الباحث القرآني

(p-١١٧)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٤٢ ] ﴿ولا تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالباطِلِ وتَكْتُمُوا الحَقَّ وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [٤٣ ] ﴿وأقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ وارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣] ﴿ولا تَلْبِسُوا الحَقَّ بِالباطِلِ وتَكْتُمُوا الحَقَّ وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ﴿وأقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ وارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ﴾ [البقرة: ٤٣] اللَّبْسُ الخَلْطُ، وقَدْ يَلْزَمُهُ الِاشْتِباهُ بَيْنَ المُخْتَلِطِينَ. والمَعْنى لا تَخْلِطُوا الحَقَّ المُنَزَّلَ بِالباطِلِ الَّذِي يَخْتَرِعُونَهُ أوْ يَذْكُرُونَهُ في تَأْوِيلِهِ حَتّى يُشْتَبَهَ أحَدُهُما بِالآخَرِ، وقَوْلُهُ "وتَكْتُمُوا" مَجْزُومٌ داخِلٌ تَحْتَ حُكْمِ النَّهْيِ. وتَكْرِيرُ الحَقِّ، لِزِيادَةِ تَقْبِيحِ المَنهِيِّ عَنْهُ؛ إذْ في التَّصْرِيحِ بِاسْمِ الحَقِّ، ما لَيْسَ في ضَمِيرِهِ، والتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ "وأنْتُمْ تَعْلَمُونَ" لِزِيادَةِ تَقْبِيحِ حالِهِمْ؛ إذِ الجاهِلُ عَسى يُعْذَرُ، وقَوْلُهُ "وأقِيمُوا الصَّلاةَ" الآيَةَ، أمْرٌ بِلُزُومِ الشَّرائِعِ عَلَيْهِمْ بَعْدَ الإيمانِ، وذَلِكَ إقامَةُ الصَّلاةِ بِأدائِها بِفُرُوضِها، والمُحافَظَةِ عَلَيْها. وإعْطاءِ الصَّدَقَةِ المَفْرُوضَةِ، والرُّكُوعِ لِلَّهِ، أيِ: الخُضُوعُ لِأوامِرِهِ بِإطاعَتِها. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: هَذا أمْرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَناؤُهُ، لِمَن ذَكَرَ مِن أحْبارِ بَنِي إسْرائِيلَ ومُنافِقِيها بِالإنابَةِ والتَّوْبَةِ إلَيْهِ، وبِإقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ، والدُّخُولِ مَعَ المُسْلِمِينَ في الإسْلامِ، والخُضُوعِ لَهُ بِالطّاعَةِ، ونَهْيٌ مِنهُ لَهم عَنْ كِتْمانِ ما قَدْ عَلِمُوهُ مِن نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ، بَعْدَ تَظاهُرِ حُجَجِهِ عَلَيْهِمْ، وبَعْدَ الإعْذارِ لَهم والإنْذارِ. وبَعْدَ تَذْكِيرِهِ نِعَمَهُ إلَيْهِمْ، وإلى أسْلافِهِمْ تَعَطُّفًا مِنهُ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وإبْلاغًا إلَيْهِمْ في المَقْدِرَةِ. اهـ. وقَدْ قِيلَ في قَوْلِهِ: "وارْكَعُوا مَعَ الرّاكِعِينَ" حَثٌّ عَلى إقامَةِ الصَّلاةِ في الجَماعَةِ لِما فِيها مِن تَظاهُرِ النُّفُوسِ في المُناجاةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب