الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٩٢] ﴿ولا تَكُونُوا كالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أنْكاثًا تَتَّخِذُونَ أيْمانَكم دَخَلا بَيْنَكم أنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هي أرْبى مِن أُمَّةٍ إنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ولَيُبَيِّنَنَّ لَكم يَوْمَ القِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ . ﴿ولا تَكُونُوا كالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أنْكاثًا﴾ تَأْكِيدٌ لِوُجُوبِ الوَفاءِ وتَحْرِيمِ النَّقْصِ. أيْ: لا تَكُونُوا في نَقْصِ الأيْمانِ كالمَرْأةِ الَّتِي أنَحَتْ عَلى غَزْلِها، بَعْدَ أنْ أحْكَمَتْهُ وأبْرَمَتْهُ، فَجَعَلَتْهُ أنْكاثًا، أيْ: أنْقاضًا، جُنُونًا مِنها وحُمْقًا. فَفِي التَّمْثِيلِ إشارَةٌ إلى أنَّ ناقِضَ يَمِينِهِ خارِجٌ مِنَ الرِّجالِ الكُمَّلِ، داخِلٌ في زُمْرَةِ النِّساءِ. بَلْ في أدْناهُنَّ، وهي الخَرْقاءُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَتَّخِذُونَ أيْمانَكم دَخَلا بَيْنَكُمْ﴾ حالٌ مِنَ الضَّمِيرِ في: { ولا تَكُونُوا } أيْ: لا تَكُونُوا مُشابِهِينَ لِامْرَأةٍ هَذا شَأْنُها، حالَ كَوْنِكم مُتَّخِذِينَ أيْمانَكم مَفْسَدَةً بَيْنَكم: ﴿أنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هي أرْبى مِن أُمَّةٍ﴾ أيْ: سَبَبَ أنْ تَكُونَ جَماعَةٌ، كَقُرَيْشٍ، هي أزْيَدَ عَدَدًا وأوْفَرَ مالًا مِن جَماعَةٍ كالمُؤْمِنِينَ: ﴿إنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ﴾ أيْ: يُعامِلُكم مُعامَلَةَ مَن يَخْتَبِرُكم بِكَوْنِهِمْ أرْبى؛ لِيَنْظُرَ أتَتَمَسَّكُونَ بِحَبْلِ الوَفاءِ بِعَهْدِ اللَّهِ وما عَقَدْتُمْ عَلى أنْفُسِكم ووَكَّدْتُمْ مِن أيْمانِ البَيْعَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، أمْ تَغْتَرُّونَ بِكَثْرَةِ قُرَيْشٍ وثَرْوَتِهِمْ وقُوَّتِهِمْ، وقِلَّةِ المُؤْمِنِينَ وفَقْرِهِمْ وضَعْفِهِمْ ؟: ﴿ولَيُبَيِّنَنَّ لَكم يَوْمَ القِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ أيْ: فَيَتَمَيَّزُ المُحِقَّ مِنَ المُبْطِلِ، بِما يَظْهَرُ مِن دَرَجاتِ الثَّوابِ والعِقابِ. وهو إنْذارٌ وتَحْذِيرٌ مِن مُخالَفَةِ مِلَّةِ الإسْلامِ. تَنْبِيهٌ: قالَ أبُو عَلِيٍّ الزَّجّاجِيُّ، مِن أئِمَّةِ الشّافِعِيَّةِ: في هَذِهِ الآيَةِ أصْلٌ لِما يَقُولُهُ أصْحابُنا، مِن إبْطالِ الدَّوْرِ؛ لِأنَّ اللَّهَ تَعالى ذَمَّ مَن أعادَ عَلى الشَّيْءِ بِالإفْسادِ بَعْدَ إحْكامِهِ. نَقَلَهُ في (الإكْلِيلُ) . (p-٣٨٥٤)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب