الباحث القرآني

(p-٤١٦٨)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ طَهَ وهِيَ مَكِّيَّةٌ. وقِيلَ: إلّا قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ﴾ [طه: ١٣٠] الآيَةَ. وقَوْلَهُ: ﴿ولا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ﴾ [طه: ١٣١] الآيَةَ، وآياتُها مِائَةٌ وخَمْسٌ وثَلاثُونَ. (p-٤١٦٩)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١] ﴿طه﴾ [٢] ﴿ما أنْزَلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقى﴾ [طه: ٢] [٣] ﴿إلا تَذْكِرَةً لِمَن يَخْشى﴾ [طه: ٣] . ﴿طه﴾ قَدَّمْنا أنَّ الحَقَّ في هَذِهِ الحُرُوفِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِها سُوَرُها، أنَّها أسْماءٌ لَها. وفِيهِ إشارَةٌ إلى أنَّها مُؤَلَّفَةٌ مِنها. ومَعَ ذَلِكَ فَفي عَجْزِهِمْ عَنْ مُحاكاتِها أبْلَغُ آيَةٍ عَلى صِدْقِها. ونَبَّهَ الإمامُ ابْنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلى نُكْتَةٍ أُخْرى في (الكافِيَةِ الشّافِيَةِ) بِقَوْلِهِ: ؎وانْظُرْ إلى السُّوَرِ الَّتِي افْتُتِحَتْ بِأحْـ ــرُفِها تُرى سِرًّا عَظِيمَ الشّانِ ؎لَمْ يَأْتِ قَطُّ بِسُورَةٍ إلّا أتى ∗∗∗ في إثْرِها خَبَرٌ عَنِ القُرْآنِ ؎إذْ كانَ إخْبارًا بِهِ عَنْها. وفي ∗∗∗ هَذا الشِّفاءُ لِطالِبِ الإيمانِ ؎ويَدُلُّ أنَّ كَلامَهُ هو نَفْسُها ∗∗∗ لا غَيْرُها، والحَقُّ ذُو تِبْيانِ ؎فانْظُرْ إلى مَبْدا الكِتابِ وبَعْدَها الـ ∗∗∗ أعْرافُ ثُمَّ كَذا إلى لُقْمانِ ؎مَعَ تِلْوِها أيْضًا ومَعَ حَمَ مَعَ ∗∗∗ يَسَ وافْهَمْ مُقْتَضى الفُرْقانِ ﴿ما أنْزَلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقى﴾ [طه: ٢] أيْ: لِتَتْعَبَ بِفَرْطِ تَأسُّفِكَ عَلَيْهِمْ وعَلى كُفْرِهِمْ، وتَحَسُّرِكَ عَلى أنْ يُؤْمِنُوا و(الشَّقاءُ) في مَعْنى التَّعَبِ. ومِنهُ المَثَلُ: أشْقى مِن رائِضِ مُهْرٍ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إلا تَذْكِرَةً لِمَن يَخْشى﴾ [طه: ٣] أيْ: تَذْكِيرًا لَهُ. أيْ: ما أنْزَلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَتْعَبَ بِتَبْلِيغِهِ، ولَكِنْ تَذْكِرَةً لِمَن في قَلْبِهِ خَشْيَةٌ ورِقَّةٌ يَتَأثَّرُ بِالإنْذارِ. والقَصْدُ أنَّهُ ما عَلَيْكَ إلّا أنْ تُبَلِّغَ وتُذَكِّرَ، ولَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكَ أنْ يُؤْمِنُوا لا مَحالَةَ. وقَدْ جَرَتِ السُّنَّةُ الإلَهِيَّةُ (p-٤١٧٠)فِي خِطابِ الرَّسُولِ في مَواضِعَ مِنَ التَّنْزِيلِ، أنْ يَنْهاهُ عَنِ الحُزْنِ عَلَيْهِمْ وضِيقِ الصَّدْرِ بِهِمْ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَلا يَكُنْ في صَدْرِكَ حَرَجٌ﴾ [الأعراف: ٢]، ﴿فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ﴾ [الكهف: ٦]، ولا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ في الكُفْرِ، وهَذِهِ الآيَةُ مِن هَذا البابِ أيْضًا. وفِي ذَلِكَ كُلِّهِ مِن تَكْرِيمِ الرَّسُولِ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وحُسْنِ العِنايَةِ بِهِ والرَّأْفَةِ، ما لا يَخْفى. ثُمَّ أشارَ إلى تَضْخِيمِ شَأْنِ هَذا المُنْزَلِ الكَرِيمِ، لِنِسْبَتِهِ إلى المُتَفَرِّدِ بِصِفاتِهِ وأفْعالِهِ، بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب