الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٥ - ١٧] ﴿ثُمَّ إنَّكم بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾ ﴿ثُمَّ إنَّكم يَوْمَ القِيامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: ١٦] ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكم سَبْعَ طَرائِقَ وما كُنّا عَنِ الخَلْقِ غافِلِينَ﴾ [المؤمنون: ١٧] . ﴿ثُمَّ إنَّكم بَعْدَ ذَلِكَ﴾ أيْ: بَعْدَ ما ذُكِرَ مِنَ الأُمُورِ العَجِيبَةِ وتَحْصِيلِ هَذِهِ الكَمالاتِ: ﴿لَمَيِّتُونَ﴾ أيْ: لَصائِرُونَ إلى المَوْتِ. قالَ المَهايِمِيُّ: والحَكِيمُ لا يُتْلِفُ ما اسْتَكْمَلَهُ بِأنْواعِ التَّكْمِيلِ، ولِذَلِكَ سَيَبْعَثُهُ كَما قالَ: ﴿ثُمَّ إنَّكم يَوْمَ القِيامَةِ تُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: ١٦] أيْ: مِن قُبُورِكم لِلْحِسابِ والمُجازاةِ: ﴿ولَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكم سَبْعَ طَرائِقَ﴾ [المؤمنون: ١٧] أيْ: سَبْعَ سَماواتٍ هي طُرُقٌ لِلْمَلائِكَةِ والكَواكِبُ فِيها مَسِيرُها. قالَ بَعْضُ عُلَماءِ الفَلَكِ (فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الآيَةِ ): أيْ: سَبْعَةُ أفْلاكٍ، لِلسَّبْعِ سَماواتٍ، لِكُلِّ سَماءٍ طَرِيقٌ تَجْرِي بِما مَعَها مِنَ الأقْمارِ. قالَ: فَلِذَلِكَ دَلَّنا اللَّهُ سُبْحانَهُ بِأنَّ العالَمَ الشَّمْسِيَّ يَنْقَسِمُ إلى سَبْعِ طَرائِقَ، خِلافَ طَرِيقِ الأرْضِ الَّذِي يُعَيِّنُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَوْقَكُمْ﴾ [المؤمنون: ١٧] فالمَسافَةُ ابْتِداءً مِن مُنْتَصَفِ البُعْدِ بَيْنَ الشَّمْسِ وعُطارِدَ تَقْرِيبًا، إلى مُنْتَهى فَلَكِ نِبْتُونَ، تَنْقَسِمُ إلى سَبْعَةِ أقْسامٍ بِحَسَبِ بُعْدِ كُلِّ سَيّارٍ. كُلُّ قِسْمٍ تَجْرِي فِيهِ سَماءٌ بِما مَعَها. ويُسَمّى هَذا الطَّرِيقُ فَلَكًا ﴿وما كُنّا عَنِ الخَلْقِ غافِلِينَ﴾ [المؤمنون: ١٧] أيْ: عَنْ ذَلِكَ المَخْلُوقِ، الَّذِي هو السَّماواتُ، أوْ جَمِيعُ المَخْلُوقاتِ. فالتَّعْرِيفُ عَلى الأوَّلِ، عَهْدِيٌّ، وعَلى الثّانِي اسْتِغْراقِيٌّ. أيْ: ما كُنّا مُهْمَلِينَ أمْرَ الخَلْقِ، بَلْ نَحْفَظُهُ ونُدَبِّرُ أمْرَهُ حَتّى يَبْلُغَ مُنْتَهى ما قُدِّرَ لَهُ مِنَ الكَمالِ، حَسْبَما اقْتَضَتْهُ الحِكْمَةُ، وتَعَلَّقَتْ بِهِ المَشِيئَةُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب