِيلِ. فَإنَّهُ غُيِّرَ الضَّمِيرانِ المُسْتَتِرانِ إلى ضَمِيرٍ مُثَنّى ظاهِرٍ. فَلَزِمَ الِاكْتِفاءُ بِأحَدِ لَفْظَيِ الفِعْلِ، وجَعَلَ دَلالَةَ الضَّمِيرِ عَلى المُثَنّى عَلى تَكْرِيرِ الفِعْلِ، قائِمًا مَقامَهُ في التَّأْكِيدِ، مِن غَيْرِ تَجَوُّزٍ فِيهِ ولِابْنِ جِنِّيٍّ في (الخَصائِصِ ) كَلامٌ يَدُلُّ عَلى ما ذَكَرْناهُ. انْتَهى.
{"ayahs_start":95,"ayahs":["وَإِنَّا عَلَىٰۤ أَن نُّرِیَكَ مَا نَعِدُهُمۡ لَقَـٰدِرُونَ","ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ ٱلسَّیِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا یَصِفُونَ","وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنۡ هَمَزَ ٰتِ ٱلشَّیَـٰطِینِ","وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن یَحۡضُرُونِ","حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ رَبِّ ٱرۡجِعُونِ","لَعَلِّیۤ أَعۡمَلُ صَـٰلِحࣰا فِیمَا تَرَكۡتُۚ كَلَّاۤۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَاۤىِٕلُهَاۖ وَمِن وَرَاۤىِٕهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ یَوۡمِ یُبۡعَثُونَ"],"ayah":"ٱدۡفَعۡ بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ ٱلسَّیِّئَةَۚ نَحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا یَصِفُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











