الباحث القرآني

اَلْقَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٢] ﴿يُنَـزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِن أمْرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ أنْ أنْذِرُوا أنَّهُ لا إلَهَ إلا أنا فاتَّقُونِ﴾ . ﴿يُنَـزِّلُ المَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِن أمْرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ أنْ أنْذِرُوا أنَّهُ لا إلَهَ إلا أنا فاتَّقُونِ﴾ (p-٣٧٧٨)رَدٌّ لِاسْتِبْعادِهِمُ اَلنُّبُوَّةَ، بِأنَّ ذَلِكَ سُنَّةٌ لَهُ تَعالى. ولِذا ذَكَرَ صِيغَةَ اَلِاسْتِقْبالِ، كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿يُلْقِي الرُّوحَ مِن أمْرِهِ عَلى مَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ﴾ [غافر: ١٥] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلائِكَةِ رُسُلا ومِنَ النّاسِ﴾ [الحج: ٧٥] والرُّوحُ هو اَلْوَحْيُ، اَلَّذِي مِن جُمْلَتِهِ اَلْقُرْآنُ؛ لِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكَذَلِكَ أوْحَيْنا إلَيْكَ رُوحًا مِن أمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي ما الكِتابُ ولا الإيمانُ ولَكِنْ جَعَلْناهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَن نَشاءُ مِن عِبادِنا﴾ [الشورى: ٥٢] والتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالرُّوحِ عَلى نَهْجِ اَلِاسْتِعارَةِ. فَإنَّهُ يُحْيِي اَلْقُلُوبَ اَلْمَيِّتَةَ بِالجَهْلِ. و: ﴿مِن أمْرِهِ﴾ بَيانٌ لِلرُّوحِ، أوْ حالٌ مِنهُ، أوْ صِفَةٌ، أوْ مُتَعَلِّقٌ بِـ (يُنَزِّلُ) و( مِن) لِلسَّبَبِيَّةِ. و: ﴿أنْ أنْذِرُوا﴾ بَدَلٌ مِنَ اَلرُّوحِ. أيْ: أخْبِرُوهم بِالتَّوْحِيدِ والتَّقْوى. فَقَوْلُهُ: ﴿فاتَّقُونِ﴾ مِن جُمْلَةِ اَلْمُنْذَرِ بِهِ. أوْ هو خِطابٌ لِلْمُسْتَعْجِلِينَ، عَلى طَرِيقَةِ اَلِالتِفاتِ، والفاءُ فَصِيحَةٌ، أيْ: إذا كانَتْ سُنَّتُهُ تَعالى ذَلِكَ، فاتَّقَوْنِ، بِما يُنافِيهِ مِنَ اَلْإشْراكِ وفُرُوعَهُ مِنَ اَلِاسْتِعْجالِ. قالَ اَلزَّمَخْشَرِيُّ: ثُمَّ دَلَّ عَلى وحْدانِيَّتِهِ وأنَّهُ لا إلَهَ إلّا هو، بِما ذُكِرَ، مِمّا لا يَقْدِرُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، مِن خَلْقِ اَلسَّماواتِ والأرْضِ، وخَلْقِ اَلْإنْسانِ وما يُصْلِحُهُ، وما لا بُدَّ لَهُ مِنهُ مِن خَلْقِ اَلْبَهائِمِ لِأكْلِهِ ورُكُوبِهِ، وجَرِّ أثْقالِهِ وسائِرِ حاجاتِهِ، وخَلْقِ ما لا يَعْلَمُونَ مِن أصْنافِ خَلائِقِهِ. ومِثْلُهُ مُتَعالٍ عَنْ أنْ يُشْرَكَ بِهِ غَيْرُهُ، بِقَوْلِهِ سُبْحانَهُ: (p-٣٧٧٩)
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب