الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١١٧ ] ﴿وما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأهْلُها مُصْلِحُونَ﴾ ﴿وما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرى بِظُلْمٍ وأهْلُها مُصْلِحُونَ﴾ أيْ بِأمْرِهِمْ بِالمَعْرُوفِ، ونَهْيِهِمْ عَنِ المُنْكَرِ. و(بِظُلْمٍ) الباءُ فِيهِ إمّا لِلْمُلابَسَةِ، وهو حالٌ مِنَ الفاعِلِ، أيِ اسْتَحالَ في الحِكْمَةِ أنْ يُهْلِكَ القُرى ظالِمًا لَها، وتَنْكِيرُهُ لِلتَّفْخِيمِ، والإيذانِ بِأنَّ إهْلاكَ المُصْلِحِينَ ظُلْمٌ عَظِيمٌ. أوْ لِلسَّبَبِيَّةِ. والظُّلْمُ: الشِّرْكُ، أيْ: لا يُهْلِكُ القُرى بِسَبَبِ إشْراكِ أهْلِها وهم مُصْلِحُونَ، يَتَعاطَوْنَ الحَقَّ فِيما بَيْنَهُمْ، ولا يَضُمُّونَ إلى شِرْكِهِمْ فَسادًا آخَرَ، وذَلِكَ لِفَرْطِ رَحْمَتِهِ ومُسامَحَتِهِ في حُقُوقِهِ تَعالى. ولِذا قِيلَ: (يَبْقى المُلْكُ مَعَ الشِّرْكِ، ولا يَبْقى مَعَ الظُّلْمِ) وهَذا، وإنْ كانَ صَحِيحًا، إلّا أنَّ مَقامَ دَعْوَةِ الرُّسُلِ إلى التَّوْحِيدِ، ومَحْوِ الشِّرْكِ أوَّلًا، ثُمَّ إلى الِاسْتِقامَةِ في المُعامَلاتِ ثانِيًا؛ يَقْضِي بِحَمْلِ (الظُّلْمِ) هُنا عَلى ما هو أعَمُّ مِنَ الشِّرْكِ، وأصْنافِ المَعاصِي. وحَمْلِ الإصْلاحِ عَلى إصْلاحِهِ، والإقْلاعِ عَنْهُ بِكَوْنِ بَعْضِهِمْ مُتَصَدِّينَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وبَعْضُهم مُتَّجِهِينَ إلى الِاتِّعاظِ، غَيْرَ مُصِرِّينَ عَلى ما هم عَلَيْهِ مِنَ الشِّرْكِ ونَحْوَهُ. كَذا أشارَ لَهُ أبُو السُّعُودِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب