الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٧١ - ٧٤] ﴿ولَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أهْواءَهم لَفَسَدَتِ السَّماواتُ والأرْضُ ومَن فِيهِنَّ بَلْ أتَيْناهم بِذِكْرِهِمْ فَهم عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ ﴿أمْ تَسْألُهم خَرْجًا فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ وهو خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾ [المؤمنون: ٧٢] ﴿وإنَّكَ لَتَدْعُوهم إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المؤمنون: ٧٣] ﴿وإنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٤] .
﴿ولَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أهْواءَهم لَفَسَدَتِ السَّماواتُ والأرْضُ ومَن فِيهِنَّ﴾ أيْ: ولَوْ كانَ ما كَرِهُوهُ مِنَ الحَقِّ الَّذِي هو التَّوْحِيدُ والعَدْلُ المَبْعُوثُ بِهِما الرَّسُولُ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، مُوافِقًا لِأهْوائِهِمُ المُتَفَرِّقَةِ في الباطِلِ، النّاشِئَةِ مِن نُفُوسِهِمُ الظّالِمَةِ المُظْلِمَةِ، لَفَسَدَ نِظامُ الكَوْنِ لِانْعِدامِ العَدْلِ الَّذِي قامَتْ بِهِ السَّماواتُ والأرْضُ، والتَّوْحِيدُ الَّذِي بِهِ قِوامُهُما فَلَزِمَ فَسادُ الكَوْنِ لِأنَّ مَناطَ النِّظامِ لَيْسَ إلّا ذَلِكَ، وفِيهِ مِن تَنْوِيهِ شَأْنِ الحَقِّ، والتَّنْبِيهِ عَلى سُمُوِّ مَكانِهِ، ما لا يَخْفى: ﴿بَلْ أتَيْناهم بِذِكْرِهِمْ﴾ إضْرابٌ عَنْ تَوْبِيخِهِمْ بِكَراهَتِهِ، وانْتِقالٌ إلى لَوْمِهِمْ بِالنُّفُورِ عَمّا تَرْغَبُ فِيهِ كُلُّ نَفْسٍ مِن خَيْرِها. أيْ: لَيْسَ هو مَكْرُوهًا بَلْ هو عِظَةٌ لَهم لَوِ اتَّعَظُوا. أوْ فَخْرُهم أوْ مُتَمَنّاهم لِأنَّهم كانُوا يَقُولُونَ: ﴿لَوْ أنَّ عِنْدَنا ذِكْرًا مِنَ الأوَّلِينَ﴾ [الصافات: ١٦٨] ﴿لَكُنّا عِبادَ اللَّهِ المُخْلَصِينَ﴾ [الصافات: ١٦٩] ﴿فَهم عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ﴾ أيْ: بِالنُّكُوصِ عَنْهُ. وأعادَ الذِّكْرَ تَفْخِيمًا. وأضافَهُ لَهم لِسَبْقِهِ. وفي سُورَةِ الأنْبِياءِ: ﴿ذِكْرِ رَبِّهِمْ﴾ [الأنبياء: ٤٢] لِاقْتِضاءِ ما قَبْلَهُ لَهُ: ﴿أمْ تَسْألُهم خَرْجًا﴾ [المؤمنون: ٧٢] (p-٤٤١٠)أيْ: جُعْلًا عَلى أداءِ الرِّسالَةِ، فَلِأجْلِ ذَلِكَ لا يُؤْمِنُونَ: ﴿فَخَراجُ رَبِّكَ خَيْرٌ﴾ [المؤمنون: ٧٢] أيْ: عَطاؤُهُ: ﴿وهُوَ خَيْرُ الرّازِقِينَ﴾ [المؤمنون: ٧٢] ﴿وإنَّكَ لَتَدْعُوهم إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [المؤمنون: ٧٣] ﴿وإنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ عَنِ الصِّراطِ لَناكِبُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٤] أيْ: مُنْحَرِفُونَ. قالَ القاشانِيُّ: الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ الَّذِي يَدْعُوهم إلَيْهِ، هو طَرِيقُ التَّوْحِيدِ المُسْتَلْزِمِ لِحُصُولِ العَدالَةِ في النَّفْسِ، ووُجُودِ المَحَبَّةِ في القَلْبِ. وشُهُودِ الوَحْدَةِ. والَّذِينَ يَحْتَجِبُونَ عَنْ عالَمِ النُّورِ بِالظُّلُماتِ، وعَنِ القُدُسِ بِالرِّجْسِ، إنَّما هم مُنْهَمِكُونَ في الظُّلْمِ والبَغْضاءِ والعَداوَةِ، والرُّكُونِ إلى الكَثْرَةِ. فَلا جَرَمَ أنَّهم عَنِ الصِّراطِ ناكِبُونَ مُنْحَرِفُونَ إلى ضِدِّهِ. فَهو في وادٍ وهم في وادٍ. وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: قَدْ ألْزَمَهُمُ الحُجَّةَ في هَذِهِ الآياتِ، وقَطَعَ مَعاذِيرَهم وعَلَّلَهم، بِأنَّ الَّذِي أُرْسِلَ إلَيْهِمْ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ أمْرُهُ وحالُهُ، مَخْبُورٌ سِرُّهُ وعَلَنُهُ، خَلِيقٌ بِأنْ يُجْتَبى مِثْلُهُ لِلرِّسالَةِ مِن بَيْنِ ظَهْرانِيهِمْ، وأنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ حَتّى يَدَّعِيَ بِمِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوى العَظِيمَةِ بِباطِلٍ، ولَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ سُلَّمًا إلى النَّيْلِ مِن دُنْياهم، واسْتِعْطاءِ أمْوالِهِمْ، ولَمْ يَدْعُهم إلّا إلى دِينِ الإسْلامِ، الَّذِي هو الصِّراطُ المُسْتَقِيمُ. مَعَ إبْرازِ المَكْنُونِ مِن أدْوائِهِمْ، وهو إخْلالُهم بِالتَّدَبُّرِ والتَّأمُّلِ، واسْتِهْتارُهم بِدِينِ الآباءِ الضُّلّالِ مِن غَيْرِ بُرْهانٍ، وتَعَلُّلِهِمْ بِأنَّهُ مَجْنُونٌ، بَعْدَ ظُهُورِ الحَقِّ، وثَباتِ التَّصْدِيقِ مِنَ اللَّهِ بِالمُعْجِزاتِ والآياتِ النَّيِّرَةِ، وكَراهَتِهِمْ لِلْحَقِّ وإعْراضِهِمْ عَمّا فِيهِ حَظُّهم مِنَ الذِّكْرِ. وقَوْلُهُ تَعالى:
{"ayahs_start":71,"ayahs":["وَلَوِ ٱتَّبَعَ ٱلۡحَقُّ أَهۡوَاۤءَهُمۡ لَفَسَدَتِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتُ وَٱلۡأَرۡضُ وَمَن فِیهِنَّۚ بَلۡ أَتَیۡنَـٰهُم بِذِكۡرِهِمۡ فَهُمۡ عَن ذِكۡرِهِم مُّعۡرِضُونَ","أَمۡ تَسۡـَٔلُهُمۡ خَرۡجࣰا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَیۡرࣱۖ وَهُوَ خَیۡرُ ٱلرَّ ٰزِقِینَ","وَإِنَّكَ لَتَدۡعُوهُمۡ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ","وَإِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَ ٰطِ لَنَـٰكِبُونَ"],"ayah":"وَإِنَّ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَ ٰطِ لَنَـٰكِبُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











