الباحث القرآني

(p-٦٢٥٣)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ سُورَةُ الهُمَزَةِ مَكِّيَّةٌ، وآيُها تِسْعٌ. (p-٦٢٥٤)بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ١ - ٣ ] ﴿ويْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ ﴿الَّذِي جَمَعَ مالا وعَدَّدَهُ﴾ [الهمزة: ٢] ﴿يَحْسَبُ أنَّ مالَهُ أخْلَدَهُ﴾ [الهمزة: ٣] ﴿ويْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ﴾ أيْ: لِكُلِّ مَن يَطْعَنُ في أعْراضِ النّاسِ ويَغْتابُهم. أصْلُهُ مِنَ الهَمْزِ بِمَعْنى الكَسْرِ، ومِنَ اللَّمْزِ بِمَعْنى الطَّعْنِ الحَقِيقِيَّيْنِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ لِذَلِكَ ثُمَّ صارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيهِ. قالَ زِيادٌ الأعْجَمُ: ؎تُدْلى بِوُدٍّ إذا لاقَيْتَنِي كَذِبًا وإنْ أُغَيَّبْ فَأنْتَ الهامِزُ اللُّمَزَهْ وبِناءُ (فُعَلَةٍ) يَدُلُّ عَلى أنَّ ذَلِكَ عادَةٌ مِنهُ قَدْ ضَرِيَ بِها، لِأنَّهُ مِن صِيَغِ المُبالَغَةِ، والآيَةُ عُنِيَ بِها مَن كانَ مِنَ المُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، هَمّازًا لَمّازًا. كَما في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ أجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ﴾ [المطففين: ٢٩] ﴿وإذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ﴾ [المطففين: ٣٠] وقَوْلُهُ: ﴿هَمّازٍ مَشّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ [القلم: ١١] الآياتِ؛ فالسَّبَبُ وإنْ يَكُنْ خاصًّا، إلّا أنَّ الوَعِيدَ عامٌّ يَتَناوَلُ كُلَّ مَن باشَرَ ذَلِكَ القَبِيحَ. وسِرُّ وُرُودِهِ عامًّا لِيَكُونَ جارِيًا مَجْرى التَّعْرِيضِ بِالوارِدِ فِيهِ، فَإنَّ ذَلِكَ أزْجَرُ لَهُ وأنْكى فِيهِ. ﴿الَّذِي جَمَعَ مالا وعَدَّدَهُ﴾ [الهمزة: ٢] أيْ: أحْصى عَدَدَهُ ولَمْ يُنْفِقْهُ في وُجُوهِ البِرِّ. قالَ الإمامُ: أيْ: أنَّ الَّذِي يَحْمِلُهُ عَلى الحَطِّ مِن أقْدارِ النّاسِ، هو جَمْعُهُ المالَ وتَعْدِيدُهُ. أيْ: عَدُّهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى، شَغَفًا بِهِ وتَلَذُّذًا بِإحْصائِهِ؛ لِأنَّهُ لا يَرى عِزًّا ولا شَرَفًا ولا مَجْدًا في سِواهُ، (p-٦٢٥٥)فَكُلَّما نَظَرَ إلى كَثْرَةِ ما عِنْدَهُ مِنهُ، انْتَفَخَ وظَنَّ أنَّهُ مِن رِفْعَةِ المَكانَةِ، بِحَيْثُ يَكُونُ كُلُّ ذِي فَضْلٍ ومَزِيَّةٍ دُونَهُ، فَهو يَهْزَأُ بِهِ ويَهْمِزُهُ ويَلْمِزُهُ، ثُمَّ لا يَخْشى أنْ تُصِيبَهُ عُقُوبَةٌ عَلى الهَمْزِ واللَّمْزِ وتَمْزِيقِ العِرْضِ؛ لِأنَّ غُرُورَهُ بِالمالِ أنْساهُ المَوْتَ وصَرَفَ عَنْهُ ذِكْرَ المَآلِ فَهو ﴿يَحْسَبُ أنَّ مالَهُ أخْلَدَهُ﴾ [الهمزة: ٣] أيْ: يَظُنُّ أنَّ مالَهُ الَّذِي جَمَعَهُ وأحْصاهُ وبَخِلَ بِإنْفاقِهِ، مُخَلِّدُهُ في الدُّنْيا، فَمُزِيلٌ عَنْهُ المَوْتَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب