(p-٣٦٧٢)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ١٨ ] ﴿لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الحُسْنى والَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أنَّ لَهم ما في الأرْضِ جَمِيعًا ومِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهم سُوءُ الحِسابِ ومَأْواهم جَهَنَّمُ وبِئْسَ المِهادُ﴾
﴿لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الحُسْنى﴾ أيْ: لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ بِطاعَتِهِ وطاعَةِ رَسُولِهِ، المَثُوبَةُ الحُسْنى كَما قالَ تَعالى: ﴿لِلَّذِينَ أحْسَنُوا الحُسْنى وزِيادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦] فالحُسْنى مُبْتَدَأٌ قُدِّمَ عَلَيْهِ خَبَرُهُ المَوْصُولُ ﴿والَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ﴾ وهُمُ الكَفَرَةُ ﴿لَوْ أنَّ لَهم ما في الأرْضِ جَمِيعًا ومِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ﴾ أيْ: بِما في الأرْضِ ومِثْلَهُ مَعَهُ مِن أصْنافِ الأمْوالِ؛ لِيَتَخَلَّصُوا عَمّا بِهِمْ. وفِيهِ مِن تَهْوِيلِ ما يَلْقاهم ما لا يُحِيطُ بِهِ البَيانُ، ولِأجْلِهِ عَدَلَ عَنْ أنْ يُقالَ: ولِلَّذِينِ لَمْ يَسْتَجِيبُوا السُّوأى، كَما تَقْتَضِيهِ المُقابَلَةُ ﴿أُولَئِكَ لَهم سُوءُ الحِسابِ﴾ أيْ: في الدّارِ الآخِرَةِ، فَيُناقَشُونَ عَلى الجَلِيلِ والحَقِيرِ ﴿ومَأْواهم جَهَنَّمُ وبِئْسَ المِهادُ﴾ أيِ: المُسْتَقَرُّ. وفي قَوْلِهِ ﴿ومَأْواهم جَهَنَّمُ﴾ إشْعارٌ بِتَفْسِيرِ الحُسْنى بِالجَنَّةِ؛ لِانْفِهامِها مِن مُقابَلَتِها.
{"ayah":"لِلَّذِینَ ٱسۡتَجَابُوا۟ لِرَبِّهِمُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱلَّذِینَ لَمۡ یَسۡتَجِیبُوا۟ لَهُۥ لَوۡ أَنَّ لَهُم مَّا فِی ٱلۡأَرۡضِ جَمِیعࣰا وَمِثۡلَهُۥ مَعَهُۥ لَٱفۡتَدَوۡا۟ بِهِۦۤۚ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ لَهُمۡ سُوۤءُ ٱلۡحِسَابِ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ"}