الباحث القرآني

(p-٤٢٤٣)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ الأنْبِياءِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاشْتِمالِها عَلى فَضائِلَ جَلِيلَةٍ، لِجَماعَةٍ مِنهم عَلَيْهِمُ السَّلامُ. وهِيَ مَكِّيَّةٌ واسْتَثْنى مِنها بَعْضُهم آيَةَ ﴿أفَلا يَرَوْنَ أنّا نَأْتِي الأرْضَ نَنْقُصُها مِن أطْرافِها﴾ [الأنبياء: ٤٤] وهي مِائَةٌ واثْنَتا عَشْرَةَ آيَةً. ورَوى البُخارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قالَ: بَنُو إسْرائِيلَ والكَهْفُ ومَرْيَمُ وطَهَ والأنْبِياءُ، هُنَّ مِنَ العَتاقِ الأوَّلِ، وهُنَّ مِن تِلادِي. قالَ ابْنُ الأثِيرِ: أيْ مِن أوَّلِ ما أخَذْتُهُ وتَعَلَّمْتُهُ بِمَكَّةَ. والتّالِدُ: المالُ القَدِيمُ الَّذِي وُلِدَ عِنْدَكَ، وهو نَقِيضُ الطّارِفِ. (p-٤٢٤٤)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١] ﴿اقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهم وهم في غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ﴾ . ﴿اقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ﴾ أيْ: دَنا لِأهْلِ مَكَّةَ ما وُعِدُوا بِهِ في الكِتابِ مِنَ الحِسابِ الأُخْرَوِيِّ وهو عَذابُهُمْ: ﴿وهم في غَفْلَةٍ﴾ أيْ: عَمّا يُرادُ بِهِمْ: ﴿مُعْرِضُونَ﴾ أيْ: مُكَذِّبُونَ بِهِ. وإنَّما كانَ مُقْتَرِبًا لِأنَّ كُلَّ آتٍ وإنْ طالَتْ أوْقاتُ اسْتِقْبالِهِ وتَرَقُّبُهُ، قَرِيبٌ. وقَدْ قالَ تَعالى: ﴿إنَّهم يَرَوْنَهُ بَعِيدًا﴾ [المعارج: ٦] ﴿ونَراهُ قَرِيبًا﴾ [المعارج: ٧] وقالَ تَعالى: ﴿ويَسْتَعْجِلُونَكَ بِالعَذابِ ولَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وعْدَهُ وإنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَألْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ﴾ [الحج: ٤٧] ولا يَخْفى ما في عُمُومِ (النّاسِ) مِنَ التَّرْهِيبِ البَلِيغِ. وإنَّ حَقَّ النّاسِ أنْ يَنْتَبِهُوا لِدُنُوِّ السّاعَةِ، لِيَتَلافَوْا تَفْرِيطَهم بِالتَّوْبَةِ والنَّدَمِ. كَما أنَّ في تَسْمِيَةِ يَوْمِ القِيامَةِ، بِيَوْمِ الحِسابِ زِيادَةَ إيقاظٍ، لِأنَّ الحِسابَ هو الكاشِفُ عَنْ حالِ المَرْءِ، فَفي العُنْوانِ ما يُرْهَبُ مِنهُ، ولَوْ قِيلَ بِأنَّ الحِسابَ أعَمُّ مِنَ الدُّنْيَوِيِّ والأُخْرَوِيِّ لَمْ يَبْعُدْ، ويَكُونُ فِيهِ إشارَةٌ إلى قُرْبِ مُحاسَبَةِ مُشْرِكِي مَكَّةَ بِالِانْتِصافِ مِنهم والِانْتِصارِ عَلَيْهِمْ، كَما أُشِيرَ إلَيْهِ في آيَةِ: ﴿فَعَسى اللَّهُ أنْ يَأْتِيَ بِالفَتْحِ﴾ [المائدة: ٥٢] ووَعَدَ بِهِ النَّبِيَّ وصَحْبَهُ في آياتٍ كَثِيرَةٍ. إلّا أنَّ شُهْرَةَ الحِسابِ فِيما بَعْدَ البَعْثِ الأُخْرَوِيِّ، حَمَلَ المُفَسِّرِينَ عَلى قَصْرِ الآيَةِ عَلَيْهِ. واللَّهُ أعْلَمُ. وقَوْلُهُ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب