الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٦٩ - ٧٠] ﴿أمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهم فَهم لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ ﴿أمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهم بِالحَقِّ وأكْثَرُهم لِلْحَقِّ كارِهُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٠] . ﴿أمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهم فَهم لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ أيْ: جاحِدُونَ بِما أُرْسِلَ بِهِ. وهَذا تَوْبِيخٌ آخَرُ يُشِيرُ إلى عَظِيمِ جَهالَتِهِمْ، بِأنَّهم ما عَرَفُوا شَأْنَهُ ولا دَرَوْا سِرَّ ما بُعِثَ بِهِ مِمّا يُؤْسَفُ لَهُ. كَما قالَ: ﴿يا حَسْرَةً عَلى العِبادِ ما يَأْتِيهِمْ مِن رَسُولٍ إلا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ [يس: ٣٠] ﴿أمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ﴾ [المؤمنون: ٧٠] أيْ: جُنُونٌ، أوْ جِنٌّ يُخَبِّلُونَهُ. وهَذا تَوْبِيخٌ آخَرُ، فِيهِ تَعْجِيبٌ مِن تَلَوُّنِهِمْ في الجُحُودِ، وتَفَنُّنِهِمْ في العِنادِ، ثُمَّ أشارَ إلى أنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهم عَلى ذَلِكَ إلّا أنَفَتُهم لِلْحَقِّ كِبْرًا وُعُتُوًّا بِقَوْلِهِ: ﴿بَلْ جاءَهم بِالحَقِّ وأكْثَرُهم لِلْحَقِّ كارِهُونَ﴾ [المؤمنون: ٧٠] أيْ: لِما فِيهِمْ مِنَ الزَّيْغِ والِانْحِرافِ. (p-٤٤٠٩)قالَ القاشانِيُّ: ولَمّا أبْطَلُوا اسْتِعْداداتِهِمْ وأطْفَأُوا نُورَها بِالرَّيْنِ والطَّبْعِ، عَلى مُقْتَضى قُوى النَّفْسِ والطَّبْعِ، واشْتَدَّ احْتِجابُهم بِالغَواشِي الظُّلْمانِيَّةِ عَنْ نُورِ الهُدى والعَقْلِ، لَمْ يُمْكِنْهم تَدَبُّرُ القَوْلِ ولَمْ يَفْهَمُوا حَقائِقَ التَّوْحِيدِ، والعَدْلِ فَنَسَبُوهُ إلى الجِنَّةِ ولَمْ يَعْرِفُوهُ، لِلتَّقابُلِ بَيْنَ النُّورِ والظُّلْمَةِ، والتَّضادِّ بَيْنَ الباطِلِ والحَقِّ، وأنْكَرُوهُ وكَرِهُوا الحَقَّ الَّذِي جاءَ بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب