الباحث القرآني

وقَوْلُهُ تَعالى: (p-٤٠٦١)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٣٩] ﴿ولَوْلا إذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إلا بِاللَّهِ إنْ تَرَنِ أنا أقَلَّ مِنكَ مالا ووَلَدًا﴾ [٤٠] ﴿فَعَسى رَبِّي أنْ يُؤْتِيَنِي خَيْرًا مِن جَنَّتِكَ ويُرْسِلَ عَلَيْها حُسْبانًا مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ [الكهف: ٤٠] [٤١] ﴿أوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا﴾ [الكهف: ٤١] . ﴿ولَوْلا إذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ﴾ أيْ: هَلّا قُلْتَ عِنْدَ دُخُولِها ذَلِكَ. قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يَجُوزُ أنْ تَكُونَ ما مَوْصُولَةً مَرْفُوعَةَ المَحَلِّ، عَلى أنَّها خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. تَقْدِيرُهُ (الأمْرُ ما شاءَ اللَّهُ) أوْ شَرْطِيَّةً مَنصُوبَةَ المَوْضِعِ والجَزاءُ مَحْذُوفٌ بِمَعْنى (أيُّ شَيْءٍ شاءَ اللَّهُ كانَ) ونَظِيرُها في حَذْفِ الجَوابِ (لَوْ) في قَوْلِهِ: ﴿ولَوْ أنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجِبالُ﴾ [الرعد: ٣١] والمَعْنى: هَلّا قُلْتَ عِنْدَ دُخُولِها، والنَّظَرِ إلى ما رَزَقَكَ اللَّهُ مِنها، الأمْرُ ما شاءَ اللَّهُ، اعْتِرافًا بِأنَّها وكُلَّ خَيْرٍ فِيها، إنَّما حَصَلَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ وفَضْلِهِ. وأنَّ أمْرَها بِيَدِهِ. إنْ شاءَ تَرَكَها عامِرَةً، وإنْ شاءَ خَرَّبَها. وقُلْتُ: لا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ إقْرارًا بِأنَّ ما قَوِيَتْ بِهِ عَلى عِمامَتِها وتَدْبِيرِ أمْرِها، إنَّما هو بِمَعُونَتِهِ وتَأْيِيدِهِ. إذْ لا يَقْوى أحَدٌ في بَدَنِهِ ولا في مِلْكِ يَدِهِ، إلّا بِاللَّهِ تَعالى. والقَصْدُ مِنَ الجُمْلَتَيْنِ التَّبَرُّؤُ مِنَ الحَوْلِ والقُوَّةِ، وإسْنادُ ما أُوتِيَهُ إلى مَشِيئَةِ اللَّهِ وقُوَّتِهِ وحْدَهُ. ثُمَّ أشارَ لَهُ صاحِبُهُ بِأنَّ تَعْيِيرَهُ إيّاهُ بِالفَقْرِ، لا يَبْعُدُ أنْ يَنْعَكِسَ فِيهِ الأمْرُ، بِقَوْلِهِ: ﴿إنْ تَرَنِ أنا أقَلَّ مِنكَ مالا ووَلَدًا﴾ ﴿فَعَسى رَبِّي أنْ يُؤْتِيَنِي﴾ [الكهف: ٤٠] أيْ: في الدُّنْيا أيْضًا: ﴿خَيْرًا مِن جَنَّتِكَ ويُرْسِلَ عَلَيْها حُسْبانًا﴾ [الكهف: ٤٠] أيْ: مِقْدارًا قَدَّرَهُ اللَّهُ وحَسَبَهُ، وهو الحُكْمُ بِتَدْمِيرِها مِن صَواعِقَ وآفاتٍ عُلْوِيَّةٍ: ﴿مِنَ السَّماءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا﴾ [الكهف: ٤٠] أيْ: تُرابًا أمْلَسَ لا تَثْبُتُ فِيها قَدَمٌ، لِمَلاسَتِها (p-٤٠٦٢)أوْ يُهْلِكُها بِآفَةٍ سُفْلِيَّةٍ مِن جِهَةِ الأرْضِ بِأنْ: ﴿يُصْبِحَ ماؤُها غَوْرًا﴾ [الكهف: ٤١] أيْ: غائِرًا في الأرْضِ: فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا أيْ: حِيلَةً تُدْرِكُهُ بِها، بِالحَفْرِ أوْ بِغَيْرِهِ. تَنْبِيهٌ: كُلٌّ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنْ تَرَنِ﴾ وقَوْلِهِ: ﴿أنْ يُؤْتِيَنِي﴾ [الكهف: ٤٠] رَسْمٌ بِدُونِ ياءٍ. لِأنَّها مِن ياءاتِ الزَّوائِدِ. وأمّا في النُّطْقِ، فَبَعْضُ السَّبْعَةِ يُثْبِتُها وبَعْضُهم يَحْذِفُها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب