الباحث القرآني

ثُمَّ بَيَّنَ سُبْحانَهُ مَن لَهُ المُسارَعَةُ في الخَيْراتِ مِن أوْلِيائِهِ وعِبادِهِ، بِقَوْلِهِ تَعالى: (p-٤٤٠٤)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٥٧ - ٦١] ﴿إنَّ الَّذِينَ هم مِن خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ ﴿والَّذِينَ هم بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٨] ﴿والَّذِينَ هم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٩] ﴿والَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وقُلُوبُهم وجِلَةٌ أنَّهم إلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٠] ﴿أُولَئِكَ يُسارِعُونَ في الخَيْراتِ وهم لَها سابِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٦١] . ﴿إنَّ الَّذِينَ هم مِن خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾ أيْ: مِن خَوْفِ عَذابِهِ حَذِرُونَ: ﴿والَّذِينَ هم بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٨] ﴿والَّذِينَ هم بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ﴾ [المؤمنون: ٥٩] أيْ: شِرْكًا جَلِيًّا، ولا خَفِيًّا: ﴿والَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا﴾ [المؤمنون: ٦٠] أيْ: يُعْطُونَ ما أعْطَوْهُ مِنَ الصَّدَقاتِ: ﴿وقُلُوبُهم وجِلَةٌ﴾ [المؤمنون: ٦٠] أيْ: خائِفَةٌ: ﴿أنَّهم إلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٠] أيْ: مِن رُجُوعِهِمْ إلَيْهِ تَعالى، فَتَخْشى أنْ تُحاسَبَ عَلى ما قَصَّرَتْ مِنَ الحُقُوقِ، أوْ غَفَلَتْ عَنْهُ مِنَ الآدابِ: ﴿أُولَئِكَ يُسارِعُونَ في الخَيْراتِ﴾ [المؤمنون: ٦١] أيْ: في نَيْلِ الخَيْراتِ الَّتِي مِن جُمْلَتِها الخَيْراتُ العاجِلَةُ المَوْعُودَةُ عَلى الأعْمالِ الصّالِحَةِ. كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وحُسْنَ ثَوابِ الآخِرَةِ﴾ [آل عمران: ١٤٨] وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وآتَيْناهُ أجْرَهُ في الدُّنْيا وإنَّهُ في الآخِرَةِ لَمِنَ الصّالِحِينَ﴾ [العنكبوت: ٢٧] فَقَدْ أثْبَتَ لَهم ما نَفى عَنْ أضْدادِهِمْ، خَلا أنَّهُ غَيَّرَ الأُسْلُوبَ، حَيْثُ لَمْ يَقُلْ: { أُولَئِكَ نُسارِعُ لَهم في الخَيْراتِ } بَلْ أسْنَدَ المُسارَعَةَ إلَيْهِمْ، إيماءً إلى كَمالِ اسْتِحْقاقِهِمْ لِنَيْلِ الخَيْراتِ بِمَحاسِنِ أعْمالِهِمْ. وإيثارُ كَلِمَةِ (فِي ) عَلى كَلِمَةِ (إلى ) لِلْإيذانِ بِأنَّهم مُتَقَلِّبُونَ في فُنُونِ الخَيْراتِ. لا أنَّهم خارِجُونَ عَنْها، مُتَوَجِّهُونَ إلَيْها، بِطَرِيقِ المُسارَعَةِ كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وسارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكم وجَنَّةٍ﴾ [آل عمران: ١٣٣] أفادَهُ أبُو السُّعُودِ. (p-٤٤٠٥)﴿وهم لَها سابِقُونَ﴾ [المؤمنون: ٦١] أيْ: إيّاها سابِقُونَ. أيْ: يَنالُونَها قَبْلَ الآخِرَةِ، حَيْثُ عُجِّلَتْ لَهم في الدُّنْيا، فَتَكُونُ اللّامُ لِتَقْوِيَةِ العَمَلِ. كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هم لَها عامِلُونَ﴾ [المؤمنون: ٦٣] وقِيلَ: المُرادُ: ﴿بِالخَيْراتِ﴾ [فاطر: ٣٢] الطّاعاتُ. والمَعْنى: يَرْغَبُونَ في الطّاعاتِ والعِباداتِ أشَدَّ الرَّغْبَةِ. وهم لِأجْلِها فاعِلُونَ السَّبْقَ، أوْ لِأجْلِها سابِقُونَ النّاسَ، واللَّهُ أعْلَمُ، وقَوْلُهُ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب