القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ٢٨ ] ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِذِكْرِ اللَّهِ ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾
﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ بَدَلٌ مِن (مَن أنابَ) أيْ: آمَنُوا بِاللَّهِ ورَسُولِهِ وكِتابِهِ ﴿وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهم بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ أيْ تَسْكُنُ وتَخْشى عِنْدَ ذِكْرِهِ، وتَرْضى بِهِ مَوْلًى ونَصِيرًا. والعُدُولُ إلى صِيغَةِ المُضارِعِ لِإفادَةِ دَوامِ الِاطْمِئْنانِ واسْتِمْرارِهِ ﴿ألا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ﴾ أيْ: بِذِكْرِهِ دُونَ غَيْرِهِ تَسْكُنُ القُلُوبُ أُنْسًا بِهِ، واعْتِمادًا عَلَيْهِ، ورَجاءً مِنهُ. وقَدَّرَ بَعْضُهم مُضافًا، أيْ بِذِكْرِ رَحْمَتِهِ ومَغْفِرَتِهِ، أوْ بِذِكْرِ دَلائِلِهِ الدّالَّةِ عَلى وحْدانِيَّتِهِ. ورَأى آخَرُونَ أنَّ المُرادَ (p-٣٦٧٧)﴿بِذِكْرِ اللَّهِ﴾ القُرْآنُ؛ لِأنَّهُ يُسَمّى ذِكْرًا، كَما قالَ تَعالى: ﴿وهَذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أنْـزَلْناهُ﴾ [الأنبياء: ٥٠] وقالَ سُبْحانَهُ: ﴿إنّا نَحْنُ نَـزَّلْنا الذِّكْرَ وإنّا لَهُ لَحافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩] لِأنَّهُ آيَةٌ بَيِّنَةٌ تُسْكِنُ القُلُوبَ، وتُثَبِّتُ اليَقِينَ فِيها. وهَذا المَعْنى يُناسِبُ قَوْلَهُ: ﴿لَوْلا أُنْـزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِن رَبِّهِ﴾ [الرعد: ٢٧] أيْ: هَؤُلاءِ يُنْكِرُونَ كَوْنَهُ آيَةً، والمُؤْمِنُونَ يَعْلَمُونَ أنَّهُ أعْظَمُ آيَةٍ تَطْمَئِنُّ لَها قُلُوبُهم بِبَرْدِ اليَقِينِ. قالَ الشِّهابُ: وهو أنْسَبُ الوُجُوهِ.
{"ayah":"ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَتَطۡمَىِٕنُّ قُلُوبُهُم بِذِكۡرِ ٱللَّهِۗ أَلَا بِذِكۡرِ ٱللَّهِ تَطۡمَىِٕنُّ ٱلۡقُلُوبُ"}