الباحث القرآني

(p-٣٥٤٠)القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٣٨ ] ﴿واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إبْراهِيمَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وعَلى النّاسِ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ ﴿واتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إبْراهِيمَ وإسْحاقَ ويَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وعَلى النّاسِ ولَكِنَّ أكْثَرَ النّاسِ لا يَشْكُرُونَ﴾ هَذِهِ الجُمْلَةُ إمّا مَسُوقَةٌ لِبَيانِ عِلَّةِ تَعْلِيمِ اللَّهِ لَهُ بِالوَحْيِ والإلْهامِ، أيْ خَصَّنِي بِذَلِكَ لِتَرْكِ الكُفْرِ، وسُلُوكِ طَرِيقِ آبائِي المُرْسَلِينَ، أوْ كَلامٌ مُسْتَأْنِفٌ، ذُكِرَ تَمْهِيدًا لِلدَّعْوَةِ، وإظْهارَ أنَّهُ مِن بَيْتِ النُّبُوَّةِ، لِتَقْوى رَغْبَتُهُما في الِاسْتِماعِ إلَيْهِ، والوُثُوقِ بِهِ، والمُرادُ بِتَرْكِهِ مِلَّةَ الكُفْرِ الِامْتِناعُ عَنْها رَأْسًا، كَما يُفْصِحُ عَنْهُ قَوْلُهُ: ﴿ما كانَ لَنا أنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ﴾ أيْ ما صَحَّ ولا اسْتَقامَ ذَلِكَ لَنا، فَضْلًا عَنِ الوُقُوعِ. وإنَّما عَبَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ؛ لِكَوْنِهِ أدْخَلَ بِحِسابِ الظّاهِرِ في اقْتِدائِهِما بِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ، والتَّخْصِيصُ بِهِمْ مَعَ أنَّ الشِّرْكَ لا يَصِحُّ مِن غَيْرِهِمْ أيْضًا؛ لِأنَّهُ يَثْبُتُ بِالطَّرِيقِ الأُولى. أوِ المُرادُ نَفْيُ الوُقُوعِ مِنهم لِعِصْمَتِهِمْ. وتَكْرِيرُ (هُمْ) لِلدَّلالَةِ عَلى اخْتِصاصِهِمْ، وتَأْكِيدِ كُفْرِهِمْ بِالآخِرَةِ، وزِيادَةُ (مِن) في المَفْعُولِ، أعْنِي " مِن شَيْءٍ"؛ لِتَأْكِيدِ العُمُومِ، أيْ لا نُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا مِنَ الأشْياءِ، قَلِيلًا أوْ حَقِيرًا، صَنَمًا أوْ مَلِكًا أوْ جِنِّيًّا أوْ غَيْرَ ذَلِكَ. وقَوْلُهُ: ﴿ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنا وعَلى النّاسِ﴾ يَعْنِي عَدَمَ الإشْراكِ بِاللَّهِ، وهو التَّوْحِيدُ، مِن نِعَمِ اللَّهِ العامَّةِ، الَّتِي يَجِبُ شُكْرُهُ تَعالى عَلى الهِدايَةِ لَها بِالفِطَرِ السَّلِيمَةِ، ونَصْبِ الدَّلائِلِ الأنْفُسِيَّةِ والآفاقِيَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب