الباحث القرآني

اَلْقَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٣-٦] ﴿خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ بِالحَقِّ تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ ﴿خَلَقَ الإنْسانَ مِن نُطْفَةٍ فَإذا هو خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ [النحل: ٤] ﴿والأنْعامَ خَلَقَها لَكم فِيها دِفْءٌ ومَنافِعُ ومِنها تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: ٥] ﴿ولَكم فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٦] . ﴿خَلَقَ السَّماواتِ والأرْضَ بِالحَقِّ﴾ أيْ: بِالحِكْمَةِ، كَما تَقَدَّمَ: ﴿تَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ﴾ ﴿خَلَقَ الإنْسانَ مِن نُطْفَةٍ﴾ [النحل: ٤] أيْ: مُهِينَةٍ ضَعِيفَةٍ: ﴿فَإذا هُوَ﴾ [النحل: ٤] بَعْدَ تَكامُلِهِ بَشَرًا: ﴿خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ [النحل: ٤] أيْ: مُخاصِمٌ لِخالِقِهِ مُجادِلٌ، يَجْحَدُ وحْدانِيَّتَهُ ويُحارِبُ رُسُلَهُ. وهو إنَّما خُلِقَ لِيَكُونَ عَبْدًا لا ضِدًّا. ﴿والأنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ﴾ [النحل: ٥] أيْ: لِمَصالِحِكم، وهي اَلْأزْواجُ اَلثَّمانِيَةُ اَلْمُفَصَّلَةُ في سُورَةِ اَلْأنْعامِ. قالَ اَلزَّمَخْشَرِيُّ: وأكْثَرُ ما تَقَعُ عَلى اَلْإبِلِ. ﴿فِيها دِفْءٌ﴾ [النحل: ٥] أيْ: ما يُدْفِئُ، أيْ: يُسَخَّنُ بِهِ مِن صُوفٍ أوْ وبَرٍ أوْ شَعْرٍ، فَيَقِي اَلْبَرْدَ ﴿ومَنافِعُ﴾ [النحل: ٥] أيْ: مِن نَسْلِها ودَرِّها ورُكُوبِ ظَهْرِها: ﴿ومِنها تَأْكُلُونَ﴾ [النحل: ٥] ﴿ولَكم فِيها جَمالٌ﴾ [النحل: ٦] أيْ: زِينَةٌ: ﴿حِينَ تُرِيحُونَ﴾ [النحل: ٦] أيْ: تَرُدُّونَها مِن مَراعِيها إلى مُراحِها (بِضَمِّ اَلْمِيمِ) وهو مَقَرُّها في دُورِ أهْلِها بِالعَشِيِّ: ﴿وحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٦] أيْ: تُخْرِجُونَها بِالغَداةِ إلى اَلْمَراعِي. قالَ اَلزَّمَخْشَرِيُّ: مَنَّ اَللَّهُ بِالتَّجَمُّلِ بِها كَما مَنَّ بِالِانْتِفاعِ بِها؛ لِأنَّهُ مِن أغْراضِ أصْحابِ اَلْمَواشِي، بَلْ هو مِن مَعاظِمِها؛ لِأنَّ اَلرُّعْيانَ، إذا رَوَّحُوها بِالعَشِيِّ، وسَرَّحُوها بِالغَداةِ، فَزَيَّنَتْ بِإراحَتِها وتَسْرِيحِها اَلْأفْنِيَةَ، وتَجاوَبَ فِيها اَلثُّغاءُ والرُّغاءُ؛ أنْسَتْ أهْلُها وفَرِحَتْ أرْبابُها، وأجْلَتْهم في عُيُونِ اَلنّاظِرِينَ إلَيْها، وكَسَبَتْهُمُ اَلْجاهَ والحُرْمَةَ عِنْدَ اَلنّاسِ. ونَحْوُهُ: ﴿لِتَرْكَبُوها وزِينَةً﴾ [النحل: ٨] ﴿يُوارِي سَوْآتِكم ورِيشًا﴾ [الأعراف: ٢٦] (p-٣٧٨٠)فَإنْ قُلْتَ: لِمَ قُدِّمَتِ اَلْإراحَةُ عَلى اَلتَّسْرِيحِ ؟ قُلْتُ: لِأنَّ اَلْجَمالَ في اَلْإراحَةِ أظْهَرُ، إذا أقْبَلَتْ، مَلْأى اَلْبُطُونِ، حافِلَةَ اَلضُّرُوعِ، ثُمَّ أوَتْ إلى اَلْحَظائِرِ لِأهْلِها. اِنْتَهى. ثُمَّ أشارَ إلى فائِدَةٍ جامِعَةٍ لِلْحاجَةِ والزِّينَةِ فَقالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب