الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٦-٨] ﴿ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وأمْدَدْناكم بِأمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْناكم أكْثَرَ نَفِيرًا﴾ ﴿إنْ أحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكم وإنْ أسَأْتُمْ فَلَها فَإذا جاءَ وعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكم ولِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أوَّلَ مَرَّةٍ ولِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: ٧] ﴿عَسى رَبُّكم أنْ يَرْحَمَكم وإنْ عُدْتُمْ عُدْنا وجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٨] .
﴿ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الكَرَّةَ عَلَيْهِمْ﴾ أيْ: بَعْدَ هَذِهِ المُؤاخَذَةِ الشَّدِيدَةِ، رَدَدْنا، عِنْدَ تَوْبَتِكم، لَكُمُ الغَلَبَةَ الَّتِي كانَتْ لَكم في الأصْلِ، عَلَيْهِمْ: ﴿وأمْدَدْناكم بِأمْوالٍ وبَنِينَ وجَعَلْناكم أكْثَرَ نَفِيرًا﴾ أيْ: قَوْمًا ورَهْطًا. جَمْعُ (نَفَرٍ) أوِ اسْمُ جَمْعٍ لَهُ. وأصْلُهُ مِن يَنْفِرُ مَعَ الرَّجُلِ مِن قَوْمِهِ. وقَوْلُهُ تَعالى:
﴿إنْ أحْسَنْتُمْ أحْسَنْتُمْ لأنْفُسِكم وإنْ أسَأْتُمْ فَلَها﴾ [الإسراء: ٧] بِمَثابَةِ التَّعْلِيلِ لِما قَبْلَهُ. أيْ: فَعَلْنا ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أنَّكم إنْ أحْسَنْتُمْ تَوْبَتَكم وأعْمالَكم، أحْسَنْتُمْ لِأنْفُسِكم، بِإبْقاءِ الغَلَبَةِ لَها والإمْدادِ بِالأمْوالِ والبَنِينَ وتَكْثِيرِ النَّفِيرِ: ﴿وإنْ أسَأْتُمْ فَلَها﴾ [الإسراء: ٧] أيْ: فَإساءَتُكم ضارَّةٌ لَها بِغَلَبَةِ الأعْداءِ وسَلْبِ الأمْوالِ والبَنِينَ والنَّفِيرِ: ﴿فَإذا جاءَ وعْدُ الآخِرَةِ﴾ [الإسراء: ٧] أيْ: مُؤاخَذَةُ المَرَّةِ الآخِرَةِ وعُقُوبَتُها. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ﴾ [الإسراء: ٧] مُتَعَلِّقٌ بِجَوابِ (إذا) المَحْذُوفِ. أيْ: بَعَثْناهم لِيَسُوءُوا وُجُوهَكم، أيْ: ذَواتَكم بِالإذْلالِ والقَهْرِ.
قالَ الشِّهابُ: عُدِّيَتِ المَساءَةُ إلى الوُجُوهِ، وإنْ كانَتْ عَلَيْهِمْ؛ لِأنَّ آثارَ الأعْراضِ النَّفْسانِيَّةِ إنَّما تَظْهَرُ في الوَجْهِ، كَنَضارَةِ الوَجْهِ وإشْراقِهِ بِالفَرَحِ، وكُلُوحِهِ وسَوادِهِ بِالخَوْفِ والحُزْنِ. (p-٣٩٠٤)فالوَجْهُ، بِمَعْنى الذّاتِ مَجازٌ مُرْسَلٌ، أوِ اسْتِعارَةٌ تَبَعِيَّةٌ. وقِيلَ: الوُجُوهُ بِمَعْنى الرُّؤَساءِ. وهو تَكَلُّفٌ. واخْتِيرَ هَذا عَلى (لِيَسُوؤُكم) مَعَ أنَّهُ أخْصَرُ وأظْهَرُ؛ إشارَةً إلى أنَّهُ جَمَعَ عَلَيْهِمْ ألَمَ النَّفْسِ والبَدَنِ، المَدْلُولَ بِقَوْلِهِ: ﴿ولِيُتَبِّرُوا﴾ [الإسراء: ٧] انْتَهى.
وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ولِيَدْخُلُوا المَسْجِدَ﴾ [الإسراء: ٧] أيِ: الأقْصى: ﴿كَما دَخَلُوهُ أوَّلَ مَرَّةٍ ولِيُتَبِّرُوا﴾ [الإسراء: ٧] أيْ: يُدَمِّرُوا: ﴿ما عَلَوْا تَتْبِيرًا﴾ [الإسراء: ٧] أيْ: عَظِيمًا فَظِيعًا، والتَّتْبِيرُ: التَّدْمِيرُ. وكُلُّ شَيْءٍ كَسَرْتَهُ وفَتَّتَّهُ فَقَدْ تَبَّرْتَهُ. ثُمَّ أشارَ إلى أنَّ فِعْلَهُ تَعالى لِيُخْلِصُوا تَوْبَتَهم وأعْمالَهم بِقَوْلِهِ:
﴿عَسى رَبُّكم أنْ يَرْحَمَكُمْ﴾ [الإسراء: ٨] أيْ: إذا أخْلَصْتُمُ الإنابَةَ، وأحْسَنْتُمُ الأعْمالَ، وأقَمْتُمُ الكِتابَ وما نَزَلَ إلَيْكم؛ لِأنَّكم عَلِمْتُمْ مِن سُنَّتِهِ تَعالى أنَّهُ لا يُنْزِلُ بَلاءً إلّا بِذَنْبٍ ولا يَرْفَعُهُ إلّا بِتَوْبَةٍ، ولِذا قالَ: ﴿وإنْ عُدْتُمْ﴾ [الإسراء: ٨] أيْ: بَعْدَ هَذِهِ التَّوْبَةِ والإنابَةِ إلى الِاسْتِكْبارِ: ﴿عُدْنا﴾ [الإسراء: ٨] أيْ: إلى تَسْلِيطِ الأعْداءِ وسَلْبِ الأمْوالِ والأوْلادِ في الدُّنْيا.
﴿وجَعَلْنا﴾ [الإسراء: ٨] أيْ: يَوْمَ القِيامَةِ: ﴿جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيرًا﴾ [الإسراء: ٨] أيْ: مَحْبَسًا وسِجْنًا يَحْصُرُهم في العَذابِ والحِرْمانِ عَنِ الثَّوابِ.
قالَ الشِّهابُ: إنْ كانَ - (حَصِيرًا) - اسْمًا لِلْمَكانِ فَهو جامِدٌ لا يَلْزَمُ تَذْكِيرُهُ وتَأْنِيثُهُ. وإنْ كانَ بِمَعْنى حاصِرًا أيْ: مُحِيطًا بِهِمْ، وفَعِيلٌ بِمَعْنى فاعِلٍ؛ يَلْزَمُ مُطابَقَتُهُ، فَإمّا لِأنَّهُ عَلى النَّسَبِ، كَلابِنٍ وتامِرٍ. أوْ لَحْمُهُ عَلى (فَعِيلٍ) بِمَعْنى (مَفْعُولٍ) . أوْ لِأنَّ تَأْنِيثَ جَهَنَّمَ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، أوْ لِتَأْوِيلِها بِمُذَكَّرٍ. انْتَهى.
وقِيلَ: حَصِيرًا، أيْ: بِساطًا كَما يُبْسَطُ الحَصِيرُ. مِثْلَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿لَهم مِن جَهَنَّمَ مِهادٌ﴾ [الأعراف: ٤١] فَهو تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ. والحَصِيرُ بِهَذا المَعْنى بِمَعْنى مَحْصُورٍ لِحَصْرِ بَعْضِ طاقاتِهِ عَلى بَعْضٍ. كَما قالَهُ الرّاغِبُ.
(p-٣٩٠٥)تَنْبِيهٌ:
رُوِيَ أنَّ بَنِي إسْرائِيلَ كانَ الأمْرُ مُسْتَتِبًّا لَهم في فِلَسْطِينَ إلى مَوْتِ سُلَيْمانَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَلَمّا مَلَكَ ابْنُهُ بَعْدَهُ، وذَلِكَ قَبْلَ المَسِيحِ بِما يُنِيفُ عَلى تِسْعِمِائَةِ سَنَةٍ، وقَعَ مِنَ الاخْتِلالِ في عَهْدِهِ ما أفْضى إلى تَقْرِيرِهِ عِبادَةَ الأوْثانِ. فَعُوجِلَ بَعْدَ خَمْسِ سِنِينَ مِن مُلْكِهِ بِأخْذِ مُلْكِ مِصْرِ بَيْتِ المَقْدِسِ وسَلْبِ كُنُوزِ هَيْكَلِها (المَسْجِدِ الأقْصى) ونَهْبِ ما فِيها. ولَمّا ساءَ تَصَرُّفُهُ تَمَرَّدَ عَلَيْهِ شَعْبُهُ وخَلَعُوا طاعَتَهُ. فانْقَسَمَتْ مَمْلَكَتُهُ إلى قِسْمَيْنِ: أحَدُهُما: دُعِيَ مَمْلَكَةَ يَهُوذا، وهي المُؤَلَّفَةُ مِن سِبْطَيْ يَهُوذا وبِنْيامِينَ، بَقِيا خاضِعَيْنِ لِابْنِ سُلَيْمانَ.
وثانِيهُما: دُعِيَ مَمْلَكَةَ إسْرائِيلَ، وهي المُؤَلَّفَةُ مِن بَقِيَّةِ الأسْباطِ العَشَرَةِ. وكانَ أوَّلُ مَلِكٍ عَلى مَمْلَكَةِ إسْرائِيلَ رَجُلٌ يُقالُ لَهُ: يَرْبَعامُ، خافَ مِن رُجُوعِ رَعاياهُ إلى طاعَةِ ابْنِ سُلَيْمانَ إذا صَعِدُوا إلى أُورْشَلِيمَ في الأعْيادِ الِاحْتِفالِيَّةِ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ في الهَيْكَلِ ويُقَرِّبُوا ذَبائِحَهم هُناكَ. فَأقامَ في مَمْلَكَتِهِ عِجْلَيْنِ مِن ذَهَبٍ. وأمَرَ رَعِيَّتَهُ بِعِبادَتِهِما. ورَتَّبَ لَهم أعْيادًا احْتِفالِيَّةً وكَهَنَةً. وقامَتْ حُرُوبٌ هائِلَةٌ بَيْنَ مُلُوكِ هاتَيْنِ الطّائِفَتَيْنِ. وكانَ يَتَخَلَّلُهُما مِنَ المُلُوكِ مَن يَنْزِعُ عِبادَةَ الأوْثانِ. إلّا أنَّهُ لا يَلْبَثُ الحالُ حِينَ يَأْتِي مَلِكٌ آخَرُ فَيُعِيدُ الوَثَنِيَّةَ. واسْتَمَرَّتْ مَمْلَكَةُ إسْرائِيلَ نَحْوًا مِن مِائَتَيْنِ وخَمْسِينَ سَنَةً. وفي نِهايَةِ أمْرِهِمْ عَظُمَتْ خَطِيئاتُهم فَسُلِّطَ عَلَيْهِمْ مَلِكُ أشُورَ، فَفَتَحَ السّامِرَةَ - بَلَدَهم - وسَباهم إلى أشُورَ وانْقَرَضَتْ مَمْلَكَةُ العَشَرَةِ الأسْباطِ، ولَمْ يُسْمَعْ ذِكْرُهم بَعْدُ. ثُمَّ أرْسَلَ مَلِكُ أشُورَ قَوْمًا مِن بَلَدِهِ وأسْكَنَهم مُدُنَ السّامِرَةِ لِيُعَمِّرُوها مَعَ مَن بَقِيَ مِن أهْلِها. وأرْسَلَ مَعَهم كاهِنًا مِنَ اليَهُودِ لِيُقِيمَ لِمَن بَقِيَ طُقُوسَهم. فَعادُوا إلى شِرْكِهِمْ وعِبادَةِ الأوْثانِ مَعَ اللَّهِ تَعالى. وأمّا مَمْلَكَةُ يَهُوذا فَبَقِيَتْ بَعْدَ انْقِراضِ مَمْلَكَةِ إسْرائِيلَ ما يُنِيفُ عَلى عِشْرِينَ سَنَةً، وفي أواخِرِ أيّامِها قامَ فِيها مَلِكٌ شِرِّيرٌ. فَزَحَفَ إلَيْهِ مَلِكُ بابِلَ نِبُوخَذْ ناصِرْ (بَخْتُنَصَّرُ) فَسَبى قِسْمًا مِن شَعْبِهِ، وكانَ السَّبْيَ الأوَّلَ.
ثُمَّ قامَ، بَعْدَ ذَلِكَ المَلِكُ الشِّرِّيرُ، ابْنُهُ، فَسارَ عَلى طَرِيقَةِ أبِيهِ. فَعادَ إلَيْهِ مَلِكُ بابِلِ المَذْكُورُ (p-٣٩٠٦)واسْتَأْسَرَهُ هو وآلَهُ ورُؤَساءَهُ وقِسْمًا مِنَ الشَّعْبِ، وسَلَبَ الهَيْكَلَ. وكانَ هَذا السَّبْيَ الثّانِيَ بَعْدَ ثَمانِي سِنِينَ مِنَ الأوَّلِ.
ثُمَّ قامَ فِيهِمْ مَلِكٌ أشَرُّ مِمَّنْ تَقَدَّمَ - وهو آخِرُ مُلُوكِهِمْ - وفي أيّامِهِ حاصَرَ مَلِكُ بابِلَ المَذْكُورُ أيْضًا بَيْتَ المَقْدِسِ، وأسَرَهُ إلى بابِلَ، وأحْرَقَ المَدِينَةَ والهَيْكَلَ، وسَبى كُلَّ شَعْبِ يَهُوذا، ما عَدا مَساكِينَ الأرْضِ، إلى بابِلَ. وهَذا هو السَّبْيُ الثّالِثُ والأخِيرُ.
وهَكَذا انْقَرَضَتْ هَذِهِ المَمْلَكَةُ وكانَتْ إقامَتُهم في بابِلَ سَبْعِينَ سَنَةً. ثُمَّ أُطْلِقُوا مِنَ الأسْرِ فَعادُوا إلى بَيْتِ المَقْدِسِ، وجَدَّدُوا عِمارَتَها وقِيامَ الهَيْكَلِ. وبَقِيَتِ اليَهُودُ تَحْتَ تَسَلُّطِ مُلُوكِ الفُرْسِ إلى أنْ ظَهَرَ الإسْكَنْدَرُ الكَبِيرُ، وغَلَبَتِ اليُونانُ الفُرْسَ وجاءَ الإسْكَنْدَرُ إلى سُورِيَّةَ فَدَخَلَ بَنُو إسْرائِيلَ تَحْتَ حُكْمِ اليُونانِ. وبَعْدَ وفاةِ الإسْكَنْدَرِ انْقَسَمَ مُلْكُهُ إلى أرْبَعَةِ أقْسامٍ:
مِنها مَمْلَكَةُ سُورِيَّةَ ومِصْرَ. وكانَتْ بَيْنَهُما حُرُوبٌ مُتَّصِلَةٌ. والإسْرائِيلِيُّونَ، لَمّا كانُوا بَيْنَهم، كانُوا تارَةً تَحْتَ تَمَلُّكِ مِصْرَ وأُخْرى تَحْتَ تَسَلُّطِ سُورِيَّةَ. واتُّفِقَ في خِلالِ ذَلِكَ أنْ رَفَضَ كَثِيرٌ مِنَ اليَهُودِ الدِّيانَةَ اليَهُودِيَّةَ، وتَمَسَّكُوا بِدِيانَةِ اليُونانِيِّينَ.
ثُمَّ اسْتَوْلى الرُّومانِيُّونَ عَلى فِلَسْطِينَ، وجَرَتْ حُرُوبٌ هائِلَةٌ بَيْنَهم وبَيْنَ اليَهُودِ، أفْضى الأمْرُ إلى تَسَلُّطِ الرُّومانِيِّينَ عَلَيْهِمْ. وتَمَلَّكُوا بَيْتَ المَقْدِسِ. وهَدَمَ تِيطَسُ، أحَدُ مُلُوكِهِمُ، الهَيْكَلَ إلى أساسِهِ. وأحْرَقَ كُتُبَ اليَهُودِ وتَشَتَّتَ أمْرُهم، ولَمْ يَبْقَ لَهم مُلْكٌ ولا رِئاسَةٌ بَعْدَهُ، وزَعَمُوا أنَّ ذَلِكَ بَعْدَ رَفْعِ المَسِيحِ بِنَحْوِ أرْبَعِينَ سَنَةً، وزَعَمُوا أنَّ الهَيْكَلَ تَراجَعَ لِلْعِمارَةِ ورُمِّمَ، إلى أنْ سارَتْ هِيلانَةُ أُمُّ قُسْطَنْطِينَ إلى القُدْسِ وبَنَتْ كَنِيسَةً عَلى القَبْرِ، الَّذِي يَزْعُمُ النَّصارى أنَّهُ قَبْرُ المَسِيحِ. وخَرَّبَتِ الهَيْكَلَ، وأمَرَتْ أنْ تُلْقى فِيهِ قُماماتُ البَلَدِ وزُبالَتُهُ. فَصارَ مَوْضِعُ الصَّخْرَةِ مَزْبَلَةً. وبَقِيَ كَذَلِكَ حَتّى قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الخَطّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وفَتَحَ القُدْسَ. فَأمَرَ بِتَنْظِيفِهِ وبَنى في قِبْلَتِهِ مَسْجِدًا، إلى أنْ مَلَكَ الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِكِ، فَجَدَّدَ بِناءَهُ عَلى أساسِهِ القَدِيمِ وبَنى قُبَّةَ الصَّخْرَةِ.
(p-٣٩٠٧)وتَفْصِيلُ هَذِهِ الماجِرِيّاتِ مَعْرُوفَةٌ في كُتُبِ التّارِيخِ. ونَحْنُ لَمْ نُورِدْ ما أوْرَدْناهُ عَلى أنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ. لِأنَّها بِإيجازِها غَنِيَّةٌ عَنْهُ. وفي تَفْسِيرِنا لِألْفاظِها كِفايَةٌ في فَهْمِها، إلّا أنَّ أكْثَرَ المُفَسِّرِينَ تَطَرَّقُوا لِبَعْضِ ماجِرِيّاتِ اليَهُودِ هُنا، فَنَقَّحْنا مِنها أحْسَنَ ما حَرَّرَهُ المُؤَرِّخُونَ المُتَأخِّرُونَ؛ إيضاحًا لِأفاعِيلِهِمُ الَّتِي أشارَتْ إلَيْها الآياتُ الكَرِيمَةُ.
وقَدْ قَدَّمْنا في سُورَةِ يُوسُفَ؛ أنَّهُ لَيْسَ في القُرْآنِ شَيْءٌ مِنَ التّارِيخِ مِن حَيْثُ هو قَصَصٌ وأخْبارٌ. وإنَّما هي الآياتُ في العِبَرِ تَجَلَّتْ في سِياقِ الوَقائِعِ. ولِذَلِكَ لَمْ تُذْكَرْ قِصَّةٌ بِتَفاصِيلِها. وإنَّما يُذْكَرُ مَوْضِعُ العِبْرَةِ فِيها. كَما قالَ تَعالى: ﴿لَقَدْ كانَ في قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُولِي الألْبابِ﴾ [يوسف: ١١١]
{"ayahs_start":6,"ayahs":["ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَیۡهِمۡ وَأَمۡدَدۡنَـٰكُم بِأَمۡوَ ٰلࣲ وَبَنِینَ وَجَعَلۡنَـٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِیرًا","إِنۡ أَحۡسَنتُمۡ أَحۡسَنتُمۡ لِأَنفُسِكُمۡۖ وَإِنۡ أَسَأۡتُمۡ فَلَهَاۚ فَإِذَا جَاۤءَ وَعۡدُ ٱلۡـَٔاخِرَةِ لِیَسُـࣳۤـُٔوا۟ وُجُوهَكُمۡ وَلِیَدۡخُلُوا۟ ٱلۡمَسۡجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةࣲ وَلِیُتَبِّرُوا۟ مَا عَلَوۡا۟ تَتۡبِیرًا","عَسَىٰ رَبُّكُمۡ أَن یَرۡحَمَكُمۡۚ وَإِنۡ عُدتُّمۡ عُدۡنَاۚ وَجَعَلۡنَا جَهَنَّمَ لِلۡكَـٰفِرِینَ حَصِیرًا"],"ayah":"ثُمَّ رَدَدۡنَا لَكُمُ ٱلۡكَرَّةَ عَلَیۡهِمۡ وَأَمۡدَدۡنَـٰكُم بِأَمۡوَ ٰلࣲ وَبَنِینَ وَجَعَلۡنَـٰكُمۡ أَكۡثَرَ نَفِیرًا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











