(p-٣٦٨٦)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ٣٦ ] ﴿والَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْـزِلَ إلَيْكَ ومِنَ الأحْزابِ مَن يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إنَّما أُمِرْتُ أنْ أعْبُدَ اللَّهَ ولا أُشْرِكَ بِهِ إلَيْهِ أدْعُو وإلَيْهِ مَآبِ﴾
﴿والَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْـزِلَ إلَيْكَ﴾ لِأنَّهُ يَحْصُلُ لَهم بِهِ مِنَ المَعانِي والدَّلائِلِ وكَشْفِ الشُّبُهاتِ ما لَمْ يَحْصُلْ لَهم مِن تِلْكَ الكُتُبِ السّالِفَةِ. قِيلَ: عَنى بِهِمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ مِن أهْلِ الكِتابِ، كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، فَإنَّهم يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ مِنَ القُرْآنِ؛ لِما يَرَوْنَ فِيهِ مِنَ الشَّواهِدِ عَلى حَقِّيَّتِهِ الَّتِي لا يُمْتَرى فِيها، ومِنَ المَعارِفِ والمَزايا الباهِرَةِ الَّتِي لا تُحْصى، كَما قالَ تَعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ﴾ [البقرة: ١٢١] ﴿ومِنَ الأحْزابِ﴾ يَعْنِي بَقِيَّةَ أهْلِ الكِتابِ والمُشْرِكِينَ ﴿مَن يُنْكِرُ بَعْضَهُ﴾ وهو ما يُخالِفُ مُعْتَقَدَهُمْ، وجُوِّزَ أنْ يُرادَ (بِالمَوْصُولِ) مَن يَفْرَحُ بِهِ مِنهم لِمُجَرَّدِ تَصْدِيقِهِ لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وتَعْظِيمِهِ لَهُ وإنْ لَمْ يُؤْمِنُوا. وبِـ (الأحْزابِ) المُشْرِكُونَ، خاصَّةً المُنْكِرِينَ لِما فِيهِ مِنَ التَّوْحِيدِ. ولِذا أمَرَ بِرَدِّ إنْكارِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿قُلْ إنَّما أُمِرْتُ أنْ أعْبُدَ اللَّهَ ولا أُشْرِكَ بِهِ إلَيْهِ أدْعُو﴾ أيْ: لا إلى غَيْرِهِ ﴿وإلَيْهِ مَآبِ﴾ أيْ: مَرْجِعِي لِلْجَزاءِ، لا إلى غَيْرِهِ.
{"ayah":"وَٱلَّذِینَ ءَاتَیۡنَـٰهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ یَفۡرَحُونَ بِمَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكَۖ وَمِنَ ٱلۡأَحۡزَابِ مَن یُنكِرُ بَعۡضَهُۥۚ قُلۡ إِنَّمَاۤ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ ٱللَّهَ وَلَاۤ أُشۡرِكَ بِهِۦۤۚ إِلَیۡهِ أَدۡعُوا۟ وَإِلَیۡهِ مَـَٔابِ"}