الباحث القرآني

(p-٤١٢٤)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ مَرْيَمَ سُمِّيَتْ بِها لِاشْتِمالِها عَلى نَبَئِها الخارِقِ. وقالَ المَهايِمِيُّ: لِأنَّ قِصَّتَها تُشِيرُ إلى أنَّ مَنِ اعْتَزَلَ مِن أهْلِهِ لِعِبادَةِ اللَّهِ، وطَلَبَ بِها إشْراقَ نُورِهِ، يُرْجى أنْ يَكْشِفَ لَهُ عَنْ صِفاتِ الحَقِّ وعَنْ عالَمِ المَلَكُوتِ، وتَظْهَرُ لَهُ الكَراماتُ العَجِيبَةُ. وهَذا مِن أعْظَمِ مَقاصِدِ القُرْآنِ. وهي مَكِّيَّةُ النُّزُولِ. واسْتَثْنى بَعْضُهم مِنها آيَةَ السَّجْدَةِ، وآيَةَ ﴿وإنْ مِنكم إلا وارِدُها﴾ [مريم: ٧١] وقَدْ رَوى مُحَمَّدُ بْنُ إسْحاقَ، في السِّيرَةِ، مِن حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ، وأحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ في قِصَّةِ الهِجْرَةِ إلى أرْضِ الحَبَشَةِ مِن مَكَّةَ، أنَّ جَعْفَرَ بْنَ أبِي طالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأ صَدْرَ هَذِهِ السُّورَةِ عَلى النَّجاشِيِّ وأصْحابِهِ. وآياتُها ثَمانٍ وتِسْعُونَ. (p-٤١٢٥)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [١] ﴿كهيعص﴾ [٢] ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّا﴾ [مريم: ٢] [٣] ﴿إذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا﴾ [مريم: ٣] . ﴿كهيعص﴾ سَلَفَ في أوَّلِ سُورَةِ البَقَرَةِ الكَلامُ عَلى هَذِهِ الأحْرُفِ، المُبْتَدَأِ بِها. وأوْلى الأقْوالِ بِالصَّوابِ أنَّها أسْماءٌ لِلسُّورَةِ المُبْتَدَأِ بِها. وكَوْنُها خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. أيْ: هَذا: ﴿كهيعص﴾ أيْ: مُسَمًّى بِهِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّا﴾ [مريم: ٢] مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ. أيْ: فِيما يُتْلى عَلَيْكَ. أوْ خَبَرُ مَحْذُوفٍ. أيْ: هَذا المَتْلُوُّ ذِكْرُها و(زَكَرِيّا) والِدُ يَحْيى عَلَيْهِما السَّلامُ. بَدَلٌ مِن (عَبْدِهِ) أوْ عَطْفُ بَيانٍ لَهُ. قالَ المَهايِمِيُّ: أيْ: ذِكْرُ اللَّهِ لَنا ما رَحِمَ بِهِ زَكَرِيّا عَلَيْهِ السَّلامُ بِمُقْتَضى كَمالِ رُبُوبِيَّتِهِ. فَأعْطاهُ ولَدًا كامِلًا في بابِ النُّبُوَّةِ. فَبَشَّرَهُ بِنَفْسِهِ تارَةً وبِمَلائِكَتِهِ أُخْرى. وتَوَلّى تَسْمِيَتَهُ ولَمْ يُشْرِكْ فِيها مَن تَقَدَّمَهُ. وذِكْرُها لَنا كَبِيرُ هِبَةٍ لَنا، في تَعْرِيفِ مَقامِ النُّبُوَّةِ، وقُدْرَةِ اللَّهِ وعِنايَتِهِ بِصَفْوَتِهِ. ﴿إذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا﴾ [مريم: ٣] ظَرْفٌ لِـ (رَحْمَةِ) أوْ بَدَلُ اشْتِمالٍ مِن (زَكَرِيّا) والنِّداءُ في الأصْلِ رَفْعُ الصَّوْتِ وظُهُورُهُ. والمُرادُ بِهِ الدُّعاءُ. وقَدْ راعى أدَبَ الدُّعاءِ، وهو إخْفاؤُهُ، لِكَوْنِهِ أبْعَدَ عَنِ الرِّياءِ، وأدْخَلَ في الإخْلاصِ. ثُمَّ فَسَّرَ الدُّعاءَ بِقَوْلِهِ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب