الباحث القرآني

اَلْقَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢٤-٢٥] ﴿وإذا قِيلَ لَهم ماذا أنْـزَلَ رَبُّكم قالُوا أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ ﴿لِيَحْمِلُوا أوْزارَهم كامِلَةً يَوْمَ القِيامَةِ ومِن أوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهم بِغَيْرِ عِلْمٍ ألا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ [النحل: ٢٥] . ﴿وإذا قِيلَ لَهم ماذا أنْـزَلَ رَبُّكم قالُوا أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ أيْ: لَمْ يُنْزِلْ شَيْئًا. إنَّما هَذا اَلَّذِي يُتْلى عَلَيْنا أحادِيثُ اَلْأوَّلِينَ، اِسْتَمَدَّها مِنها. كَما قالَ تَعالى: ﴿وقالُوا أساطِيرُ الأوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهي تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وأصِيلا﴾ [الفرقان: ٥] ﴿لِيَحْمِلُوا أوْزارَهم كامِلَةً يَوْمَ القِيامَةِ ومِن أوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهم بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [النحل: ٢٥] أيْ: قالُوا ذَلِكَ لِيَحْمِلُوا أوْزارَهُمُ اَلْخاصَّةُ بِهِمْ، وهي أوْزارُ ضَلالِهِمْ في أنْفُسِهِمْ، وبَعْضُ أوْزارِ مَن أضَلُّوهم، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿ولَيَحْمِلُنَّ أثْقالَهم وأثْقالا مَعَ أثْقالِهِمْ ولَيُسْألُنَّ يَوْمَ القِيامَةِ عَمّا كانُوا يَفْتَرُونَ﴾ [العنكبوت: ١٣] فاللّامُ في قَوْلِهِ: ﴿لِيَحْمِلُوا﴾ [النحل: ٢٥] لامُ اَلْعاقِبَةِ؛ لِأنَّ ما ذُكِرَ مُتَرَتِّبٌ عَلى فِعْلِهِمْ. ولا باعِثًا إمّا مَجازًا، وإمّا حَقِيقَةً، عَلى مَعْنى أنَّهُ قُدِّرَ صُدُورُهُ مِنهم لِيَحْمِلُوا. وقَدْ قِيلَ: إنَّها لِلتَّعْلِيلِ وإنَّها لامُ أمْرٍ جازِمَةٌ. والمَعْنى: إنَّ ذَلِكَ مُتَحَتِّمٌ عَلَيْهِمْ. فَيَتِمُّ اَلْكَلامُ عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿أساطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ كَذا في (اَلْعِنايَةِ) . وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [النحل: ٢٥] قالَ اَلزَّمَخْشَرِيُّ: حالٌ مِنَ اَلْمَفْعُولِ: أيْ: مَن لا يَعْلَمُ أنَّهم ضُلّالٌ. وإنَّما وصَفَ بِالضَّلالِ واحْتِمالِ اَلْوِزْرِ مَن أضَلُّوهُ، وإنْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لِأنَّهُ كانَ عَلَيْهِ أنْ يَبْحَثَ ويَنْظُرَ بِعَقْلِهِ حَتّى يُمَيِّزَ بَيْنَ اَلْمُحِقِّ والمُبْطِلِ. فَجَهْلُهُ لا يَعْذُرُهُ: ﴿ألا ساءَ ما يَزِرُونَ﴾ [النحل: ٢٥] أيْ: ألا بِئْسَ ما يَحْمِلُونَ. فَفِيهِ وعِيدٌ وتَهْدِيدٌ. (p-٣٧٩٥)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب