الباحث القرآني

القَوْلُ في تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعالى: [ ٦ - ١١ ] ﴿فَأمّا مَن ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ﴾ ﴿فَهُوَ في عِيشَةٍ راضِيَةٍ﴾ [القارعة: ٧] ﴿وأمّا مَن خَفَّتْ مَوازِينُهُ﴾ [القارعة: ٨] ﴿فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ﴾ [القارعة: ٩] ﴿وما أدْراكَ ما هِيَهْ﴾ [القارعة: ١٠] ﴿نارٌ حامِيَةٌ﴾ [القارعة: ١١] ﴿فَأمّا مَن ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ﴾ ﴿فَهُوَ في عِيشَةٍ راضِيَةٍ﴾ [القارعة: ٧] قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: أيْ: فَأمّا مَن ثَقُلَتْ مَوازِينُ حَسَناتِهِ، يَعْنِي بِالمَوازِينِ الوَزْنَ. والعَرَبُ تَقُولُ: (لَكَ عِنْدِي دِرْهَمٌ بِمِيزانِ دِرْهَمِكَ)، ويَقُولُونَ: (دارِي بِمِيزانِ دارِكَ ووَزْنِ دارِكَ)، يُرادُ حِذاءَ دارِكَ. قالَ الشّاعِرُ: ؎قَدْ كُنْتُ قَبْلَ لِقائِكم ذا مِرَّةٍ عِنْدِي لِكُلِّ مُخاصِمٍ مِيزانُهُ (p-٦٢٤٤)يَعْنِي بِقَوْلِهِ: (مِيزانُهُ) كَلامُهُ وما يَنْقُضُ عَلَيْهِ حُجَّتَهُ. وكانَ مُجاهِدٌ يَقُولُ: لَيْسَ مِيزانٌ، إنَّما هو مَثَلٌ ضُرِبَ. انْتَهى. وعَلَيْهِ فالمَوازِينُ جَمْعُ مِيزانٍ. وجُوِّزَ كَوْنُهُ جَمْعَ مَوْزُونٍ، وهو العَمَلُ الَّذِي لَهُ خَطَرٌ ووَزْنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعالى. ومَعْنى قَوْلِهِ: "فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ" أيْ: في عِيشَةٍ قَدْ رَضِيَها في الجَنَّةِ، فَـ "راضِيَةٍ" بِمَعْنى مَرْضِيَّةٍ عَلى التَّجَوُّزِ في الكَلِمَةِ نَفْسِها أوْ في إسْنادِها، أوِ اسْتِعارَةٌ مَكْنِيَّةٌ وتَخْيِيلِيَّةٌ. ﴿وأمّا مَن خَفَّتْ مَوازِينُهُ﴾ [القارعة: ٨] أيْ: وزْنُ حَسَناتِهِ. ﴿فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ﴾ [القارعة: ٩] أيْ: فَمَأْواهُ ومَسْكَنُهُ الهاوِيَةُ الَّتِي يَهْوِي فِيها عَلى رَأْسِهِ في جَهَنَّمَ. قالَ الشِّهابُ: فَسَمّى المَأْوى (أُمًّا) عَلى التَّشْبِيهِ تَهَكُّمًا؛ لِأنَّ أُمَّ الوَلَدِ مَأْواهُ ومَقَرُّهُ. وفي (التَّأْوِيلاتِ): قِيلَ المُرادُ أُمُّ رَأْسِهِ، أيْ: يُلْقى في النّارِ مَنكُوسًا عَلى رَأْسِهِ. انْتَهى. والأوَّلُ هو المُوافِقُ لِقَوْلِهِ: ﴿وما أدْراكَ ما هِيَهْ﴾ [القارعة: ١٠] ﴿نارٌ حامِيَةٌ﴾ [القارعة: ١١] فَإنَّهُ تَقْرِيرٌ لَها بَعْدَ إبْهامِها، والإشْعارُ بِخُرُوجِها عَنِ الحُدُودِ المَعْهُودَةِ لِلتَّهْوِيلِ. أصْلُ "ما هِيَهْ" ما هِيَ، كِنايَةٌ عَنِ الهاوِيَةِ فَأدْخَلَ في آخِرِها هاءَ السَّكْتِ وقْفًا. وتُحْذَفُ وصْلًا، وقَدْ أُجِيزَ إثْباتُها مَعَ الوَصْلِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب