الباحث القرآني
(p-٢٧٩)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[١٤٢ ] ﴿سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النّاسِ ما ولاهم عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها قُلْ لِلَّهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾
﴿سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النّاسِ ما ولاهم عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها﴾ رَوى البُخارِيُّ في صَحِيحِهِ عَنِ البَراءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلّى إلى بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وكانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُعْجِبُهُ أنْ تَكُونَ قِبْلَتُهُ قِبَلَ البَيْتِ، وأنَّهُ صَلّى أوَّلَ صَلاةٍ صَلّاها، صَلاةَ العَصْرِ وصَلّى مَعَهُ قَوْمٌ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِمَّنْ كانَ صَلّى مَعَهُ فَمَرَّ عَلى أهْلِ المَسْجِدِ وهم راكِعُونَ فَقالَ: أشْهَدُ بِاللَّهِ لَقَدْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدارُوا كَما هم قِبَلَ البَيْتِ».
ورَوى مُسْلِمٌ عَنِ البَراءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَحْوَ ما تَقَدَّمَ ولَفْظُهُ: «صَلَّيْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صَرَفَنا نَحْوَ الكَعْبَةِ» .
ورَوى الشَّيْخانِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: «بَيْنا النّاسُ بِقُباءٍ في صَلاةِ الصُّبْحِ إذْ جاءَهم آتٍ فَقالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ قُرْآنٌ. وقَدْ أُمِرَ أنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ فاسْتَقْبِلُوها، وكانَتْ وُجُوهُهم إلى الشّامِ فاسْتَدارُوا إلى الكَعْبَةِ». (اللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ)
والأحادِيثُ في تَحْوِيلِ القِبْلَةِ مِنَ القُدْسِ إلى الكَعْبَةِ مُتَوافِرَةٌ، وفِيما ذَكَرْنا كِفايَةٌ.
(p-٢٨٠)وقَدْ أعْلَمَ اللَّهُ تَعالى نَبِيَّهُ ﷺ والمُؤْمِنِينَ أنَّ فَرِيقًا مِنَ النّاسِ سَيُنْكِرُونَ تَغْيِيرَ القِبْلَةِ وسَمّاهم سُفَهاءَ، جَمْعُ سَفِيهٍ، وهو الخَفِيفُ الحِلْمِ والأحْمَقُ والجاهِلُ. قالَ أبُو السُّعُودِ: أيِ الَّذِينَ خَفَّتْ أحْلامُهم واسْتَمْهَنُوها بِالتَّقْلِيدِ والإعْراضِ عَنِ التَّدَبُّرِ والنَّظَرِ. انْتَهى.
ومَعْنى قَوْلِهِ "ما ولّاهُمْ" أيْ أيُّ شَيْءٍ صَرَفَهم عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها، أيْ ثابِتِينَ عَلى التَّوَجُّهِ إلَيْها، وهي بَيْتُ المَقْدِسِ. ومَدارُ الإنْكارِ، إنْ كانَ القائِلُونَ هُمُ اليَهُودَ، كَراهَتُهم لِلتَّحْوِيلِ عَنْها لِأنَّها قَبِلَتَهم، وإنْ كانَ غَيْرُهم، فَمُجَرَّدُ القَصْدِ إلى الطَّعْنِ في الدِّينِ والقَدْحِ في أحْكامِهِ. وقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّ القائِلِينَ هُمُ اليَهُودُ، وعَنِ الحَسَنِ أنَّهم مُشْرِكُو العَرَبِ. وعَنِ السُّدِّيِّ أنَّهُمُ المُنافِقُونَ.
قالَ الرّاغِبُ: ولا تَنافِيَ بَيْنَ أقْوالِهِمْ فَكُلٌّ قَدْ عابُوا، وكُلٌّ سُفَهاءُ.
(تَنْبِيهٌ): ظاهِرُ قَوْلِهِ تَعالى "سَيَقُولُ السُّفَهاءُ" إلَخْ، أنَّهُ إخْبارٌ بِقَوْلِهِمُ المَذْكُورِ، ثُمَّ إنَّ الإخْبارَ قَبْلَ وُقُوعِهِ. وفائِدَتُهُ تَوْطِينُ النَّفْسِ وإعْدادُ ما يُبَكِّتُهم، فَإنَّ مُفاجَأةَ المَكْرُوهِ عَلى النَّفْسِ أشَقُّ وأشَدُّ، والجَوابُ العَتِيدُ لِشَغَبِ الخَصْمِ الألَدِّ أرَدُّ، مَعَ ما فِيهِ مِن دَلائِلِ النُّبُوَّةِ حَيْثُ يَكُونُ إخْبارًا عَنْ غَيْبٍ، فَيَكُونُ مُعْجِزًا: ﴿قُلْ لِلَّهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ﴾ جَوابٌ عَنْ شُبْهَتِهِمْ. وتَقْرِيرُهُ أنَّ الجِهاتِ كُلَّها لِلَّهِ مِلْكًا، فَلا يَسْتَحِقُّ شَيْءٌ مِنها لِذاتِهِ أنْ يَكُونَ قِبْلَةً. بَلْ إنَّما تَصِيرُ قِبْلَةً لِأنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَها قِبْلَةً، فَلا اعْتِراضَ عَلَيْهِ بِالتَّحْوِيلِ مِن جِهَةٍ إلى أُخْرى، وما أمَرَ بِهِ فَهو الحَقُّ: ﴿يَهْدِي مَن يَشاءُ إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ فِيهِ تَعْظِيمُ أهْلِ الإسْلامِ وإظْهارُ عِنايَتِهِ تَعالى بِهِمْ وتَفْخِيمُ شَأْنِ الكَعْبَةِ. كَما فَخَّمَهُ بِإضافَتِهِ إلَيْهِ في قَوْلِهِ تَعالى ﴿وطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾ [الحج: ٢٦]
{"ayah":"۞ سَیَقُولُ ٱلسُّفَهَاۤءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِی كَانُوا۟ عَلَیۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ یَهۡدِی مَن یَشَاۤءُ إِلَىٰ صِرَ ٰطࣲ مُّسۡتَقِیمࣲ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











