الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[٨٨-٨٩] ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهم عَذابًا فَوْقَ العَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ﴾ ﴿ويَوْمَ نَبْعَثُ في كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِن أنْفُسِهِمْ وجِئْنا بِكَ شَهِيدًا عَلى هَؤُلاءِ ونَـزَّلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وهُدًى ورَحْمَةً وبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: ٨٩] .
﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْناهم عَذابًا فَوْقَ العَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ﴾ أيْ: يُضاعِفُ لَهُمُ العَذابَ كَما ضاعَفُوا كُفْرَهم بِصَدِّهِمْ غَيْرَهم عَنِ الإيمانِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وهم يَنْهَوْنَ عَنْهُ ويَنْأوْنَ عَنْهُ﴾ [الأنعام: ٢٦] وفي الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى تَفاوُتِ الكُفّارِ في عَذابِهِمْ، كَما يَتَفاوَتُ المُؤْمِنُونَ في مَنازِلِهِمْ في الجَنَّةِ ودَرَجاتِهِمْ. كَما قالَ تَعالى: ﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ ولَكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨]
﴿ويَوْمَ نَبْعَثُ في كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِن أنْفُسِهِمْ﴾ [النحل: ٨٩] وهو نَبِيُّهم: ﴿وجِئْنا بِكَ شَهِيدًا عَلى هَؤُلاءِ﴾ [النحل: ٨٩] أيِ: اذْكُرْ ذَلِكَ اليَوْمَ، وما مَنَحَكَ اللَّهُ فِيهِ مِنَ الشَّرَفِ العَظِيمِ والمَقامِ الرَّفِيعِ. وما يَلْحَقُ الكافِرِينَ فِيهِ مِن تَمَنِّي كَوْنِهِمْ تُرابًا، لِهَوْلِ المَطْلَعِ.
وقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ في آيَةِ النِّساءِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَكَيْفَ إذا جِئْنا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وجِئْنا بِكَ عَلى هَؤُلاءِ شَهِيدًا﴾ [النساء: ٤١] ﴿يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وعَصَوُا الرَّسُولَ (p-٣٨٤٩)لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الأرْضُ ولا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا﴾ [النساء: ٤٢] وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿ونَـزَّلْنا عَلَيْكَ الكِتابَ تِبْيانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وهُدًى ورَحْمَةً وبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ﴾ [النحل: ٨٩] مُسْتَأْنَفٌ، أوْ حالٌ بِتَقْدِيرِ (قَدْ) .
قالَ الرّازِيُّ: وجْهُ تَعَلُّقِ هَذا الكَلامِ بِما قَبْلَهُ، أنَّهُ تَعالى لِما قالَ: ﴿وجِئْنا بِكَ شَهِيدًا عَلى هَؤُلاءِ﴾ [النحل: ٨٩] بَيَّنَ أنَّهُ أزاحَ عِلَّتَهم فِيما كُلِّفُوا. فَلا حُجَّةَ لَهم ولا مَعْذِرَةَ.
وقالَ ابْنُ كَثِيرٍ في وجْهِ ذَلِكَ: إنَّ المُرادَ، واللَّهُ أعْلَمُ، إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ تَبْلِيغَ الكِتابِ الَّذِي أنْزَلَهُ عَلَيْكَ، سائِلُكَ عَنْ ذَلِكَ يَوْمَ القِيامَةِ: ﴿فَلَنَسْألَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إلَيْهِمْ ولَنَسْألَنَّ المُرْسَلِينَ﴾ [الأعراف: ٦] ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْألَنَّهم أجْمَعِينَ﴾ [الحجر: ٩٢] ﴿عَمّا كانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: ٩٣] ﴿يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إنَّكَ أنْتَ عَلامُ الغُيُوبِ﴾ [المائدة: ١٠٩] وقالَ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ القُرْآنَ لَرادُّكَ إلى مَعادٍ﴾ [القصص: ٨٥] أيْ: إنَّ الَّذِي أوْجَبَ عَلَيْكَ تَبْلِيغَ القُرْآنِ لَرادُّكَ إلَيْهِ ومُعِيدُكَ يَوْمَ القِيامَةِ وسائِلُكَ عَنْ أداءِ ما فَرَضَ عَلَيْكَ. هَذا أحَدُ الأقْوالِ، وهو مُتَّجَهٌ حَسَنٌ. انْتَهى.
و(التِّبْيانُ) مِنَ المَصادِرِ الَّتِي بُنِيَتْ عَلى هَذِهِ الصِّيغَةِ؛ لِتَكْثِيرِ الفِعْلِ والمُبالَغَةِ فِيهِ. أيْ: تَبْيِينًا لِكُلِّ عِلْمٍ نافِعٍ مِن خَبَرِ ما سَبَقَ وعِلْمِ ما سَيَأْتِي وكُلِّ حَلالٍ وحَرامٍ، وما النّاسُ مُحْتاجُونَ إلَيْهِ في أمْرِ دُنْياهم ودِينِهِمْ ومَعاشِهِمْ ومَعادِهِمْ: ﴿وهُدًى﴾ [النحل: ٨٩] أيْ: هِدايَةً لِمَنِ اسْتَسْلَمَ وانْقادَ لِسَلامَةِ فِطْرَتِهِ إلى كَمالِهِ: ﴿ورَحْمَةً﴾ [النحل: ٨٩] أيْ: لَهُ بِتَبْلِيغِهِ إلى ذَلِكَ الكَمالِ بِالتَّرْبِيَةِ والإمْدادِ، ونَجاتِهِ مِنَ العَذابِ، وبِشارَةً لَهُ بِالسَّعادَةِ الأبَدِيَّةِ. وقَوْلُهُ تَعالى:
(p-٣٨٥٠)
{"ayahs_start":88,"ayahs":["ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ وَصَدُّوا۟ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ زِدۡنَـٰهُمۡ عَذَابࣰا فَوۡقَ ٱلۡعَذَابِ بِمَا كَانُوا۟ یُفۡسِدُونَ","وَیَوۡمَ نَبۡعَثُ فِی كُلِّ أُمَّةࣲ شَهِیدًا عَلَیۡهِم مِّنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَجِئۡنَا بِكَ شَهِیدًا عَلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِۚ وَنَزَّلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ تِبۡیَـٰنࣰا لِّكُلِّ شَیۡءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ"],"ayah":"وَیَوۡمَ نَبۡعَثُ فِی كُلِّ أُمَّةࣲ شَهِیدًا عَلَیۡهِم مِّنۡ أَنفُسِهِمۡۖ وَجِئۡنَا بِكَ شَهِیدًا عَلَىٰ هَـٰۤؤُلَاۤءِۚ وَنَزَّلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ تِبۡیَـٰنࣰا لِّكُلِّ شَیۡءࣲ وَهُدࣰى وَرَحۡمَةࣰ وَبُشۡرَىٰ لِلۡمُسۡلِمِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق