الباحث القرآني

(p-٣٨١٥)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٥١] ﴿وقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إنَّما هو إلَهٌ واحِدٌ فَإيّايَ فارْهَبُونِ﴾ . ﴿وقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إنَّما هو إلَهٌ واحِدٌ فَإيّايَ فارْهَبُونِ﴾ إعْلامٌ بِنَهْيِهِ الصَّرِيحِ عَنِ الإشْراكِ. وبِأمْرِهِ بِعِبادَتِهِ وحْدَهُ، وإنَّما خَصَّصَ هَذا العَدَدَ؛ لِأنَّهُ الأقَلُّ، فَيُعْلَمُ انْتِفاءُ ما فَوْقَهُ بِالدَّلالَةِ. فَإنْ قِيلَ: الواحِدُ والمُثَنّى نَصٌّ في مَعْناهُما، لا يُحْتاجُ مَعَهُما إلى ذِكْرِ العَدَدِ، كَما يُذْكَرُ مَعَ الجَمِيعِ. أيْ: في نَحْوِ رِجالٍ ثَلاثَةٍ، وأفْراسٍ أرْبَعَةٍ؛ لِأنَّ المَعْدُودَ عارٍ عَنِ الدَّلالَةِ عَلى العَدَدِ الخاصِّ، فَلِمَ ذَكَرَ العَدَدَ فِيهِما ؟ أُجِيبُ بِأنَّ العَدَدَ يَدُلُّ عَلى أمْرَيْنِ: الجِنْسِيَّةِ والعَدَدِ المَخْصُوصِ. فَلَمّا أُرِيدَ الثّانِي صَرَّحَ بِهِ لِلدَّلالَةِ عَلى أنَّهُ المَقْصُودُ الَّذِي سِيقَ لَهُ الكَلامُ وتَوَجَّهَ لَهُ النَّهْيُ دُونَ غَيْرِهِ. فَإنَّهُ قَدْ يُرادُ بِالمُفْرَدِ الجِنْسُ، نَحْوَ: نِعْمَ الرَّجُلُ زَيْدٌ. وكَذا المُثَنّى كَقَوْلِهِ: ؎فَإنَّ النّارَ بِالعُودَيْنِ تُذْكى وإنَّ الحَرْبَ أوَّلُها الكَلامُ وقِيلَ: ذَكَرَ العَدَدَ لِلْإيماءِ بِأنَّ الِاثْنَيْنِيَّةَ تُنافِي الأُلُوهِيَّةَ. فَهو في مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿لَوْ كانَ (p-٣٨١٦)فِيهِما آلِهَةٌ إلا اللَّهُ لَفَسَدَتا﴾ [الأنبياء: ٢٢] فَلِذا صَرَّحَ بِها، وعُقِّبَتْ بِذِكْرِ الوَحْدَةِ الَّتِي هي مِن لَوازِمِ الأُلُوهِيَّةِ. قالَ الشِّهابُ: ولا حاجَةَ إلى جَعْلِ الضَّمِيرِ لِلْمَعْبُودِ بِحَقٍّ المُرادَ مِنَ الجَلالَةِ عَلى طَرِيقِ الِاسْتِخْدامِ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وقالَ اللَّهُ﴾ مَعْطُوفٌ عَلى قَوْلِهِ: ﴿ولِلَّهِ يَسْجُدُ﴾ [النحل: ٤٩] أوْ عَلى قَوْلِهِ: ﴿وأنْـزَلْنا إلَيْكَ الذِّكْرَ﴾ [النحل: ٤٤] وقِيلَ: إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلى: ﴿ما خَلَقَ اللَّهُ﴾ [النحل: ٤٨] عَلى أُسْلُوبِ: ؎عَلَفْتُها تِبْنًا وماءً بارِدًا (p-٣٨١٧)أيْ: ﴿أوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللَّهُ﴾ [النحل: ٤٨] ولَمْ يَسْمَعُوا ما قالَ اللَّهُ ؟ ولا يَخْفى تَكَلُّفُهُ. وفي قَوْلِهِ: ﴿فَإيّايَ فارْهَبُونِ﴾ التِفاتٌ عَنِ الغَيْبَةِ، مُبالَغَةً في التَّرْهِيبِ. فَإنَّ تَخْوِيفَ الحاضِرِ مُواجَهَةً، أبْلَغُ مِن تَرْهِيبِ الغائِبِ، لا سِيَّما بَعْدَ وصْفِهِ بِالوَحْدَةِ والأُلُوهِيَّةِ المُقْتَضِيَةِ لِلْعَظَمَةِ والقُدْرَةِ التّامَّةِ عَلى الِانْتِقامِ. وقَوْلُهُ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب