الباحث القرآني

اَلْقَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٦] ﴿وإذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكم إذْ أنْجاكم مِن آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكم سُوءَ العَذابِ ويُذَبِّحُونَ أبْناءَكم ويَسْتَحْيُونَ نِساءَكم وفي ذَلِكم بَلاءٌ مِن رَبِّكم عَظِيمٌ﴾ . ﴿وإذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكم إذْ أنْجاكم مِن آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكم سُوءَ العَذابِ﴾ أيْ: يَبْغُونَكم إيّاهُ: ﴿ويُذَبِّحُونَ أبْناءَكُمْ﴾ أيِ: اَلْمَوْلُودِينَ صِغارًا: ﴿ويَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ﴾ أيْ: يُبْقُونَهُنَّ في اَلْحَياةِ: ﴿وفِي ذَلِكم بَلاءٌ مِن رَبِّكم عَظِيمٌ﴾ اَلْإشارَةُ إلى فِعْلِ آلِ فِرْعَوْنَ. ونِسْبَتُهُ إلَيْهِ تَعالى لِلْخَلْقِ أوِ اَلْإقْدارِ والتَّمْكِينِ. قِيلَ: كَوْنُ قَتْلِ اَلْأبْناءِ، اِبْتِلاءً ظاهِرٌ. وأمّا اِسْتِحْياءُ اَلنِّساءِ، وهُنَّ اَلْبَناتُ أيِ: اِسْتِبْقاؤُهُنَّ، فَلِأنَّهم كانُوا يَسْتَخْدِمُونَهُنَّ ويُفَرِّقُونَ بَيْنَهُنَّ وبَيْنَ اَلْأزْواجِ، أوْ لِأنَّ بَقاءَهُنَّ دُونَ اَلْبَنِينَ رَزِيَّةٌ في نَفْسِهِ كَما قِيلَ: ؎ومِن أعْظَمِ اَلرُّزْءِ فِيما أرى بَقاءُ اَلْبَناتِ ومَوْتُ اَلْبَنِينا ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ اَلْإشارَةُ إلى اَلْإلْجاءِ مِن ذَلِكَ. و(اَلْبَلاءُ): اَلِابْتِلاءُ بِالنِّعْمَةِ، وهو بَلاءٌ عَظِيمٌ. قالَ اَلزَّمَخْشَرِيُّ: اَلْبَلاءُ يَكُونُ اِبْتِلاءً بِالنِّعْمَةِ والمِحْنَةِ جَمِيعًا. قالَ تَعالى: ﴿ونَبْلُوكم بِالشَّرِّ والخَيْرِ فِتْنَةً﴾ [الأنبياء: ٣٥] وقالَ زُهَيْرٌ: ؎فَأبْلاهُما خَيْرَ اَلْبَلاءِ اَلَّذِي يَبْلُو ولِذا جُوِّزَ أنْ تَكُونَ اَلْإشارَةُ إلى جَمِيعِ ما مَرَّ، اَلشّامِلِ لِلنِّعْمَةِ والنِّقْمَةِ. (p-٣٧١٠)لَطِيفَةٌ: أشارَ أهْلُ اَلْمَعانِي إلى نُكْتَةِ مَجِيءِ: ﴿ويُذَبِّحُونَ﴾ هُنا بِالواوِ، وفي سُورَةِ اَلْبَقَرَةِ: ﴿يُذَبِّحُونَ﴾ [البقرة: ٤٩] وفي اَلْأعْرافِ: ﴿يُقَتِّلُونَ﴾ [الأعراف: ١٤١] بِدُونِها. والقِصَّةُ واحِدَةٌ - بِأنَّهُ حَيْثُ طُرِحَ اَلْواوُ قُصِدَ تَفْسِيرُ اَلْعَذابِ وبَيانُهُ -، فَلَمْ يَعْطِفْ لِما بَيْنَهُما مِن كَمالِ اَلِاتِّصالِ. وحَيْثُ عَطَفَ - كَما هُنا - لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ. والعَذابُ، إنْ كانَ اَلْمُرادُ مِنهُ اَلْجِنْسَ، فالتَّذْبِيحُ لِكَوْنِهِ أشَدَّ أنْواعِهِ، عُطِفَ عَلَيْهِ عَطْفَ جِبْرِيلَ عَلى اَلْمَلائِكَةِ، تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ لِشِدَّتِهِ كَأنَّهُ لَيْسَ مِن ذَلِكَ اَلْجِنْسِ. وإنْ كانَ اَلْمُرادُ بِهِ غَيْرَهُ، كاسْتِرْقاقِهِمْ واسْتِعْمالِهِمْ في اَلْأعْمالِ اَلشّاقَّةِ، فَهُما مُتَغايِرانِ، والمَحَلُّ مَحَلُّ اَلْعَطْفِ. وجُوِّزَ أيْضًا كَوْنُ اَلْعَطْفِ هُنا لِلتَّفْسِيرِ وكَأنَّ اَلتَّفْسِيرَ - لِكَوْنِهِ أوْفى بِالمُرادِ وأظْهَرُ - بِمَنزِلَةِ اَلْمُغايِرِ فَلِذا عُطِفَ. وقَوْلُهُ تَعالى:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب