الباحث القرآني
القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى:
[ ٨٥ ] ﴿ويا قَوْمِ أوْفُوا المِكْيالَ والمِيزانَ بِالقِسْطِ ولا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهم ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾
﴿ويا قَوْمِ أوْفُوا المِكْيالَ والمِيزانَ بِالقِسْطِ﴾ أيِ العَدْلِ.
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَإنْ قُلْتَ: النَّهْيُ عَنِ النُّقْصانِ أمْرٌ بِالإيفاءِ، فَما فائِدَةُ قَوْلِهِ: ﴿أوْفُوا﴾ ؟
(p-٣٤٧٦)قُلْتُ: نُهُوا أوَّلًا عَنْ عَيْنِ القُبْحِ الَّذِي كانُوا عَلَيْهِ مِن نَقْصِ المِكْيالِ والمِيزانِ؛ لِأنَّ في التَّصْرِيحِ بِالقَبِيحِ نَعْيًا عَلى المَنهِيِّ، وتَسْيِيرًا لَهُ. ثُمَّ ورَدَ الأمْرُ بِالإيفاءِ، الَّذِي هو حَسَنٌ في العُقُولِ، مُصَرَّحًا بِلَفْظِهِ لِزِيادَةِ تَرْغِيبٍ فِيهِ، وبَعْثٍ عَلَيْهِ، وجِيءَ بِهِ مُقَيَّدًا (بِالقِسْطِ) أيْ لِيَكُنِ الإيفاءُ عَلى وجْهِ العَدْلِ والتَّسْوِيَةِ، مِن غَيْرِ زِيادَةٍ ولا نُقْصانٍ أمْرًا بِما هو الواجِبُ؛ لِأنَّ ما جاوَزَ العَدْلَ فَضْلٌ، وأمْرٌ مَندُوبٌ إلَيْهِ، وفِيهِ تَوْقِيفٌ عَلى أنَّ المُوَفِّيَ عَلَيْهِ أنْ يَنْوِيَ بِالوَفاءِ القِسْطِ؛ لِأنَّ الإيفاءَ وجْهُ حُسْنِهِ أنَّهُ قِسْطٌ وعَدْلٌ. فَهَذِهِ ثَلاثُ فَوائِدَ. انْتَهى-.
﴿ولا تَبْخَسُوا النّاسَ أشْياءَهُمْ﴾ أيْ لا تَنْقُصُوهم حُقُوقَهم بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ، كالكَيْلِ والوَزْنِ وغَيْرِهِما، فَهو تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ؛ لِأنَّهُ أعَمُّ مِن أنْ يَكُونَ في المِقْدارِ وغَيْرِهِ. والبَخْسُ: الهَضْمُ والنَّقْصُ. ويُقالُ لِلْمَكْسِ: البَخْسُ، قالَ زُهَيْرٌ:
؎أفِي كُلِّ أسْواقِ العِراقِ إتاوَةٌ وفي كُلِّ ما باعَ امْرُؤٌ بَخْسُ دِرْهَمِ
؎ألا تَسْتَحِي مِنّا مُلُوكٌ وتَتَّقِي ∗∗∗ مَحارِمَنا. لا تَتَّقِي الدَّمَ بِالدَّمِ
ورُوِيَ (مَكْسِ دِرْهَمٍ). يُرِيدُ زُهَيْرٌ: أخْذَ الخَراجِ، وما هو اليَوْمَ في الأسْواقِ مِن رُسُومٍ وظُلْمٍ. وكانَ قَوْمُ شُعَيْبٍ يَأْخُذُونَ مِن كُلِّ شَيْءٍ يُباعُ شَيْئًا، كَما تَفْعَلُ السَّماسِرَةُ، (p-٣٤٧٧)أوْ كانُوا يَمْكُسُونَ النّاسَ، أوْ كانُوا يَنْقُصُونَ مِن أثْمانِ ما يَشْتَرُونَ مِنَ الأشْياءِ، فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ -كَذا في (الكَشّافِ) و(شَرْحِهِ).
قالَ القاشانِيُّ: لَمّا رَأى شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلامُ، ضَلالَتُهم بِالشِّرْكِ، واحْتِجابُهم عَنِ الحَقِّ بِالجِبْتِ، وتَهالُكُهم عَلى كَسْبِ الحُطامِ بِأنْواعِ الرَّذائِلِ، وتَمادِيهِمْ في الحِرْصِ عَلى جَمْعِ المالِ بِأسْوَأِ الخِصالِ -نَهاهم عَنْ ذَلِكَ، وقالَ: إنِّي أراكم بِخَيْرٍ في اسْتِعْدادِكم مِن إمْكانِ حُصُولِ كَمالٍ وقَبُولِ هِدايَةٍ، وإنِّي أخافُ عَلَيْكم إحاطَةَ خَطِيئاتِكم؛ لِاحْتِجابِكم عَنِ الحَقِّ، ووُقُوفِكم مَعَ الغَيْرِ، وصَرْفِ أفْكارِكم بِالكُلِّيَّةِ إلى طَلَبِ المَعاشِ، وإعْراضِكم عَنِ المَعادِ، وقُصُورِ هِمَمِكم عَلى إحْرازِ الفاسِداتِ الفانِياتِ، عَنْ تَحْصِيلِ الباقِياتِ الصّالِحاتِ، فَلازِمُوا التَّوْحِيدَ والعَدالَةَ واعْتَزِلُوا عَنِ الشِّرْكِ والظُّلْمِ، الَّذِي هو جِماعُ الرَّذائِلِ وأُمُّ الغَوائِلِ.
﴿ولا تَعْثَوْا في الأرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ أيْ لا تَعْمَلُوا فِيها الفَسادَ. يَعُمُّ أيْضًا تَنْقِيصَ الحُقُوقِ وغَيْرَهُ، كالسَّرِقَةِ والشِّرْكِ، والدُّعاءِ إلَيْهِ، والصَّدِّ عَنِ الإيمانِ ونَحْوِها.
{"ayah":"وَیَـٰقَوۡمِ أَوۡفُوا۟ ٱلۡمِكۡیَالَ وَٱلۡمِیزَانَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا تَبۡخَسُوا۟ ٱلنَّاسَ أَشۡیَاۤءَهُمۡ وَلَا تَعۡثَوۡا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق