الباحث القرآني

اَلْقَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [٤٧] ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وعْدِهِ رُسُلَهُ إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ﴾ . ﴿فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وعْدِهِ رُسُلَهُ﴾ أيْ: مِن نَصْرِهِمُ اَلْمُبَيَّنِ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا﴾ [غافر: ٥١] ﴿كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أنا ورُسُلِي﴾ [المجادلة: ٢١] ﴿وعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكم وعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهم في الأرْضِ﴾ [النور: ٥٥] اَلْآيَةَ. واسْتَظْهَرَ أبُو اَلسُّعُودِ: أنَّ اَلْمَعْنى بِالوَعْدِ هُنا عَذابُهُمُ اَلْأُخْرَوِيُّ اَلْمُتَقَدِّمُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّما يُؤَخِّرُهم لِيَوْمٍ﴾ [إبراهيم: ٤٢] إلخ، ولا يَخْفى أنَّ اَلْوَعْدَ قَدْ بُيِّنَ في مِثْلِ اَلْآيَةِ اَلْأخِيرَةِ والأُولَيَيْنِ في مَعْناها. والبَيانُ يَرْفَعُ اَللَّبْسَ. وإنَّما أُوثِرَ تَقْدِيمُ اَلْمَفْعُولِ اَلثّانِي، أعْنِي (وعْدَهُ ) عَلى اَلْأوَّلِ وهو (رُسُلَهُ) لِلْإيذانِ بِالعِنايَةِ بِهِ. فَإنَّ اَلْآيَةَ في سِياقِ اَلْإنْذارِ والتَّهْدِيدِ لِلظّالِمِينَ بِما تَوَعَّدَهُمُ اَللَّهُ بِهِ عَلى ألْسِنَةِ اَلرُّسُلِ. فالمُهِمُّ في اَلتَّهْدِيدِ ذِكْرُ اَلْوَعِيدِ. كَذا في (اَلِانْتِصافِ) . وفِي (اَلْكَشْفِ) تَقْدِيمُهُ لِلِاعْتِناءِ بِهِ وكَوْنِهِ اَلْمَقْصُودَ بِالإفادَةِ. وما ذَكَرَهُ مِمَّنْ وقَعَ اَلْوَعْدُ عَلى لِسانِهِ، إنَّما ذُكِرَ بِطْرِيقِ اَلتَّبَعِ لِلْإيضاحِ، والتَّفْصِيلِ بَعْدَ اَلْإجْمالِ. وهو مِن أُسْلُوبِ اَلتَّرَقِّي كَما في قَوْلِهِ: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ [طه: ٢٥] و: ﴿إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ﴾ أيْ: غالِبٌ لا يُماكَرُ: ﴿ذُو انْتِقامٍ﴾ مِن أعْدائِهِ، نَصْرًا لِأوْلِيائِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب