الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٢٠ ] ﴿وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ﴾ ﴿وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وكانُوا فِيهِ مِنَ الزّاهِدِينَ﴾ الضَّمِيرُ (p-٣٥٢٣)فِي (أسَرُّوهُ) و(شَرَوْهُ) لِلسَّيّارَةِ؛ لِأنَّها بِمَعْنى القَوْمِ السّائِرِينَ. وقَدْ رُوِيَ أنَّهم كانُوا تُجّارًا مِن بَلْدَةِ مَدْيَنَ. فَلَمّا أصْعَدَ وارِدُهم يُوسُفَ، وضَمُّوهُ إلى بِضاعَتِهِمْ؛ باعُوهُ لِقافِلَةٍ مَرَّتْ بِهِمْ سائِرَةً إلى مِصْرَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا مِنَ الفِضَّةِ، ثُمَّ أتَوْا بِيُوسُفَ إلى مِصْرَ. و(دَراهِمَ) بَدَلٌ مِنَ الثَّمَنِ. و(المَعْدُودُ)، كِنايَةٌ عَنِ القَلِيلِ؛ لِأنَّ الكَثِيرَ يُوزَنُ عِنْدَهم. و(الزُّهْدُ) فِيهِ بِمَعْنى الرَّغْبَةِ عَنْهُ. فَوائِدُ: قالَ في (الإكْلِيلِ)، اسْتَنْبَطَ النّاسُ مِن هَذِهِ الآيَةِ أحْكامَ اللَّقِيطِ، فَأخَذُوا مِنها أنَّ اللَّقِيطَ يُؤْخَذُ ولا يُتْرَكُ. ومِن قَوْلِهِ: (هَذا غُلامٌ) أنَّهُ كانَ صَغِيرًا، وأنَّ الِالتِقاطَ خاصٌّ بِهِ، فَلا يُلْتَقَطُ الكَبِيرُ، وكَذا قَوْلُهُ: ﴿وأخافُ أنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ﴾ [يوسف: ١٣] لِأنَّ ذَلِكَ أمْرٌ يَخْتَصُّ بِالصِّغارِ. ومِن قَوْلِهِ: ﴿وشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ أنَّ اللَّقِيطَ يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وأنَّ ثَمَنَ الحُرِّ حَرامٌ. قالَ بَعْضُهُمْ: وجْهُ الِاسْتِدْلالِ لِأنَّهم باعُوهُ بِثَمَنٍ حَقِيرٍ لِكَوْنِهِ لَقِيطًا، وهو لا يُمْلَكُ؛ إذْ لَوْ مُلِكَ اسْتَوْفَوْا ثَمَنَهُ. قالَ بَعْضُ الزَّيْدِيَّةِ، ورَدَّ هَذا الِاسْتِدْلالَ بِأنَّ فِعْلَهم لَيْسَ شَرِيعَةً. وأمّا الآنَ فَلا شُبْهَةَ أنَّ ظاهِرَ اللَّقِيطِ الحُرِّيَّةُ، كَما أنَّ ظاهِرَهُ الإسْلامُ. اهـ. قالَ المَهايِمِيُّ: ومِنَ الفَوائِدِ أنَّ الفَرَجَ قَدْ يَحْصُلُ مِن حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، وأنَّهُ يَنْتَظِرُ لِلشِّدَّةِ. وأنَّ مَن خَرَجَ لِطَلَبِ شَيْءٍ قَدْ يَجِدُ ما لَمْ يَكُنْ في خاطِرِهِ. وأنَّ الشَّيْءَ الخَطِيرَ قَدْ يَعْرِضُ فِيهِ ما يُهَوِّنُهُ. وأنَّ البُشْرى قَدْ يَعْقُبُها الحُزْنُ، والعِزَّةُ قَدْ يَعْقُبُها الذِّلَّةُ. وبِالعَكْسِ. اهـ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب