الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١٥ ] ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ ويَمُدُّهم في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ "اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ" يَسْخَرُ بِهِمْ لِلنِّقْمَةِ مِنهم -هَكَذا فَسَّرَهُ ابْنُ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما فِيما رَواهُ الضَّحّاكُ-: ﴿ويَمُدُّهم في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ يَزِيدُهم عَلى وجْهِ الإمْلاءِ، والتَّرْكُ لَهم في عُتُوِّهِمْ وتَمَرُّدِهِمْ، كَما قالَ تَعالى: ﴿ونُقَلِّبُ أفْئِدَتَهم وأبْصارَهم كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أوَّلَ مَرَّةٍ ونَذَرُهم في طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الأنعام: ١١٠] (p-٥١)و(الطُّغْيانُ) المُرادُ بِهِ هُنا: الغُلُوُّ في الكُفْرِ ومُجاوَزَةُ الحَدِّ في العُتُوِّ. وأصْلُ المادَّةِ هو المُجاوَزَةُ في الشَّيْءِ، كَما قالَ تَعالى: ﴿إنّا لَمّا طَغى الماءُ حَمَلْناكم في الجارِيَةِ﴾ [الحاقة: ١١] و(العَمَهُ): مِثْلُ العَمى - إلّا أنَّ العَمى عامٌّ في البَصَرِ والرَّأْيِ، والعَمَهُ في الرَّأْيِ خاصَّةً - وهو التَّحَيُّرُ والتَّرَدُّدُ، لا يَدْرِي أيْنَ يَتَوَجَّهُ. أيْ في ضَلالِهِمْ وكُفْرِهِمُ - الَّذِي غَمَرَهم دَنَسُهُ، وعَلاهم رِجْسُهُ - يَتَرَدَّدُونَ حَيارى، ضُلّالًا، لا يَجِدُونَ إلى المَخْرَجِ مِنهُ سَبِيلًا. والمَشْهُورُ فَتْحُ الياءِ مِن "يَمُدُّهُمْ"، وقُرِئَ - شاذًّا - بِضَمِّها، وهُما بِمَعْنًى واحِدٍ. يُقالُ: مَدَّ الجَيْشَ وأمَدَّهُ - إذا زادَهُ، وألْحَقَ بِهِ ما يُقَوِّيهِ ويُكَثِّرُهُ -وكَذَلِكَ مَدَّ الدَّواةَ وأمَدَّها زادَها ما يُصْلِحُها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب